بقلم : يوسف سيدهم
كتبت الأسبوع الماضي عما ينتظر مسار ثورة30يونيو سواء كان ما يفسد فرحتها بالانتصار بسبب تشبث الإخوان باستعادة محمد مرسي وتهديدهم باستدراج مصر إلي حلقة كريهة من حلقات الإرهاب والدم
كتبت الأسبوع الماضي عما ينتظر مسار ثورة30يونيو سواء كان ما يفسد فرحتها بالانتصار بسبب تشبث الإخوان باستعادة محمد مرسي وتهديدهم باستدراج مصر إلي حلقة كريهة من حلقات الإرهاب والدم,أو ما يواجه المصريين من تحديات في المرحلة الانتقالية الحالية ومدي إدراكهم لدورهم الوطني في حماية ثورتهم من اختطافها سياسيا-مرة أخري بعدما حدث ذلك في ثورة 25يناير 2011-وحتمية اصطفافهم واحتشادهم وتحالفهم أمام صناديق الاقتراع المقبلة من استفتاء علي الدستور أو انتخاب لمجلس النواب أو انتخاب لرئيس الجمهورية.
هذا علي المستوي الداخلي والوطني,أما ما لايجب إغفاله فهو مايحدث علي المستوي الخارجي والعالمي منذ اندلاع الثورة والذي يكاد في جانب منه أن يفسد هو الآخر فرحة المصريين بانتصارهم,فردود الأفعال الصادرة عن العالم الخارجي من الأنظمة الحاكمة أو من الإعلام-مصنع تشكيل الرأي العام-كانت في البداية وتستمر جزئيا سبب إحباط وإغضاب المصريين وشعورهم بالغبن لأن العالم الذي ظل يرقب عن كثب صعود الإخوان المسلمين للسلطة وما فعلوه هم ورئيسهم محمد مرسي بمصر وقضائها ودستورها ومؤسساتها وشعبها,ما كان له أبدا أن يفزع من ثورة الغضب في30يونيو ولا من انحياز القوات المسلحة المصرية لإرادة الشعب,ولا يستقيم أن يختزل العالم ماحدث في كونه انقلابا عسكريا علي سلطة شرعية منتخبة...غضب المصريون لأنهم شعروا بتنكر بعض الأنظمة الحاكمة وبعض المنابر الإعلامية لواقعهم المتردي ولسرقة ثورتهم ولخديعة رئيسهم لهم...فغضت البصر عن كل ذلك وانتفضت تتباكي علي شرعية صندوق الانتخاب التي أهدرت والرئيس المدني الذي أزيح عن السلطة بقوة الجيش!!!
لكن لم يكن المشهد مقتصرا أبدا علي تلك الصورة السلبية,فمع جوانب الإدانة أو الاستنكار التي أغضبت المصريين كان هناك كثير من جوانب الإنصاف والتأييد التي صدرت عن أنظمة حاكمة وعن أقلام وأجهزة رصد أثبتت أن العالم وإعلامه حتي وإن تمهل أو تردد أو تأخر لا يسعه إلا الاعتراف بحقيقة ماحدث وتسجيل إعجابه واحترامه بثورة المصريين واحتشادهم الرهيب السلمي غير المسبوق وإرادتهم الفولاذية وتصميمهم علي استعادة ثورتهم من خاطفيها وإعادة بلدهم علي الطريق الصحيح.
تباري المصريون والإعلام المصري في رصد الصور السلبية وتأثروا بها واحتجوا عليها,لكن لم يكن هناك رصد مماثل للصور الإيجابية التي كان من شأنها طمأنتهم بأن هناك في المقابل من تلقي ماحدث في30يونيو علي حقيقته وتفهم بواعثه وحرص علي تسجيل ذلك...
وأشعر بأهمية تسليط الضوء علي نماذج مما كتب أو صدر في هذا الإطار لإيفاء ثورة 30يونيو والشعب المصري الحق في تقدير ماحدث...ومن تلك النماذج أقتطع مايلي:
00البيان الرسمي الصادر عن رئيس وأحد أعضاء لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الأمريكي:
الأمر الذي فشل الإخوان في استيعابه أن الديمقراطية تعني أكثر من مجرد صندوق الانتخاب,فالديمقراطية تقتضي التوافق والتلاقي واحترام الإنسان وحقوق الأقليات والالتزام بسيادة القانون.الرئيس مرسي وجهازه الحاكم لم يفعلوا هذه المبادئ وبدلا من ذلك نزعوا إلي ترسيخ قبضتهم علي السلطة بالاستبداد والتسلط فكانت النتيجة المعاناة الكبيرة التي تعرض الشعب المصري والاقتصاد.
00فرانك وزنر السفير الأمريكي الأسبق في القاهرة:
هل بنزول ملايين المصريين إلي الشارع وبمؤازرة الجيش والشرطة والأزهر والكنيسة والقيادات السياسية لإرادة التغيير يمكننا أن نطلق علي ماحدثانقلابا عسكريا؟إن ماحدث في مصر ليس كذلك بالمعني الكلاسيكي للانقلاب,فقد استجابت القوات المسلحة لرغبة الشعب الجامحة من أجل التغيير ولم تستحوذ علي السلطة بالقوة لذلك يجب علينا التمهل والحرص قبل إدانة ماحدث...والديمقراطية في نهاية الأمر ليست ما يسفر عنه صندوق الانتخاب وحده.
00جوديث ميللر-الصحفية والمحللة السياسية الأمريكية:
22مليون استمارةتمرد قام المصريون بتوقيعها ونزلوا إلي الشارع صارخين من أجل رحيل رئيسهم مرسي,وهذا العدد يمثل نحو ضعف عدد الأصوات التي أتت به إلي الرئاسة...فالمصريون رفضوا أن يحكمهم فرعون إسلامي أثبت فشله في إدارة البلاد.وصرخة المصريين من أجل تأسيسدولة مدنية حديثة لاتعني رغبتهم في دولة علمانية علي الإطلاق,فهم قوم مؤمنون بالله,لكنهم ضاق بهم ما يفعله الرئيس مرسي وجماعته من استخدام الله كسلاح سياسي لتبرير استئثارهم بالسلطة واستبدادهم بالمصريين.
**توماس فريدمان-الكاتب الكبير والمحلل السياسي في صحيفة نيويورك تايمز:
من السابق لأوانه أن نقول إن عصر الإسلام السياسي قد ولي لكن من المؤكد أنه جاء الوقت لنقول إن قوي الاعتدال المناهضة للإسلام السياسي قد نفد صبرها وأصبحت تشكل قوة ضغط لايستهان بها لكبح جماح الإسلام السياسي...هذا عينه مايحدث في مصر وهو ما خرج المصريون من أجله يصرخون أن ثورتهم وبلدهم قد سرقا.الرئيس مرسي المتهم مع جماعته-الإخوان المسلمين-بتلك السرقة جاء إلي الحكم بعد فوزه بنسبة51% من أصوات صندوق الانتخاب,ولم يكن ذلك ممكنا بأصوات الإخوان المسلمين وحدهم إنما ساهمت في هذا الفوز نسبة لا بأس بها من المصريين غير الإسلاميين الذين صدقوا وعوده بأن يكون رئيسا لكل المصريين ويعمل من أجل تحقيق توافق سياسي وينهض بالاقتصاد من عثرته...
لكن مع تنكر مرسي لجميع تلك الوعود بدأت أعداد متزايدة من المصريين تشعر بأنه تم خداعها وسرقة أحلامها في بناء دولة ديمقراطية حديثة. وكانت المفارقة الغريبة أنه بينما صرخ ملايين المصريين أن ثورتهم قد سرقت استخدم الرئيس مرسي نفس التعبير في خطبته الأخيرة إلي الشعب وهو يحاول الدفاع عن شرعيته,فقد قال متهما الملايين المحتشدة في الشارع تطلب رحيله:إن الثورة تسرق منا وكأنه بذلك يطلب النجدة,لكن لسوء حظه كانت القوات المسلحة المصرية هي من تلقت استغاثته وتحركت لتنحاز إلي جانب الشعب وتقصيه عن السلطة.سوف يقف الدارسون كثيرا أمام محاولة الإجابة علي السؤال التالي:لماذا تصرف الإخوان المسلمون بهذه الحماقة بعد وصولهم للسلطة؟...
والإجابة المباشرة هي أن طبيعتهم أوصلتهم إلي قدرهم المحتوم,فهي جماعة تجمع بين التنظيم الصارم لهرم السلطة وبين النظرة التآمرية إزاء شركاء الحلبة السياسية تحول بينها وبين المشاركة والتواصل وذلك ناتج عن ميراث طويل من العمل تحت الأرض.إن مصر الآن تخطو أولي خطواتها نحو المرحلة الانتقالية وخريطة الطريق للتغيير,لكنها لن تنعم بالاستقرار دون إدماج وتمثيل كافة القوي السياسية علي مسار التغيير وذلك يتضمن الإخوان المسلمين أنفسهم الذين مايزالون يتمتعون بما لا يقل عن25% من القوي التصويتية...
ويبقي السؤال:هل هذا الإدماج سيكون من شأنه تقويض أم تعضيد مسار التغيير؟الإجابة تعتمد علي مدي توافق جميع الفرقاء علي العمل معا لدفع هذا المسار إلي الأمام.
000أرجو أن تكون تلك النماذج من الكتابات والرؤي قد ساهمت في تسليط الضوء علي الجوانب الإيجابية التي يري يها العالم ثورة30يونيو ومقدار الإنصاف الذي حظيت به...والأهم من كل ذلك التحديات الماثلة أمامها.