في مقال لباتريك مارتن، لموقع «جلوب آند ميل» الكندي الجنسية، قال فيه إنه بدأت حملة ترويج مشروع دستور مصر الجديد بشكل جدي هذا الأسبوع، موضحا أنه ليس الدستور الذي يحلم به معظم المصريين عندما تم خلع حسني مبارك من السلطة في ثورة يناير، ولكن مشروع الدستور الذي يجري التصويت عليه في استفتاء، يناير المقبل، من المرجح أن يلقى قبولا لدى الشعب المصري، اليائس من تطبيق القانون والنظام والنمو الاقتصادي.
وأوضح أن هذا الدستور، المكون من 247 مادة، يعكس تركيبة لجنة الـ50 التي صاغت هذا المشروع، والتي ضمت مجموعة من الليبراليين واليساريين وأعضاء المؤسسات السياسية والاجتماعية الأخرى.
ويعد هذا الدستور أقوى من ناحية الحريات الشخصية، وأقل من ناحية الهوية الإسلامية، وأكثر احتراما لقوات الجيش والشرطة، من الدستور الذي سبقه، الذي تم إعداده «على عجالة» إبان حكم محمد مرسي، وفقا للمقال.
وذكر أن عمرو موسى، وزير الخارجية، المرشح الرئاسي السابق، الذي ترأس الجمعية التأسيسية، قال إنه سيتم تمرير الدستور بأغلبية مريحة، وأضاف أن ما يقلقه فقط هو ما إن كانت نسبة الإقبال على التصويت، يومي 14 و15 يناير، ستكون كبيرة بما يكفي لمنح الدستور والسلطة المصداقية التي يحتاجونها، وقال إنه يأمل أن يذهب 75% من الناخبين المؤهلين للانتخاب إلى صناديق الاقتراع.
فدستور 2012، حسبما جاء في المقال، تم إقراره بنسبة تصويت قليلة، وهذا الإقبال الضعيف كان له كبير الأثر في فقدان الدستور السابق مصداقيته، مما انعكس على إدارة محمد مرسي بشكل عام، حتى تم عزله في يوليو 2013.
فبعد رحيل مرسي أصبح إعداد دستور جديد للبلاد واحدا من الأعمال الأولى على أجندة الحكومة المدعومة من الجيش.
وأعلن العديد من أنصار مرسي مقاطعتهم استفتاء الدستور، وتعطيل الإجراءات، على الرغم من إصدار جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية العدالة بيانا، بعد ظهر الثلاثاء، قائلا إنهم لا يزالون يدرسون الخيارات.
وقال إنه إذا مر هذا الدستور، فمن شأنه تعزيز الحريات الصحفية، وضمان التزام مصر بالمعاهدات الدولية.
ونقل المقال عن هبة مرايف، مدير مكتب «هيومان رايتس ووتش» في مصر، قولها: «هذا الدستور يضمن الحقوق والحريات بنسبة جيدة، فيمكننا الآن الرسم على التعاريف الدولية للحقوق الأساسية والانتهاكات، ونرجع إلى مفهوم التعذيب بموجب القانون الدولي»، وأضافت: «هذا تقدم حقيقي بالنسبة لي».
وأشار إلى أن الدستور كفل حرية التجمع والتظاهر، ولكن لاحظ النقاد أن هذه الحرية قد تكون محدودة بموجب قانون التظاهر الصادر مؤخرا، والذي يعطي قوات الأمن تفويضا مطلقا لتحديد متى يكون أي احتجاج عملا غير قانوني».
وقال إن مشروع الدستور لا يضمن إيقاف أي مؤسسة اعلامية بسبب ما تكتبه أو تبثه، ولا يمكن سجن أي صحفي بسبب ما قاله أو ما كتبه، إلا في حالة التحريض على العنف أو التمييز، أو التشهير.
وبشكل ملحوظ، تعتبر حرية المعتقد الديني «محرمة» وفقا لوصف المقال، ويقتصر حرية ممارسة الشعائر الدينية على أصحاب الأديان السماوية، مما يضع أصحاب الديانات غير السماوية كالبهائية وغير الإبراهيمية في مأزق.
ويحافظ مشروع الدستور الجديد على أن «مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع»، على الرغم من قيام لجنة الـ50 بتعديل العديد من المواد الأكثر إثارة للجدل في دستور 2012، وعلى وجه التحديد، تخلصوا من المادة التي أعلنت أن التشريع سوف يستند إلى الشريعة.
ونقل عن عادل رمضان، ضابط الشؤون القانونية للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، الذي رحب بالتغيير، قوله: «تؤكد المسودة الجديدة موقف الشريعة في الضمير الاجتماعي، ولكنها تمنع أي تعديات على اختصاص المحكمة الدستورية»، وأضاف: «هذه الخطوة تعني أيضا أن الأزهر، المؤسسة الإسلامية الرائدة في مصر، لن يكون لها السلطة المطلقة على أي تشريع، كما كان خلال حكم مرسي».
وذكر أن مشروع الدستور الجديد منح الجيش الحق في الاحتفاظ بميزانية مستقلة، تحدد في الخفاء من قبل لجنة مؤلفة من وزير الدفاع، والرئيس ورئيس الوزراء.
كذلك، فإن هذه المسودة تنص على أنه يجب أن يكون وزير الدفاع دائما من الجيش، مما يعنى حسبما جاء في المقال، أن مصر لن تنتقل إلى السيطرة المدنية على الجيش، وهي السمة المميزة لكثير من الديمقراطيات، كما تم النص على أن القيادة العسكرية هي الوحيدة التي لها الحق في تعيين وزير الدفاع للفترتين الرئاسيتين القادمتين.
وقال إن العديد انتقد الامتيازات الممنوحة للجيش، معتبرين إياها ستضعف السلطة الرئاسية، ولكن عماد جاد، عضو البرلمان السابق عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي، قال إنه من الطبيعي بالنسبة للجيش أن يكون مستقلا لأن مصر «لم تتطور بشكل كامل لدولة ديمقراطية».