الأقباط متحدون - إنقاذ مستر بانكس
أخر تحديث ٠٤:١٤ | الاربعاء ٨ يناير ٢٠١٤ | كيهك ١٧٣٠ ش ٣٠ | العدد ٣٠٦٥ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

إنقاذ مستر بانكس


 كلما شاهدت فيلماً مبهراً من إنتاج هوليوود دائماً أتساءل: وماذا بعد؟، أهمس لنفسى لا بد أن هذه هى المحطة الأخيرة وما بعد ذلك من أفلام ستكون مجرد تكرار وفوتوكوبى لأفكار قديمة واجترار لقصص مستهلكة، لكن مصنع السحر الهوليوودى لا تتوقف خطوط إنتاجه عن إبهارنا وإمتاعنا بالمفاجآت، وها هى فكرة عبقرية جديدة تولد وتلمع فى مصنع السحر الهوليوودى وتضخ دماء جديدة فى شرايين الفن السابع، أفلام حديثة عن أفلام قديمة، ليس اقتباساً ولكنه فيلم معاصر عن كواليس فيلم كلاسيكى، الكواليس التى تمت خلف الستار التى لا تقل دراما وتشويقاً وإمتاعاً عما شاهدته أنت على شريط السينما منذ سنوات، حدث هذا فى فيلم «أسبوعى مع مارلين» عن كواليس فيلم «الأمير وفتاة الاستعراض»، وفيلم «هيتشكوك» عن كواليس فيلم «سايكو»، والفيلم الساحر الذى استمتعت بمشاهدته أمس «إنقاذ مستر بانكس» عن كواليس فيلم «مارى بوبينز» وصراع والت ديزنى للحصول على حقوق إنتاجه من كاتبة القصة الأسترالية «باميلا ترافرز»، صانع البهجة والت ديزنى الذى جسد دوره غول التمثيل «توم هانكس» بدأ المفاوضات قبل عشرين سنة من خروج الفيلم إلى النور تنفيذاً لوعد أعطاه لابنته وحلماً بفيلم استعراضى يصبح بصمة لا تنسى فى تاريخ السينما، وبالفعل صدقت نبوءته فقد رشح الفيلم لـ13 جائزة أوسكار من بينها جائزة التمثيل التى حصلت عليها الممثلة جولى أندروز، الفيلم فى ظاهره مجرد حكى لكيفية إقناع تلك المؤلفة ذات السلوك الغريب المتوجس المتأفف المتعالى أن تتنازل عن شروطها القاسية حتى يتم إنتاج الفيلم، لكن الفيلم فى عمقه يتحدث عن صراع الخيال الجامح مع الواقع التقليدى، صراع المنتج رجل البيزنس الذى يفهم طبيعة وأسرار النجاح الجماهيرى ومتطلبات فن السينما التى تداعب غريزة التخيل وشهوة الحلم مع المؤلفة المتمسكة بمطابقة التفاصيل التى على الورق بالمشاهد المرئية على الشاشة، الكاتبة الموسوسة الخائفة المرعوبة على شخصيات روايتها لدرجة المرض الذى يجعلها تطلب تسجيل كل ما يدور فى جلسات العمل بينها وبين السيناريست وترفض دخول الكارتون والأنيميشن فى الفيلم، وترفض وضع شنب لبطل الفيلم وترفض أن يتباسط أحد معها ويقتحمها ويناديها باسمها الأول مجرداً، وترفض نمط الحياة الأمريكى وتظل ترفض أى تفصيلة ترى فيها خيانة لروايتها الأصلية!، جاء بها ديزنى من لندن واستضافها فى لوس أنجلوس، وعندما عادت غاضبة للندن فوجئت به يسافر إليها ليقنعها بالتوقيع على حقوق استغلال القصة، وبعد ذلك الجهد والتعب وبعد أن وصل إلى غايته ومراده، لم يرسل لها دعوة لحضور افتتاح الفيلم!، رغم كل ما ستشاهده من تصرفات المؤلفة، إلا أنك ستبكى معها وهى تشاهد فيلمها الذى أصرت على حضوره رغم عدم دعوتها، ستدمع عيناك وأنت تشاهد إيما تومسون هذه الممثلة العبقرية الجبارة التى لا بد أن تحصل على الأوسكار عن أدائها لهذه الشخصية الصعبة المعقدة، ساهم فى هذا التعاطف الفلاش باك الرائع المنضبط بالفمتوثانية الذى قدمه الفيلم لطفولة المؤلفة التى زرع فيها الأب الخيال عن طريق اللعب معها والانسياق لكل نزوات لهوها وخيالها، لدرجة أنه عنف الأم حين نادتها لتساعدها فى تجهيز الطعام قائلاً إنها الآن تعيش دور الدجاجة وتتقمصها وهى تبيض فاتركيها!، هذا الأب مدير البنك نكتشف أنه سكير دمر سمعة العائلة وترك عمله ومات فى شبابه بمرض السل، تاركاً إياها فى حيرة بدون أى سند نفسى إلا خيالها ومملكتها الروائية التى هى رصيدها وأسرتها وكل حياتها.

 
الفيلم معزوفة سينمائية رائعة ومباراة تمثيل ممتعة بين توم هانكس، الذى ينافس نفسه على الأوسكار هذا العام، وإيما تومسون التى تتأرجح مشاعرك معها من دقيقة إلى دقيقة وكأنها تغازلك، ونصيحة هامسة فى أذن نجماتنا اتفرجوا وراقبوا هذه الممثلة وانظروا كيف خدمتها التجاعيد فى تعبيرات وجهها المذهلة بلا بوتوكس وبلا نفخ شفايف أو خدود!، عندما ينزل هذا الفيلم لدور السينما المصرية لا بد أن تحجز تذكرة وتوقع كونتراتو مع المتعة والبهجة والسحر.
نقلأ عن الوطن

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع