يوم الأربعاء الموافق 2 أبريل 2014 ، يوم مأساوى فى حياة الشعب المصرى، فقد استباحت حرمة صحة هذا الشعب الغلبان والمغلوب على أمره، بعد أن قرر مجلس الوزراء المصرى إدخال الفحم (الفحم الحجرى) ضمن منظومة الطاقة في مصر.
تعاقبت الحكومات منذ ثورة 23 يوليو 1952، ولم تفكر أى من هذه الحكومات فى استخدام الفحم سواء فى تشغيل محطات الكهرباء أو فى تشغيل المصانع، بل أن هذه الحكومات كانت تنظر الى أن البديل الوحيد للطاقة الأحفورية هى الطاقة النووية، كما أن هذه الحكومات كانت تنظر الى الاستفادة من الطاقة الجديدة والمتجددة كطاقة مكملة وليست كطاقة بديلة.
"عبد الناصر"، بدأ النهضة الصناعية، وكان متفهم أهمية الطاقة النووية، ففى سنة 1955 كانت البداية، تشكلت لجنة الطاقة النووية، وتلاها انشاء أول مفاعل نووى (2 ميجاوات) للاغراض البحثية فى انشاص، وسنة 1964 طرحت ماقصة عالمية لإنشاء محطة نووية (قدرة 150 ميجاوات)، ووحدة لتحلية مياه البحر (سعة 20ألف متر مكعب فى اليوم)، ومعامل أبحاث، ومصنع وقود نووى.
"السادات"، كان بعيد النظر وكانت له رؤية ثاقبة، سنة 1974 طرحت مناقصة عالمية لإنشاء محطة نووية قدرة 600 ميجاوات، وحاول الهروب من ضغط اللوبى الصهيونى، فكانت محاولاته للحصول على دعم ومشاركة فرنسية لبناء مفاعل نووى (قدرة 900x2 ميجاوات) فى مصر بعد انتهاء الحرب، ثم الأعداد لمناقصة عالمية، طرحت بعد موت السادات سنة 1983.
"حسنى مبارك"، وقع تحت ضغوط أمريكية للتخلى عن البرنامج النووى، فتم الغاء مناقصة 1983، ثم كانت الصحوة فتم الأعلان عن استئناف البرنامج النووى فى المؤتمر السنوى الرابع للحزب الوطنى (الثلاثاء 19 سبتمبر 2006)، وفى 29 اكتوبر 2007 أعلن عن بدء برنامج لبناء عدد من المحطات النووية لتوليد الكهرباء فى مصر.
خلال فترات رئاسة عبد الناصر والسادات وحسنى مبارك، لم تظهر كلمة فحم حجرى فى منظومة الطاقة، مع أن الفحم متوفر فى العالم وليس عليه قيود فى الشراء، فهل امتلك لوبى أصحاب المصانع القوة وغير من ميزان المعادلة ؟، وهل الحلول العاجلة تتطلب استخدام الفحم الحجرى ؟، وهل تعلم الحكومة أن الفحم الحجرى هو مصدر من مصادر الطاقة شديدة التلوث ؟، هل وزيرة البيئة وافقت على انضمام الفحم لمنظومة الطاقة المصرية بعد أن تعرضت لضغوط ؟.
هل لا توجد حلول سريعة وحلول على المدى القصير والمتوسط والطويل ؟، نعم توجد حلول وبعيدا عن أستخدام الفحم الحجرى.
الحلول السريعة (مسكنات) لحل مشكلة الطاقة فى مصر تتلخص فى:
أولا- إعادة دراسة الأسعار بالإتفاقيات الخاصة بأنتاج الغاز مع الشريك الأجنبى، ومدى تحقيقها لعائد عادل للدولة،
ثانيا- إلزام الشريك الأجنبى بنصوص الإتفاقية الخاصة بالإنفاق على تنمية كافة المناطق والتى لم يتم تنميتها بعد، لزيادة الأنتاج ومن ثم توفر السيولة النقدية،
ثالثا- توفير الأعتمادات المالية لشراء احتياجات قطاع الكهرباء من الوقود اللآزم لتشغيل محطات الكهرباء، ولإجراء عمليات أصلاح الأعطال فى محطات الكهرباء،
رابعا- ترشيد إستهلاك الكهرباء فى المصانع والمصالح الحكومية ودور العبادة والمنازل والنوادى وخلافه (خاصة التكييفات)،
خامسا- القضاء على عمليات سرقة الكهرباء،
سادسا- تقليل كمية الطاقة المفقودة.
حلول المدى القصير والمتوسط والطويل لحل مشكلة الطاقة فى مصر تتلخص فى:
أولا- الأسراع فى بناء محطات جديدة تعتمد على الطاقة الجديدة والمتجددة (شمسية، رياح، كتلة حيوية، باطن الأرض، وخلافه) لتوليد الكهرباء،
ثانيا- يجب الأسراع فى تنفيذ المشروع النووى المصرى فى الضبعة، وأن أنسب وسيلة لتنفيذ المحطة النووية هو الشراء بالأمر المباشر، وأن نبتعد عن طرح مناقصة عالمية حتى لا تتكرر مآسى أعوام 1964 و1974 و1983،
ثالثا- الأسراع فى تنفيذ ربط شبكة كهرباء مصر مع شبكة كهرباء السعودية
رابعا- الأعتماد على القمامة (الزبال) ومخلفات الزراعة (حطب القطن وقش الأرز وخلافة)، فى توليد الكهرباء،
خامسا- يجب الأسراع فى استغلال حقول الغاز الملاصقين لفياثان، والمتواجدة فى البحر المتوسط والتى تبعد عن مدينة دمياط 190 كيلومتر، والتى تقوم اسرائيل وقبرص حاليا بأستغلالهم.
فى عام2013 نشر مركز معلومات الطاقة الأمريكى أرقام لمتوسط تكاليف وحدة الكهرباء (ويشمل تكاليف رأس المال، ومعدل الفائدة10% ، وكذلك تكاليف التشغيل المستمر والوقود والصيانة) الناتجة من محطات الكهرباء المختلفة والمدرجة فى خطة عام 2018، وكانت كالتالى: بالنسبة للمحطة النووية كان 11 سنت/كيلووات ساعة، أما بالنسبة لمحطة الفحم (بفلاتر لعزل الكربون) فقد كان 13.6سنت/كيلووات ساعة.
التخلص من مخلفات الفحم مشكلة، علاوة على أن الفحم شديد الإشعاعية، وأكثر إشعاعية من الوقود النووى.
ويعد الفحم أكثر خطورة لأن اليورانيوم من أحد مكونات فحم المناجم حيث يوجد في تركيب تربة المنجم نفسه الذى يحتوى على بقايا اليورانيوم المشع، ونجد أن أنتاج 1 جيجاوات ساعة من محطة تعمل بالفحم ينتج عنها أنبعاث:
• 1041 طن من CO2 (مضر بالبيئة والإنسان)،
• 400 طن من SO2 (ثانى أُكسيد الكبريت غاز سام عديم اللون وله رائحة نفاذة)،
• 140 طن من NO2 (ثانى أكسيد النيتروجين له رائحة نفاذة حادة ويسبب التسمم عند استنشاقه)،
• 1000 طن رماد fly ash)) فى اليوم.
الفحم الحجرى ماده نشطه باستمرار، فهو خطير فى كل مراحل معالجته، وعند استخراجه وأثناء نقله وتخزينه، وقبل وبعد حرقه، ولا ينتهى نشاطه حتى بعد حرقه، وتتمثل درجة خطورته العالية فى تواجد سموم مثل: الزئبق والرصاص والزرنيخ والكبريت والكاديوم والسيزيوم والكربون والنحاس،وغيرها من المواد السامة.
تلزم معاهدة كيوتو الدول الموقعة بوقف إستخدام وقود الفحم الحجرى بحلول عام 2009، لضبط معدلات إنبعاثات الكربون وتفرض على الموقعين البحث عن مصادر الطاقة البديلة، ونجد أن إستخدام الفحم الحجرى قد تراجع أربعمائة مرة منذ عام .1970
الحديث عن فحم حجرى نظيف هو درب من دروب الخيال وبعيد عن الواقع، وجعله صديقا للبيئة حلما غير قابل للتحقق، فهناك اضرار ومخاطرة على الانسان والبيئة نتيجة استخدام الفحم الحجرى، وهناك أمراض ستصيب الأنسان المصرى نلخص أهمها فيما يلى :
• أمراض السرطان خصوصاً الرئتين والبروستات ولوكيميا الدم،
• تدمير جهاز المناعة،
• أمراض الجهاز التنفسى،
• تشوهات الأجنة،
• إضطرابات مستديمة بمراكز الجهاز العصبى،
• الفشل الكلوى،
• العقم لدى الرجال ونقصان الخصوبة لدى النساء،
• تلف المثانة والأمعاء.
إذا كانت أمريكا تستخدم الفحم الحجرى فى توليد الكهرباء، وبنسبة مشاركة 44.9%، فأمريكا اكبر ملوث للبيئة فى العالم، وترفض التوقيع على اتفاقية كيوتو، أمريكا تمارس البلطجة على كوكب الأرض، أمريكا لا تهتم بحق البشر فى أمتلاك ثرواتهم، فكل ثروات كوكب الأرض من حق أمريكا، فلنتذكر تدمير "العراق" من أجل البترول، ولنتذكر تدمير "ليبيا" من أجل البترول، أمريكا لا تهتم بحق البشر فى أمتلاك حريتهم، فلنتذكر أن أمريكا تشكلت على دماء وعظام وأراضى وأملاك أكثر من 100 مليون قتيل ومعذب من الهنود الحمر، ولنتذكر تدمير مدينة هيروشيما وناجازاكى بالقنابل الذرية، ولنتذكر تدمير دولة فيتنام، فمصر ليست أمريكا، وشعب مصر الغلبان محتاج من يخاف الله.
إذا كانت ألمانيا تستخدم الفحم الحجرى فى توليد الكهرباء، وبنسبة مشاركة 41%، فألمانيا تنفق نحو 2.5 مليار يورو سنويا لدعم الفحم، بينما المحطات النووية تنتج حوالى 25% من احتياجات المانيا من الكهرباء قبل عام 2011 وبدون دعم، فهل أقتصاد مصر يستحمل أضافة دعم.
طبعا أصحاب مصانع الأسمنت فى منتهى السعادة والفرحة، لأن المهم عندهم المكسب، إذا كانت هذه المصانع تستخدم الغاز والسولار والمازوت حاليا وتحرر لهم 850 مخالفة بيئية سنة 2012، فكيف سيصبح الحال عند استخدامهم للفحم الحجرى؟.
هل من حق الحكومة الأنتقالية فى ظل غياب مجلس الشعب وهو والمسئول عن الدفاع عن حقوق شعب مصر الغلبان، أن تقوم بالنظر فى مواضيع استراتيجية من شأنها تدمير صحة الأنسان المصرى، وتدمير أراضيه، وتلوث بحاره وانهاره.
يا أخوانا، المصانع المصرية ومحطات الكهرباء لا تلتزم في الأساس بالاشتراطات البيئية، فهل ننتظر خراب دولة.
يا أخوانا، إن ما ستوفرة الدولة من أستخدام الفحم الحجرى، لا يساوى شئ أمام تدمير صحة أمة بأكملها، ولا يساوى شئ فى مصاريف علاج مرض السرطان الذى سينتشر فى مصر.
نقلا عن الوطن
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع