الأقباط متحدون - الثورة الثقافية بعد السياسية
أخر تحديث ١٩:٢٦ | الخميس ٤ يوليو ٢٠١٣ | ٢٧ بؤونة ١٧٢٩ ش | العدد ٣١٧٧ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الثورة الثقافية بعد السياسية

بقلم: مؤمن سلام
في أربعة أيام حاسمة نجحت ثورة الأمة المصرية فى الإطاحة بحكم الإخوان المسلمين، وربما سقط مشروع الإسلام السياسي إلى الأبد. ولكن هل انتهت المعركة وانتصرنا انتصارا نهائيا؟ الإجابة في رأي لا. فقد أمنت دائما أن الصراع مع جماعات الإسلام السياسي هو صراع ثقافي حضاري له انعكاسات سياسية. فالإخوان المسلمين قبل أن يصلوا إلى الحكم عملوا على التغلغل في عقول وقلوب المصريين، ونجحوا إلى حد بعيد في إحداث تشوهات في الثقافة المصرية، وذلك عن طريق سيطرتهم على القطاعات التى تتعامل مع العقل المصري. 
 
فقد سيطرت هذه الجماعات أول ما سيطرت على مساجد مصر حيث استطاعت أن تبث فكرها المتطرف وثقافتها البدوية في عقول المصريين وتحولهم من أمة مصرية تتبنى التدين البسيط المعتدل أقرب إلى العلمانية، إلى شعب يرى الكثيرين فيه أن انتماءهم للدين وليس للأرض ويتبنون نمط حياة متطرف أقرب إلى الأصولية. وكان الأخطر تغلغلهم في وزارة التربية والتعليم وسيطرتهم على عقول أبناءنا اليافعين الذين لم تتشكل عقولهم بعد، فقاموا بتشويهها منذ الصغر وتربيتها على أفكارهم المتطرفة الغريبة على المجتمع المصري.
 
ولهذا فإن ما حدث بالأمس هو مجرد استأصل للورم السرطاني من جسد الأمة المصرية، يجب أن يتبعه علاج كيمائي للتأكد من عدم عودة الورم السرطاني مرة أخرى، وهو ما اسمية الثورة الثقافية على الثقافة الأصولية والتي كان انتشارها السبب الرئيسي في كثير من الأزمات والمشاكل التى تعرضت لها مصر منذ بداية السبعينات وحتى الآن. فبدون هذه الثورة الثقافية على أفكار الإسلام السياسي ستظل مصر مهددة بعودة هذه الجماعات وعودة إرهابها وربما للحكم ولكن ربما لا نستطيع التخلص منهم مرة أخرى. وهو ما عبر عنه الكثيرين أثناء حكم السادات ومبارك بأن المواجهة الأمنية مع هذه الجماعات غير كافية ولابد من المواجهة الفكرية.
 
لقد أحسنت الإدارة المصرية الجديد إذ أعلنت إغلاق قنوات الإسلام السياسي على النيل سات وأرجو أن يكون هذا الإجراء قرار نهائي وأبدي وليس مؤقت لمجرد محاصرة الإسلاميين في هذا الوقت الحرج. وهو إجراءا لطالما طالبنا به منذ 2009 وطالبنا أن تقتصر القنوات الدينية على قناتين فقط، واحدة إسلامية تكون تابعة للأزهر والأخرى مسيحية تكون تابعة للكنيسة. ولكن هذا الإجراء ليس كافيا، فهناك الكثير من الإجراءات التى يجب اتخاذها من أجل إنجاح الثورة الثقافية المصرية وهى عملية تقوم على ما يطلق علية الصوفية "التخلية والتحلية".
 
فتحت بند التخلية، يجب أن تتخذ مجموعة من الإجراءات للتخلص من كل مصادر الثقافة الأصولية والأفكار المتطرفة ومنع بثها في عقول المصريين البسطاء. فيجب أن يكون إغلاق القنوات الدينية قرار نهائي لا رجعة فيه، كما يجب منع أي خطيب مسجد لا ينتمي للأزهر دراستا ومنهجا من اعتلاء المنابر، ومعاقبة كل من يستخدم المسجد لأهداف سياسية. والأهم من ذلك يجب تتبع كل مدرس ومدرسة ينتمون للتيار الأصولي وتحويلهم إلى وظائف إدارية لإبعادهم عن التلاعب بعقول الأطفال، كما يجب معاقبة أي مدرس ومدرسة يخرج عن إطار المنهج الدراسي بإلغاء أجزاء من المنهج المقرر باعتبارها كفر أو مضادة للدين، ويجب رفت بل وسجن كل مدرسة أو مدرسة يمارس التمييز بين الطلاب. ببساطة عملية تجفيف للمنابع الثقافية للفكر الأصولي المتطرف.
 
أما التحلية فتقوم على بث الأفكار الحداثية في الأمة المصرية ونقد للفكر الأصولي وعملية إصلاح ديني يقوم به رجال دين مستنيرين من أمثال الإمام محمد عبده. هذه العملية طويلة الأمد لابد أن تقوم ببناء العقلية النقدية على حساب العقلية النقلية، التأسيس للتفكير العلمي بدلا من التفكير الخرافي، بث ثقافة الحرية والديمقراطية والمواطنة والجمال على حساب ثقافة السمع والطاعة والاستبداد والعنصرية والقبح. كما يجب أن تقوم باستعادة الهوية المصرية بدلا من الهويات الدينية والعرقية. 
 
هذه الثورة الثقافية يجب أن يشارك فيها كل قطاعات المجتمع القادرة على القيام بهذه الثورة. يجب أن تتم بمشاركة الدولة خاصة وزاراتي التربية والتعليم والثقافة، والمجتمع المدني، والإعلام، والمؤسسات الدينية. يجب أن تكون حملة شاملة للتخلص من الفكر البدوي الوهابي والعودة إلى الفكر المصري الإنساني الحضاري. 
ولسوف ننتصر في ثورتنا الثقافية كما انتصرنا في ثورتنا السياسية.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter