بقلم : مدحت عويضة | الجمعة ١٥ نوفمبر ٢٠١٣ -
١٥:
٠٩ ص +02:00 EET
جدل حول كوتة الأقباط
مساكين هم الأقباط عبر تاريخهم، فكل تغيير يحدث في مصر يحلمون معه بوضع أفضل فإذا بهم يتحسرون علي وضعهم ما قبل التغيير، لدرجة أن الأقباط بعد رحيل الملك قالوا فين أيامك يا جلالة الملك، وبعد رحيل عبد الناصر والسادات ومبارك كرروا نفس الكلمة!!
تدور مناقشة حامية الآن في المجتمع المصري حول "كوتة" الأقباط، هناك مؤيد ومعارض، وبعيدا عن التشكيك والتخوين والاتهامات الجاهزة والمعلبة، فأن لمعارضي حصول الأقباط علي "كوتة" وجهة نظر تحترم وتناقش، فأسحق حنا وعماد جاد وهما قامتان محترمتان نختلف معم حول الكوتة نعم، أم أننا نخونهم فهما أكبر من ذلك بكثير ولكل منهما تاريخ محترم، علي الجانب الأخر نجد إيهاب رمزي والشاب الصاعد الواعد رامي كامل من أكبر المؤيدين "للكوتة" ويدور سجال مصري جميل، عدي بعض الجمل المقلقة والمزعجة والمقرفة، فمن العمالة للمخابرات المصرية وأمن الدولة لمعارضي الكوتة، للعمالة للاستعمار الغربي " أيوه والله الاستعمار مرة واحدة" للمطالبين بها شئ نتمني أن يختفي من مجتمعنا، مع الاعتراف أن أجهزة الأمن عندما تريد الترويج لفكرة معينة تستخدم بعض رجالها، ولكن لن يكون جاد أو حنا من رجالهم أبدا.
هناك نقطتين جوهرتين، لا يمكن لك أن تطالب بدولة مدنية حديثة يحكمها القانون، وتطالب ب "كوتة" في نفس الوقت فهما طلبان متعارضان، ولكن لا يمكن أن تحلم بدولة مدنية محترمة وترضي عن ذلك التمثيل الهزيل للأقباط في المجالس النيابية لدرجة أنه لا يتعدي واحد في المائة في الستون عاما الماضية، فنحن بصدد مشكلة كبيرة هنا، بالإضافة أن البعض يزيد من المشكلة تعقيدا ويربط بين كوتة الأقباط وكوتة المرأة، ثم يزيدها أكثر تعقيدا فيربط بين كوتة الأقباط، وتمثيل الأقليات الأخري كالبدو والنوبيين، والشيعة والأمازيع وغيرهم.
وبهدوء دعونا نناقش الأمر، أننا لو خيرنا بين أن نتغاضي عن جزء صغير من أحلامنا في الدولة المدنية أو دولة القانون، وبين أن يظل دور الأقباط مهمشا، لأخثرنا أقل الضررين وبحثنا عن تمثيل عادل للأقباط، ولطالب الجميع "بالكوتة" وخصوصا بعد أن أثبت نظام التعيين فشله علي مدار ستين عاما، علي أن تكون الكوتة لفترة زمنية قصيرة دورتين أو ثلاث دورات، وبعدها سيكمل كل أحلامكم سادتي في بناء دولة مدنية، وهذا علي أساس أنكم بقدرة قادر ستنتصرون علي السلفيين وستبقون علي كلمة مدنية في الدستور، و يا للعجب تتشطرون علي الأقباط في جزء صغير فقط وتتركون السلفيين ممثلين بحزب النور يهدون لكم المعبد علي من فيه!!!!.
أما من ناحية أن كوتة الأقباط تولد مشاكل أخري، مثل كوتة المرأة مثلا، وهنا يا سيدي من منعك أن تعيد كوتة المرأة التي حصلت عليها بعد ثورة يناير؟؟، وما هي مشكلتك لو حصات المرأة والأقباط علي كوتة؟؟؟. ثم أن الأقباط نصف عددهم نساء، والمرأة القبطية مظلومة في مصر مرتان، مرة لكونها امرأة ومرة أخري لكونها قبطية ، وحقيقة يعلمها الجميع أن المرأة القبطية ربما تكون مميزة داخل المجتمع القبطي وداخل أسرتها، فهذا سيتيح أن نسبة السيدات القبطيات اللاتي سوف يستفيدن من الكوتة ستكون مرتفعة نسبيا وبذلك نكون ضربنا عصفورين بحجر واحد.
أما القول أن باقي الأقليات مظلومة ولو سلمنا بكوتة للأقباط فهذا سيقودنا للمخاصصة، ووغيرها من الفزاعات المختلفة، فيا أسيادنا، نحن مجتمع نعم متعصب، ولكن أكبر تمييز وتعصب يحدث في بلادنا بسبب الدين، ولأعطي لك مثلا بسيطا، كم عدد لاعبي كرة القدم أصحاب البشرة السمراء ظهروا في ملاعبنا ستجد كثيرين، لكن كم عدد الأقباط لن تجد غير هاني رمزي، فنحن ليس لدينا تعصب حقيقي ضد اللون وهذه حقيقة، أما التسليم بقول محمد سلماوي أن هناك قانون سيكافح التمييز، فأي قانون يا سيد سلماوي يمكن أن يعاقبني إذا أعطيت صوتي لجرجس لأنه "مسيحي" وأعطي محمد صوته "لأحمد" لأنه مسلم!!!، أما من ناحية النوبة والبدو فيا أسيادنا النوبة والبدو لهم مناطق جغرافية لا يستطيع أحد ان ينافسهم فيها، لو نظرت لنصف مدن القناة وشمال وجنوب سيناء، ومطروح وغرب الإسكندرية، لعرفت ان النفوذ فيها للبدو وهم يمثلون من هذه الدوائر فما حاجتهم لكوته، بالإضافة لأن لهم أبناء هاجروا للحضر ولا يمارس ضدهم أي تممييز في الترشح ولا الدعاية.
من أجل هذا أضم صوتي لصوت المطالبين بالكوتة وأقولكم أرحمونا وارحموا انفسكم، فالتضحيات التي قدمها المصريين تستحق أن تكون مصر بعد 30 يونيو غير مصر قبلها، وعيب علي مصر بعد الثورة أن يظل الاقباط بها مهمشين، ولا حضراتكم مش قادرين علي السلفيين وبتتشطروا علينا؟؟؟
كما أطالبكم أن ترحموا مصر ولا تلعبوا بالنار فالتصويت بلا علي الدستور يعني الكثير فأرجوكم لا تجبرونا أن نسير في هذا الاتجاه، ولا تشعرونا أن "مافيش فايدة".
نقلاً عن : ايلاف
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع