الثلاثاء ١٥ ابريل ٢٠١٤ -
٤٨:
٠٥ م +02:00 EET
يوم الإثنين من بصخة الآلام، و لعن شجرة التين
بقلم : نانا جاورجيوس
يوم أثنين البصخة المقدسة من إسبوع الآلام المبارك، وهو اليوم الذي لعن يسوع شجرة التين التي إدعت كذباً أن بها ثماراً، واللعنة لاتعنى سباباً ولكن تعنى الخروج من المراحم الإلهية، فكانت المعجزة الوحيدة التي لعن فيها المسيح الشجرة التي كانت بقارعة الطريق، قائلاً:«لاَ يَكُنْ مِنْكِ ثَمَرٌ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ!». فَيَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ.
وهي المعجزة الوحيدة التي أجراها السيد الرب بعكس كل معجزاته المملوئة بالرحمة والعطف والمحبة الغير محدودة للإنسان، هذه معجزة يبست فيها الشجرة في الحال، لتُظهر أن هناك إله كما يمنحك الثواب ويجازي بالخير، فله القدرة أيضاً على العقاب و اللعنة للشرور، ولكل مَن لا يعطي أثمار لحياته على الأرض، وتظهر أنه بإمكانه أن يجازي صالبيه، وبإستطاعته أن يحقق هذه المجازاة حين قال: «أَتَظُنُّ أَنِّي لاَ أَسْتَطِيعُ الآنَ أَنْ أَطْلُبَ إِلَى أَبِي فَيُقَدِّمَ لِي أَكْثَرَ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ جَيْشًا مِنَ الْمَلاَئِكَةِ؟ فَكَيْفَ تُكَمَّلُ الْكُتُبُ: أَنَّهُ هكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ؟... وَأَمَّا هذَا كُلُّهُ فَقَدْ كَانَ لِكَيْ تُكَمَّلَ كُتُبُ الأَنْبِيَاءِ»«مت26: 53 - 56»
ولكنه لم يلعنهم من مراحمه الإلهية بل طلب المغفرة لهم على صليبه وهم يستحقون كل لعنة وعقاب، ولكن كيف تُكمَّل كُتب الأنبياء و نبوآتهم التوراتية التي تنبأت بصلبه وقيامته وفدائه للعالم ليقيمه من سقطته ويخلصه من الهلاك؟! فلم يفعل وسلم نفسه بإرادته للموت.
و رغم أن الموسم لم يكن موسم إثمار للشجرة، و يسوع يعلم تماماً أن الشجرة ليست فيها ثمار كما كان يعلم تماماً أنهم لن يؤمنون به وسيصلبونه، ولكنه أيبس شجرة التين لعلم اليهود الدرس رغم علمه بأنهم لن يؤمنوا، لعن الشجرة أمام أعينهم ليهدم عهداً قديماً حوَّل فيه الكتبة والفريسيين الإيمان الحقيقي وجعلوه مجرد مظهر للرياء والكذب و طقوس من النفاق وأفرغوا الإيمان من كل صلاح ومن كل صلاة قلبية و روحية و من كل عبادة حقيقية لله، وتاجروا بإسمه فأبعدوا الناس عن خالقهم وعن ملكوت الله، فصاروا عثرة في طريق إيمانهم. فهو إله يرفض التدين المظهري الزائف ويطلب إيماناً قلبياً و روحياً حقيقياً.
فبعد دقائق من معجزة شجرة التين سأله التلاميذ عن علامات مجيئه الثاني، فقال لهم:« فَمِنْ شَجَرَةِ التِّينِ تَعَلَّمُوا الْمَثَلَ: مَتَى صَارَ غُصْنُهَا رَخْصًا وَأَخْرَجَتْ أَوْرَاقَهَا، تَعْلَمُونَ أَنَّ الصَّيْفَ قَرِيبٌ، هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا، مَتَى رَأَيْتُمْ هذَا كُلَّهُ فَاعْلَمُوا أَنَّهُ قَرِيبٌ عَلَى الأَبْوَابِ»«مت24: 32- 33 » فصارت شجرة التين رمزاً للامة اليهودية التي بلا أثمار صالحة تليق بإله قدوس بل صارت ثمارهم فاسدة وعثرة للناس أمام تقدمهم في طريقهم للسماء. لهذا خربت أمة اليهود وهدم هيكلها، وتشتتوا بالعالم ألفين سنة منذ صعود السيد المسيح للسماء بعد أن بكي السيد والملك مدينته أورشليم بطريق الجلجثة لقساوة قلب إبنة صهيون.
لعن السيد المسيح شجرة التين القديمة ليقيم شجرة تين مسيحية، ألا وهي «كنيسته» التي إقتناها بدمه حين رفضه اليهود لينتهي عهد قديماً ويبدأ عهد نعمته الجديد بعد رفضهم الإيمان به وبأنه المسيا الذين كانوا ينتظرونه، وبعد أن منحهم من جديد كل إمكانية لإصلاحهم و إعادة إثمارهم من الداخل ، ولكنهم إحتفظوا بأوراق شجرة الرياء الكاذبة بعكس ما يبطنوا كما حاول آدم ستر عورة خطيته بأوراق الشجر ولكنه لم يفلح لهذا ستره الله وقدم له الحل الأمثل بذبيحته الحيوانية فكسا عورتة بجلود ذبيحة حيوانية والتي كانت تشير لذبيحة المسيح التي ستر بها خطيتنا، فصارت شجرة بني إسرائيل مجرد منظراً خارجياً من طقوس وهيكل حولوه للتجارة وناموس اثقلوا أحماله على الناس، ولكنهم ظلوا أمة كاذبة بلا أثمار روحية فقط صورة للتقوى خالية من المحبة والصلاح. فينطبق عليهم قول الإنجيل:« خائنين، مقتحمين، متصلفين، محبين للذات دون محبة لله، لهم صورة التقوى، ولكنهم منكرون قوتها. فأعرض عن هؤلاء»«2تي3: 4- 5»، لهذا وصفهم المسيح بأنهم مرائين كما فعل آدم بعد سقطته المميتة التي أهلكت إنسانيتنا، فلكي نصير أمة مثمرة حقيقية فلنبتعد عن المُراءاة والنفاق والكذب والمكابرة حينئذ نعترف بضعفاتنا وخطايانا فيستُرنا رب المجد يسوع ويغطينا بدماء ذبيحته.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع