د. عاطف نوار
كشفت مقالات الفكر المستنير إنقساما خطيرا فى الكنيسة.. إنقسمت الكنيسة إلى فريقين ..
الفريق الأول و هو الغالب .. هو الفريق الموافق على ما يطرحه الفكر المستنير من مطالبة بالعدل فى رعاية الكنيسة لرعيتها .. من نقد للمحاباة فى التعامل معهم .. من رفض لسيطرة محبة المال على العلاقة بين الرعية و الرعاة ..
من إستنكار لتساهل بعض الرعاة مع الخطأ و الخطية إلى حد عدم الأمانة فى إنتخابات لجان بعض الكنائس وصولا للمالو المصالح الشخصية .. من الإصرار على تنفيذ و تفعيل وصايا السيد المسيح للرعاة بالأمانة و العدل و الإستقامة و البذل و البُعد عن محبة العالم و تعظم المعيشة و عبادة المال .... إلخ .
أما الفريق الثانى .. فهو فريق القصور العاجية .. الرافض للفكر المستنير .. هذا الفريق رفض كل ما طرحه الفكر المستنير بشدة .. دون التحقق أو حتى السؤال عمن يشار إليهم من أصحاب المظالم و المقهورين من رعاة كنيستهم .... مُفضلين سلوك النعامة فى دفن رأسها فى الرمال .. فهم يعون و يعرفون ما يحدث حولهم و لكنهم فضلوا المصالح الشخصية و الوجاهة الإجتماعية .. و اصفين الفكر المستنير بالسلبية و التسبب فى العثرة و فقد السلام .. و قد رد الفكر المستنير على هذا كله فى مقاله الخدمة الكنسية ..
ما يهمنى فى هذا الطرح .. أن هذا الإنقسام كان نتيجة لشئ واحد أشار إليه السيد المسيح «لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ، لأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ الْوَاحِدَ وَيُحِبَّ الآخَرَ، أَوْ يُلاَزِمَ الْوَاحِدَ ويَحْتَقِرَ الآخَرَ. لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا اللهَ وَالْمَالَ."( مت6 : 24 ) و ( لو 16 : 13)..عبادة المال.. ومَحَبَّةَ الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ، الَّذِي إِذِ ابْتَغَاهُ قَوْمٌ ضَلُّوا عَنِ الإِيمَانِ، وَطَعَنُوا أَنْفُسَهُمْ بِأَوْجَاعٍ كَثِيرَة " ( 1 تيم 6 : 10 )..و محبة المال ظهرت واضحة جلية حتى أن التهافت على المال و التربح صار صفة شهيرة لبعض الرعاة .. فمحبة المال و عبادته ولدت من رحمها العفن إبنة حقيرة كريهة إسمها " المحاباة " ..
رأسها مداهنة بعض الرعاة للقادرين و التساهل مع خطاياهم و أطماعهم .. و يديها إغفال حقوق المظلومين و الغير قادرين إرضاءا للقادرين و حرصا على جمع المال.. و رجليها هما البطش و الإطاحة بكل من ينادى بتفصيل كلمة الحق باستقامة و عدل .. قلبها عامر بولاء تام للمال و التزام شديد بتنفيذ قوانينه و تعليماته .. و عقلها يصر على إحتقار المسيح و وصاياه .. و هذا ما أشار إليه قداسة البابا تاوضروس فى عظته .. " من يحب العالم فليس فيه محبة الله " .. و أن الصراعات التى هى إنقسامات سببها محبة العالم الملئ بالشهوات و الشرور التى أساسها محبة المال..
و أنى أطرح هذا الإنقسام أمام ضمير الكنيسة .. مناديا بردع أسبابه و معاقبة المتسبب فيه و تنقية داخل الكأس ليصير الكأس كله نقيا .. و تعود الكنيسة جسدا و احدا للمسيح فى القلب و الفكر و الإيمان و الأعمال .. حظيرة آمنة تحتوى كل الخراف دون تمييز.
Atefgpm2006@yahoo.com