علي سالم | السبت ٢٥ يناير ٢٠١٤ -
٤١:
١٠ ص +02:00 EET
صورة تعبيرية
بقلم علي سالم
طلب مني الطبيب البقاء لعشرة أيام على الأقل لمتابعة آثار العلاج الجديد. قلت له: سأكون سعيدا بأن تقرر لي العلاج ويتابعني طبيب في القاهرة.
فرد في قلق: «هل تستطيع الوصول إليه في أي لحظة.. هذا الدواء له آثار حادة تتطلب الانتقال في أي لحظة إلى المستشفى.. هل تستطيع الوصول إلى طبيبك في القاهرة في أي وقت؟».
أجبت: نعم.
صاحت زوجتي: «نعم إيه..؟.. هل تذكر عندما أغمي عليك في المطعم؟.. لقد حاولت الاتصال بالإسعاف وفشلت، حتى لو جاءت سيارة الإسعاف.. هل تضمن أن تشق طريقها بسهولة بين المظاهرات.. هل ستتحمل أنت رائحة الغاز؟».
أنا حاصل على جائزة الشجاعة المدنية، غير أني مثلك تماما، تغادرني شجاعتي في بداية أي صدام مع زوجتي. رضخت لها ولأوامر الطبيب بمستشفى الملك فيصل التخصصي، خاصة عندما قال لي إنه لا ضرورة للبقاء في المستشفى، يكفي أن أقيم في الفندق القريب.
في الفندق، أتابع الأخبار. الشيعة يقتلون السنة.. السنة يقتلون الشيعة.. بعض السنة يقتلون السنة وبعض الشيعة يقتلون الشيعة. الحوثيون يقتلون اليمنيين وهم أيضا يمنيون.. اليمنيون يقتلون الحوثيين. العشائر في العراق يقتلون رجال القبائل.. قوات الصحوة تقتل قوات الصحوات، وقوات الجيش التابعة للدولة بفرض وجودها. من فضلك لا تطالبني بالدقة، فأنا عاجز عن الإلمام بما يحدث.
قوات «داعش» تقتل أفراد الجيش السوري الحر ثم تقتل الشعب السوري. الجيش الحر يقتل أفراد «داعش». هل نسيت مصر؟.. لأ طبعا.. جماعة الإخوان حريصة على إخراج الناس إلى الشارع ليَقتلوا ويُقتلوا. المؤرخ لن يشعر بالحيرة عند اختيار اسم لهذه المرحلة. هل تذكر عصر القتل؟ سيقول المؤرخ: «هذا عصر القتل.. الجميع يقتلون الجميع». وربما يكون أكثر دقة فيقول: «هذا عصر القتل والالتذاذ به». في الفندق..
عاجز عن النوم. أمسكت بالريموت كنترول باحثا عن فيلم. رجال عصابات، لقد بدأ الفيلم منذ قليل. لا بأس أنا حكاء ورجل دراما، سأعرف ما فاتني بسهولة. أطلق فرانك النار على ستيف فأصابه في مقتل، غير أن ستيف تمكن قبل أن يموت من إصابته بطلقة واحدة لم تصبه بل أصابت جون الذي ترنح وسقط على الأرض في اللحظة التي دخلت فيها كاثرين.. نزعت من يده المسدس وأجهزت على جون وستيف وفرانك.
بيتر يطارد جيمس بالسيارة، والشرطة تطارد الاثنين. عدد لا بأس به من القتلى والسيارات المحطمة. يسقط جيمس بالسيارة من فوق الكوبري إلى النهر. سيغرق حتما.. ولكن يظهر لنش سريع تقوده كاثرين، ينتشله من الماء. طبيب العصابة يحاول إنقاذه لكنه يموت. كاثرين تقتل الطبيب، وتقسم على قتل بقية أفراد العصابة، وهو ما يحدث فعلا. كل أبطال الفيلم قتلوا ما عدا المخرج والمنتج. انتقلت لبرنامج يكتشف نجوم الغناء الجدد..
الحمد لله لم يقتل أحد منهم الآخر، ربما يحدث ذلك خارج الاستوديو. لا أعرف كيف نمت، في الصباح. لم يقتلني أحد ولم أقتل أحدا. لم يقتل أحد موظف الاستقبال، «البيلمان» يقف في مكانه، العاملون في المطعم بخير، الزبائن لم يقتل منهم أحد.. الحمد لله، هناك بقعة آمنة في شرقنا العربي.
نقلا عن الشرق الأوسط
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع