بقلم/ ماجد سوس
جلس المؤلف الكبير أمام مكتبه وأمسك بقلمه،
وكتب:
في السنة الماضية، أجريت عملية إزالة المرارة،
ولازمت الفراش عدة شهور
وبلغت الستين من العمر فتركت وظيفتي
المهمة في دار النشر الكبرى
التي ظللت أعمل بها ثلاثين عاماً
وتوفي والدي
ورسب ابني في بكالوريوس كلية الطب
لتعطله عن الدراسة عدة شهور
بسبب إصابته في حادث سيارة
وفي نهاية الصفحة كتب:
يا لها من سنة سيئة
دخلت زوجته غرفة مكتبه، ولاحظت شروده
فاقتربت منه ، ومن فوق كتفه قرأت ما كتب
فتركت الغرفة بهدوء
وبعد دقائق عادت وقد أمسكت بيدها ورقة أخرى
وضعتها بهدوء بجوار الورقة التي سبق أن كتبها زوجها
وتناول الزوج ورقة زوجته
وقرأ منها
في السنة الماضية
شفيت من آلام المرارة التي عذبتك سنوات طويلة
وبلغت الستين وأنت في تمام الصحة
وستتفرغ للكتابة والتأليف بعد أن
تم التعاقد معك على نشر أكثر من كتاب مهم
وعاش والدك حتى بلغ الخامسة والثمانين
بغير أن يسبب لأحد أي متاعب
وتوفي في هدوء بغير أن يتألم
ونجا ابنك من الموت في حادث السيارة
وشفي بغير أيه عاهات أو مضاعفات
وختمت الزوجة عبارتها قائلة
يا لها من سنة تغلب فيها حظنا الحسن على حظنا السيء
هكذا نحن يا أحبائي نستطيع ان ننظر لنصف الكوب الملآن بنظرة إيجابية تجعلنا نتطلع لغد أفضل لا لأجلنا فقط بل لمن حولنا أيضاً . أعلن الرب هذا السر لرسوله بولس حيث سلمه مفتاح الإيجابية في حياة الانسان عن طريق ملء الذهن بالإيجابيات عن تغيير شكلنا بتجديد أذهاننا ، فبات على الانسان المؤمن الناجح ان يجدد ذهنه دائماً بأفكار إيجابية تزرع الأمل في نفسه و نفس الآخرين وهكذا فعلت الزوجة مع زوجها حينما وجهت نظره الى كل ما هو إيجابي وكل ما صنعه الرب من مراحم لأجله .
فإذا نظرنا بسلبية الى عامنا المنصرم لوجدنا ظلام و خراب ، دماء شهداء و قتلة و هدم و حرق كنائس و اضطهاد لأهلنا و عدم استقرار سياسي و اجتماعي
اما اذا نظرنا نظرة إيجابية للأحداث فلدينا ما رأيناه ما شاهدناه ما لمسته أيدينا من مراحم الرب الفائقة وأحساناته علينا ، ففي عامنا القاسي هذا المليء بالأحداث الجسام الذي نودعه هذه الأيام ، أعلن الله مجده بنصرة شعبه كوعده الصادق ادعني في وقت الشدة والضيق فأنقذكم ، هكذا فعل الله من اجلنا و حمى بلادنا و شعبنا من وباء كاد ان يفتك بنا و يفنينا .
أوليس ماحدث يومي ٣٠ يونيو و ٣ يوليو احدى معجزات الرب مع المصريين أليس ما حدث هو من مراحم الرب لمصرنا . ألم يكن هذا اليوم التاريخي العظيم يوما فاصلا في تاريخ الوطن حيث و سط ستار الظلام تسربت البسمة و الفرحة الى شفاهنا مرة اخرى بعد ان كادت تصبح ذكرى . أوليس من مراحم الرب لنا في عام ١٣ ان تخلصنا من طيور الظلام و تم إعلانها جماعة ارهابية لتطهير الوطن منها و اصبح لنا رجاءا جديدا في وطن يحمل أحلامنا و آمالنا التي كانت قد ذهبت هباءا مع ذاك الفصيل الإرهابي الذي كاد ان يحطم تلك الآمال و الأحلام بكارثة ربما استمرت بنا مئات السنين.
انه وقت لنشكر الله على احساناته في السنة الماضية و عطاياه العظيمة التى لا يعبر عنها فأتي إلينا برجلان ليغيرا تاريخنا الوطني و الكنسي
فالأول هو الفريق اول عبد الفتاح السيسي الذي تحدى قوى الشر بكل جسارة وبسالة ليس لها مثيل فلم يدر بخلد هؤلاء المجرومون ان هناك من يستطيع ان يقف امام بطشهم سواء من العسكريين او المدنيين فلم يستطع لا المشير طنطاوي ولا الفريق عنان ان يفعل ما فعله الرجل الذي تحد كل قوى الشر و المساندون لها في كل دول العالم و ضحى بكل شيء ليقف خلف شعبه ذاك الشعب بسيط الذي لا يحمل السلاح ولا المتفجرات و لا يغدر بأخيه الشعب الذي غرر به من قبل جماعة الاخوان الإرهابية و التي لولا الفريق السيسي الذي حفر و سطر بيديه تاريخا ناصعا منقذا و طناً كاد ان يفنى في غفلة من الزمن .
اما الرجل العظيم الثاني فهو البابا تواضروس الثاني الذي راح في عامه الأول ينظم الكنيسة ويرتب البيت من الداخل و يعيدها لمجدها و لبهاءها و يكمل مسيرة العملاقان السابقان له على انه أضاف تدبيرا يلمسه كل قبطي غيور فتجده يعمل في ثلاثة محاورة متوازية ينظم عمل الإكليروس و ينظم عمل العلمانيين و أحوالهم و يلم شمل الكنيسة مرة اخرى و يقفل صفحات خلافية ليعيد للكنيسة مكانتها كملاذ لكل قبطي اكليروس و علماني فأعاد تشكيل لجان المجمع وضع نظم و قوانين لاختيار الراهب و الكاهن والأسقف و سيم الكثير منهم و أضاف ايبارشيات جديدة في المهجر و مع كل هذا راح يجمع شمل البيت الكنسي و يفتح قلبه وقلب الكنيسة للجميع فأضاف البابا كيرلس السادس و العلماني حبيب جرجس لمجمع الكنيسة رغم أنهما لم يمر عليهما خمسون عاما من انتقالهم بعد ان تأكد للجميع قداستهم و أعاد للأب متى المسكين مكانته كا باعث للنهضة الرهبانية في العصر الحديث و كتاباته العميقة كأحد فلاسفة و كتاب الكنيسة القبطية فأتاح الفرصة للجميع لقرأة الكتب النفيسة بسماحه لأول مرة بعمل معرض كبير دعى فيه كل مكتبات الكنائس و الأديرة و هو المعرض الاول من نوعه.
اما على المستوى الشخصي فان عام جديد يعني حياة جديدة رجاء جديد فالله مستعد ان ينسى كل اخطاء الماضي و يبدأ معك في سنة جديدة بإكليل جديد هو لا ينتظر أبرارا إنما هو ينتظر خاطئ ضعيف جداً لا يقوى على اي خطية هو ينتظر شخص يقول له جاهدت طول السنة ولم اصطاد شيئا هو منتظر ليقول لك انا معك و سأدخل معك الى العمق الله لا يبحث عن شخص روحاني قوي إنما يبحث عن شخص يقول نفسي نفسي ان أتوب و لأن الله يبحث عن فتيلة مدخنة فلا يطفئها بل يحوط عليها ليصنع منك شمعه تضيء . في هذا العام يا عزيزي الله يناديك باسمك فهو يعرف جيدا و يعرف ضعفات السنين و يقبلك كما انت و يحبك كما انت و هو مستعد ان يأخذ خطاياك و يطرحها في بحر من النسيان و يحول الخاطئ الى بار و الزاني الى بتول انها سنة نعلن فيها انه انا و مصر لك يارب .
عزيزي أنهما نظرتان احدهما إيجابية و اخرى سلبية فأي واحدة تختار