الأقباط متحدون - الخطاب الديني المنتظر
أخر تحديث ٠٧:٤٧ | الثلاثاء ١٥ ابريل ٢٠١٤ | برمودة ١٧٣٠ ش ٧ | العدد ٣١٦٠ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الخطاب الديني المنتظر

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

بقلم ثروت الخرباوي
أرسل الله الاسلام لكي يكون للعالمين دينا ورحمة وبشرى وهداية، أرسل رسوله بالهدى ودين الحق {ليظهره على الدين كله} فكان الاسلام للناس كافة وليس لأمة العرب دون غيرها من الأمم، فالاسلام اذن دين عالمي

ولكن العرب عرَّبوه، وزعموا أنهم أصحاب الحق في فهمه، بل وجعلوا من أفهامهم دينا مساويا للوحي القرآني! فأصبحت على أرض الواقع آراء الفقهاء دينا تتساوى مع النصوص المقدسة، فتحوَّل جهد البشر الناقص على أيديهم الى حق لا يجوز مناقشته أو نقده أو دحضه، وأصبحت التقاليد والأعراف التي درج عليها العرب دينا، واخترعوا من أجلها أحاديث وتأويلات لا يمكن ان تكون دينا.

واذا كان الله سبحانه وتعالى أنزل لنا النص المقدس الذي هو الحق المطلق، الا أنه ترك لعقولنا النسبية ان تتفاعل مع هذا النص وتفهمه وفق ادراكها ووفق واقعها وزمنها، ولذلك فانه وان كان النص واحدا الا ان أفهام الناس له يجب ان تتعدد، بل ان تَعدُدَ الأفهام هو من لزوم عالمية هذا الدين وكونه الدين الخاتم، وكان من المنتظر وفق مرونة هذا الدين وسعته ان ينطلق العقل العربي الى آفاق من المعرفة، بحيث لا يصادر على فهم، ولا يدعي احتكار فهم، ومع ذلك فاننا وبعد قرون حين ننظر للصورة العامة سنجد الآتي: أصبح الشائع هو الخلط بين الدين والتدين، والاسلام وتاريخ الأمة، الحضارة التي أقامتها الشعوب والاسلام، فأصبحت حضارة أقامتها أجيال تُنسب للاسلام لا للبشر الذين أقاموها، ثم كان الخلط الأكبر بين الاسلام وفقه الفقهاء، حتى تحولت هذه الاجتهادات الى أقانيم مقدسة لا يجوز الاقتراب منها.

ومع هذا الخلط تسلل بعضهم الى الحديث الشريف، فأضافوا واختلقوا وحرَّفوا، وكان الداعي الى هذا هو الخلافات السياسية والقبلية أو حتى الاختلافات في الفهم، فبعضهم اذا انتهى الى رأي فأراد ان يؤيده اختلق له حديثا، والحاكم اذا أراد ان يستعبد الناس مفتئتا على حقوقهم اخترع له فقهاء السلاطين الأحاديث التي تلزم الناس على قبول الظلم وعدم الثورة عليه حتى ولو سلب مالك!! وكل ما عليك ان تفعله هو ان تصبر، وكأن الاسلام قد جاء ليعبد الناس لحكامهم!! وللأسف الشديد قام علماء الحديث بقبول أحاديث منكرة في متنها لمجرد أنهم رأوا صحة سندها، فاذا بنا نجد أحاديث قتال الناس بالسيف حتى يسلموا، وهي أحاديث تخالف القاعدة القرآنية {لا إكراه في الدين} و{فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} و{ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا} وأصبحت هذه الأحاديث وفقا لزعمهم ناسخة لآيات الرحمة في القرآن!!.

وهناك العشرات بل المئات من الأحاديث الواردة في كتب الصحاح وهي تخالف القرآن مخالفة صارخة بحيث يستعصي التوفيق بينهما، ألا يدعونا هذا الى اعادة النظر في علوم الحديث واعلاء قيمة المتن على قيمة السند بحيث نستبعد الحديث المخالف للقرآن مهما كانت قيمة سنده، أظن أننا في أمس الحاجة الى ثورة فقهية تعيد للاسلام عالميته وترفع من قيمة الرحمة والسلام والحرية والمساواة والعدالة.

ولكن ارهاب الكهنة الذين يريدون الدين على هواهم أوقف كل اجتهاد عبر قرون طويلة، لذلك لاتجد اجتهادا معتبرا بصدد العلاقة السياسية بين الحاكم والمحكوم وهل هي علاقة تبعية ورئاسة أم علاقة وكالة وتفويض، وما هو الشكل الذي يتفق مع الدين حقيقة بالنسبة لأعمال البنوك خاصة وأن البنوك الاسلامية لم تفعل شيئا اللهم الا استبدال الأسماء فقط مع الابقاء على ذات المضمون، وغير ذلك كثير مما ينفع عموم المسلمين، ولدينا الآن فرصة ذهبية بعد فشل مشروع الاسلام السياسي، فقد كان هو الأب الشرعي في العصر الحديث لكل القوالب الجامدة التي توقفت عند القديم، وفشل مشروع الاسلام السياسي هو في حقيقته دعوة لابداع خطاب ديني مختلف، وها نحن ننتظر ولادته.
نقلآ عن أونا


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع