كتب – نعيم يوسف
رحيل
أيام قلائل تفصلنا عن قيام الرئيس عبد الفتاح السيسي، حسب المؤشرات الأولية للانتخابات، والتي أظهرت اكتساحه للتصويت في الداخل والخارج، بأداء اليمين الدستورية، أمام الرئيس عدلي منصور، ليسلمه مفاتيح سلطة مصر، ويرحل بعد حوالي عام، كان من أصعب الفترات التي عبرتها مصر في الفترة الأخيرة
حيث نجح الرجل في العبور بالبلاد إلى رئيس منتخب جديد وإنهاء فترة المرحلة الانتقالية بما كان فيها من شد وجذب وإشكاليات وتحديات صعبة واجهها منصور بحزم وإرادة قوية، جعلته مكرما في عيون المصريين على غير عادة رؤساء مصر الذين إما يقتلون أو يحاكمون.
حياته القانونية
والمستشار عدلي منصور هو "عدلي محمود منصور (23 ديسمبر 1945)، عُيّن المستشار عدلي منصور عضواً بالمحكمة الدستورية العليا في عهد الرئيس السابق حسني مبارك عام 1992، ثم تولى رئاسة المحكمة الدستورية العليا في 30 يونيو 2013 خلفاً للمستشار ماهر البحيري، وأدى اليمين كرئيس للمحكمة يوم 4 يوليو قبل أن يؤدي اليمين كرئيس للجمهورية بدقائق قليلة.
رئاسة الجمهورية
تولى رئاسة جمهورية مصر العربية لفترة انتقالية، نتيجة مظاهرات حاشدة ضد نظام الإخوان المسلمين؛ أدت إلى قيام القوات المسلحة المصرية بقيادة الفريق أول عبد الفتاح السيسي وقتها بعزل الرئيس السابق محمد مرسي بعد مرور عام من توليه منصب رئيس الجمهورية؛ تلبية لطلبات المعارضة التي تظاهرت في شتى شوارع مصر.
كما أعلن السيسي عن خريطة طريق تشمل تعطيل العمل بدستور 2012 ومن ثم نُصب عدلي منصور رئيساً مؤقتاً باعتباره رئيس المحكمة الدستورية، وذلك بعد الاتفاق مع بعض القوى الوطنية، المعارضة لحكم محمد مرسي على خارطة طريق جديدة للبلاد بالتعاون مع شيخ الأزهر وبابا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وبحضور ممثل لحزب النور وموافقته على خارطة الطريق.
قرارات رئاسية
وخلال رئاسته للجمهورية أصدر منصور عدة قرارات هامة، أبرزها قراراً جمهورياً بتشكيل لجنة خبراء من 10 قانونيين بهدف تعديل الدستور،و خلال فترة رئاسته، أصدر قراراً جمهورياً بتغيير يمين الطاعة الذي يؤديه أفراد القوات المسلحة مزيلاً منه عبارة "أن أكون مخلصاً لرئيس الجمهورية"، وفي 26 فبراير، 2014، أصدر قراراً جمهورياً يشترط موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة على تعيين وزير الدفاع، وأن يكون هذا التعيين لفترتين رئاسيتين كاملتين، في 18 مايو، 2014، أصدر قرارًا برفع قيمة راتب الرئيس من 12 ألف جنيه إلى 21 ألف جنيه ومثل ذلك لبدل التمثيل، ما يجعل مخصصات الرئيس 42 ألف جنيه شهريًا؛ علمًا أن هذه الزيادة لا تطبق عليه لكن على الرئيس القادم.
تغيير حكومتين في عهده
تغيرت في عهد الرئيس عدلي منصور حكومتين الأولى برئاسة الدكتور حازم الببلاوي، ثم صدر قرارا بتكليف المهندس إبراهيم محلب بتشكيل حكومة جديدة، نتيجة للسخط الشعبي على حكومة الدكتور الببلاوي، وبالرغم أن حكومة محلب لم تغير كثيرا من وزراء "الببلاوي" إلا أنها في وقت قصير استطاعت تخطي الكثير من الأزمات وكسب رضا قطاع كبير من الشعب ووقفه إلى جانبها.
علاقته بالكنيسة
وكان للرئيس عدلي منصور بعض اللمسات الإنسانية والتي جعلته مقربا أكثر من الجمهور والمواطنين، فهو أول رئيس يزور بابا الكنيسة القبطية للتهنئة بالأعياد، بعد فترة جفاء بين مؤسسة الرئاسة والكنيسة في عهد جماعة الإخوان المسلمين، كما يؤكد دائما، في خطاباته ولقاءاته التلفزيونية القليلة، على ضرورة الخطاب الديني الوسطي الذي يدعو إلى التسامح والمحبة.
لمسات إنسانية
وقام منصور بالتدخل شخصيا في مداخلات هاتفية مع برامج تلفزيونية على الهواء مباشرة، حيث فاجأ الإعلامي عمرو أديب خلال حلقة من برنامجه "القاهرة اليوم" كان يدعوا فيها وزارة الخارجية لتسهيل مهمة دخول "بطاطين" إلى مصر خلال نوبة من البرد القارس اجتاحت مصر، ووعد منصور بحل هذه المشكلة فورا.
شكوى نقيب الفلاحين
وبينما كان نقيب الفلاحين يشكو من إهمال الدولة لهم، خلال برنامج "في الميدان" مع الإعلامية رانيا بدوي فاجأه الرئيس منصور باتصال هاتفي ليحدد له ميعاد على الهواء مباشرة لكي يقابله في قصر الرئاسة، ويتولى حل مشاكل الفلاحين.
غير طامع في سلطة
وعلى المستوى الشخصي فقد قرر منصور، ألا يترشح لرئاسة الجمهورية، مكتفيا بمنصبه كرئيس للمحكمة الدستورية، أن يكتفي بمرتبه كرئيس للمحكمة الدستورية، ولا يأخذ من الدولة راتبا لكونه رئيسا للجمهورية، بل قام بزيادة مرتب رئيس الجمهورية في أخر شهر من مدة ولايته ليصبح 42 ألف جنية ولا يعمل به بأثر رجعي، أي لا يترتب على هذا القرار أي ميزة مادية له، كما رفض نجله منذ عدة أيام استقباله في مطار القاهرة من صالة كبار الزوار وفضل أن ينهي إجراءات وصوله إلى القاهرة بين عامة الشعب.
مطالبات بتكريمه
تلك الأمور وغيرها دفعت الكثير من المصريين للمطالبة بتكريم هذا الرجل الغير طامع في السلطة والذي يرونه خدم البلاد بكل أمانة وإخلاص دون طمع أو مقابل مادي، ليكون أول رئيس ينادي المصريون بتكريمه بعد أن اعتادوا تقديمهم للمحاكمة.