الأقباط متحدون - التطرف وغريزة الموت
أخر تحديث ١٠:٠٨ | الثلاثاء ١١ فبراير ٢٠١٤ | ٤أمشير ١٧٣٠ ش | العدد ٣٠٩٧ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

التطرف وغريزة الموت

علي سالم
علي سالم

  يا صديقي لدي سؤال يحيرني.. لماذا يفكر إنسان في تأليف قطعة موسيقية جميلة ويفكر إنسان آخر في ذبح شخص آخر لأنه استمع إليها؟ لماذا يفكر إنسان في تأليف رواية جميلة ويفكر شخص آخر في تأليف كتاب يحرض الناس على القتل؟ لماذا يفكر إنسان في أن يخترع قطارا ويفكر شخص آخر في تفجير الناس في محطة القطار؟ لماذا يفكر إنسان في زراعة حقل ويفكر شخص آخر في تحويله لمعسكر تدريب على ذبح البشر؟

 
 والله أنا شخصيا لست أعرف على وجه اليقين، ولكن فرويد يزعم أنه يعرف، وأنا أثق بما يقوله هذا الرجل ليس لشهرته الطاغية ولكن لأني أخضعت كل ما يقول لنقاش نقدي طويل بيني وبين نفسي.
 
 حسنا.. ما هي الإجابة التي يقدمها فرويد؟
 
 هو يقول إن كل العمليات التي تحدث داخل العقل، ينظمها مبدأ اللذة.
 
 لحظة من فضلك.. ماذا تقصد بكلمة ينظمها؟ وماذا تقصد بكلمة مبدأ؟
 
 ينظمها ((Regulate مأخوذة من منظم، هل تعرف المنظم المركب في أنبوبة البوتاجاز، الذي ينظم خروج الغاز بكميات ثابتة، هل تعرف المنظم الكهربائي (Stabilizer) الذي نركبه في المنزل للاحتفاظ بالتيار الكهربائي ثابتا عند فولت معين، بحيث لا يرتفع فجأة فيحرق الأجهزة، أو ينخفض فتتعطل.
 
 حسنا فهمت كلمة ينظم، ولكن ما صلة ذلك بالمبادئ، ماذا تعنى بكلمة مبدأ؟
 
 مبدأ هنا بمعنى قاعدة أساسية، قانون، برنامج.. فرويد يقول إن هناك برنامجا مركبا في العقل اسمه مبدأ اللذة.. هو جزء من التكوين الأساسي للعقل.
 
 جميل.. تفضل أكمل، لا داعي لأن تشرح لي معنى كلمة اللذة.. لأنني أعرفها.
 
 لا بد أن نتفق في البداية على أن مبدأ اللذة ينظم عمليات التفكير فقط.
 
 كل أنواع التفكير؟
 
 نعم.. كل أنواع التفكير، الراقي منها والمنحط.. البناء والهدام.
 
 لحظة من فضلك.. أرجوك، لقد بدأت تدخل بي مناطق صعبة وغامضة.. كيف لمنظم واحد أن ينظم الهدم والبناء.
 
 تماما مثل الديناميت.. تشق به طريقا في الجبل أو تنسف به البشر في منتجع سياحي.
 
 يا له من منظم غريب.
 
 نعم.. هذا يقودنا للبحث في طبيعة هذا المبدأ.. للأسف مبدأ اللذة ليس مطلق الصراح.. هو في صراع دائم مع غريزة أخرى قوية هي غريزة الموت (Death instinct)
 
 مسألة غريبة، هل توجد داخل الإنسان غريزة تدفعه للموت؟
 
 بالضبط..
 
أفهم أن تكون النفس أمارة بالسوء ولكن هل هي أمارة بالموت؟
 
بالنسبة لأصحاب الفكر المتطرف، الإجابة هي نعم للأسف، هي غريزة تطلب الهدم والضياع والفقر والعدم.. هي تعمل ضد الحياة، لذلك تخوض معركة شرسة ضد مبدأ اللذة الذي يصارعها بكل وسائل القوة التي يستمدها من الأنا العليا (Super Ego) التي نسميها في حياتنا اليومية، الضمير.
 
هل أفهم من ذلك أن قوة الضمير تقوي مبدأ اللذة في صراعه مع غريزة الموت؟
 
بالتأكيد. أصحاب الضمائر فقط هم القادرون على حب الحياة والدفاع عنها في مواجهة كتائب نصرة الموت.

نقلا عن الشرق الاوسط

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع