الأقباط متحدون - فصح يونان النبي
أخر تحديث ١٣:٠٠ | الاربعاء ١٢ فبراير ٢٠١٤ | أمشير ١٧٣٠ ش ٥ | العدد ٣٠٩٨ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

فصح يونان النبي

بقلم : القمص اثناسيوس فهمى جورج
تسمي الكنيسة فطر صوم يونان بالفصح ، لأنه رمز لموت المسيح وقيامته في اليوم الثالث ، فالمسيح استعلن نفسه علي فم الأنبياء قبل مجيئه بأجيال كثيرة ، لان الله تعهدنا بأنبيائه القديسين ، وهو صاحب المبادرة في أستعلان حقيقة نفسه ، علي أساس انه يعلن ذاته علي قدر مستوي نمو وترقي الوعي البشري وإدراكه علي مدي الزمن.

فيبلغ بنا من الطفولة حتى نبلغ النضج التدريجي ، وفقآ للاستعلان المتدرج ، إنه إله أستعلان ينتظرنا مهما كنا ،وعلي أي وضع نحن ليعلن لنا سره ، وليعطينا ملء الحياة مشخصه في عشرة شخصه الإلهي الحبيب ، ودعوته لنا في كرازة يونان النبي الكارز تكتسب أبعاد ووعي جديد لكل من يقبل كلمه كرازته الأبدية ، عندما أتي إلينا علي الأرض وعاش بيننا صائرآ في شبه الناس ونادي ببشارة الملكوت والمصالحة بفصحه الجليل .

إن الغلاف الذي ظهرت فيه الكرازة والصورة التي نقبل بها بشارة الخلاص ، تلزمنا أن لا نؤجل أو ننشغل بالحقائق وأستقراء النتائج والاستكشاف ، بقدر ما تستلزم المخافة والطاعة وأستعداد التوبة .... لان مسيحنا حاضر علي الدوام وبغتة وأيضاً في كل أوان . يأتي إلينا وينادينا ويقرع الباب بعد نهار الشقاء وأتعاب
الزمن المضني ، فهو تنازل إلي أعماق الأرض وما تحت الأرض حتي الي الجحيم ، ليطلب كل غنمه ضاله ويرفعها من الحضيض ويستردها الي بيت الآب ...
 

آخلي نفسه وأفتقر وتنازل من علو مجده وتذلل للغاية ، من أجل حبه ومن أجل أن يكون في متناول أدراكنا ، فشابهنا لنتشبه به وأخذ طبيعتنا ليخدم لنا الخلاص ، ونتسم بسماته ونأتي اليه ، بعد أن أتي هو إلينا ، ليبتلع الخالد والباقي والدائم كل فاني وزائل وفاسد ، وليغلب بحياته الموت الذي فينا ، ويفتدي العالم كله بدم نفسه الشافي المحيي الماحق الموت : فصحنا الذي ذبح لاجلنا.

وهو الذي مكث في باطن الارض ثلاثة أيام وثلاثة ليال ، والذي هاجت عليه أمواج بحر هذا العالم حتي الصليب ، وهبط إلي مغاليق الارض وسلب الجحيم وبشر الأرواح الموجودة في السجن ، وفتح الأبواب الموصدة ، وعاد إلي الحياة مرة آخري ، ليخرج الحق إلي الامم ، ويمنحنا كنز ومعجزة خلاصنا التي أتمها لاجلنا ... فكان الحوت ليونان بمثابه القبر للمسيح ، وكما خرج يونان حيآ هكذا خرج المسيح من القبر حيآ ، بعد أن ذاق الموت بالجسد .فلننظر كيف يعلمنا الله بالتدريج ويمهد لنا كي نؤمن وكأننا نصعد علي سلم نكون فيه في درجه تقودنا إلي الثانيه لنبلغ إلي الاخيرة.

. أنها رسالة الله لنا وها قول الرب صار لجميعنا ، حتي نقوم ونذهب ونبشر في مناداة الكرازة باسمه ، ولنحترس كي لا نهرب إلي ترشيش ، لان في الهروب ريحآ شديدة ونوء عظيم وانكسار لسفينة الحياة ، ولنفحص أنفسنا كل واحد أمام الله ، ولنطرح عنا الأمتعة التي تثقلنا بها للغاية والتي أغرقتنا ، ولنرجع من هروبنا الذي أنزلنا الي حضيض الجوف في الاسافل ، فجعل غفلتنا ثقيلة ، بينما القرعة قد وقعت علينا ضمن خطة الله لخلاصنا ، وسنكتشف أنه لا يمكننا الهروب أبدآ من حضرته ، عندما نقر أننا السبب في الأنواء العاتية المحيطة بنا ، صارخين لله حتي لا نهلك وحتي لا نعثر أخوتنا ، وتكون علينا دماء برئيه ( نجني من الدماء يا الله اله خلاصي. ) .

خائفين الله مقدمين له نفوسنا ذبيحة علي مذبحة المقدس الناطق السماوي ، مع نذور الطاعة والتكريس والاتكال ... لان كل شئ قد أخضعه الرب لنا ، وهو قد أعد الحوت العظيم واللجج والطرق واليقطينه والظل والدودة والرياح والافلاك والازمنه والمناخ وكل شئ من أجل أن يخلصنا ، وتدابيره التي تحوطنا لا يمكن أن يدركها أحد بسهوله .

إن العالم كله المحاط بالصخب والغرق وقوي الشر ، جاء إليه مسيحنا ليكون له فصحآ : يكرز ويشفي ويقدس إلي التمام ، فصحآ شريفآ فصحآ برئيآ من العيب ... يهدأ العواصف وتطيعه الريح ، فصحآ قام لينقذنا فصحآ محررآ إيانا من الجحيم كافة ، نصلي إليه وندعوه ونصرخ نحوه وننظر هيكل قدسه ، من بعد إعياء مراعاة الأباطيل الكاذبة ، فنحمده ونعترف له ونمجده وننذر له النذور من أجل نعمه الجزيله .

فصحنا حي وقائم كأنه مذبوح ، لا يري فسادآ ويجعلنا نصير ما صاره هو لاجلنا ، وقد أفتدي ربوات الناس الذين لا يعرفون يمينهم من شمالهم ، فصحنا يزيل غمنا فنراه ونفرح فرحآ لا ينتزع منا، فصحنا لا يشاء هلاكنا وقد أعد كل شئ من أجل العرس، وقد أبعد عنا معاصينا كبعد المشرق عن المغرب ، وهدم حصون وأعطانا السلطان وأطفأ السهام وبه وحده نغلب .

إن نبوءة يونان هي أشارة مبدعة إلي المصالحة التي كان الله مزمعآ أن يصنعها بين جميع أمم الأرض بدم صليبه ، الذي به صالح الشعب مع الشعوب والنفس مع الجسد ، وما يونان النبي إلا رمز وآيه لهذه المصالحة التي تمت بالآلام الفصيحة ، التي تثبتت عندنا بالكلمة النبوية ، والتي نفعل حسنآ إذ انتبهنا إليها كما إلي سراج منير في موضع مظلم إلي أن ينفجر النهار ويطلع كوكب الصبح في قلوبنا

 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter