الأقباط متحدون - أقباط إلى جوار الرئيس
أخر تحديث ٠٠:٠٥ | الاثنين ٩ يونيو ٢٠١٤ | بؤونة٢ ش١٧٣٠ | العدد ٣٢١٥ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

أقباط إلى جوار الرئيس

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

سليمان شفيق
-أحد التوازنات التى فرضتها ثورة يوليو على المجتمع استعانة الدولة بوجوه مسيحية تعمل معها مراعاة لخلو مناصب الصف الأول من الأقباط
لعب المواطنون الأقباط دورًا محوريًا منذ معركة الاتحادية، فى إسقاط الإخوان ومرسى، وصولً للمشاركة المؤثرة فى انتخابات الرئاسة، مرورًا بانتفاضة التفويض والعقاب الجماعى الذى طالهم جراء مواقفهم الوطنية

الأمر الذى زاد من حجم توقعاتهم من الرئيس عبد الفتاح السيسى، لذلك فإن الأخبار التى تناثرت حولنا خلال الأيام السابقة من بعض المواقع )المحسوبة على بعض مراكز استطلاعات الرأى ( وأخرى ممن يريدون «حرق أشخاص بعينهم » حول اختيار الرئيس عبد الفتاح السيسى فريقه الإستشارى، قد خلفت جدلً عنيفًا فى الوسط القبطى، فالرئيس السيسى هو الرئيس الثانى الذى يختار مجموعة من المستشارين كل منهم مسئول عن ملف معين.

وكان ملف الأقباط من نصيب الدكتور سمير غطاس )كما زعمت هذه الأخبار(، ومع كامل الاحترام لكل من تداولتهم الأخبار، فإن الرسالة) وهى الحقيقة الوحيدة( التى وصلت، تشير إلى أن الحكم الجديد يبحث فى تلك المرحلة الخطيرة أن المطلوب الأكثر كفاءة من أهل الثقة، والمعيار الثانى هو ارتباط معيار الكفاءة المهنية لصاحب الملف بالفهم للبعد «الأمنى والتفكير الاستراتيجى »

أى ارتباط البعد المهنى بالآليات الأمنية والرؤية الاستراتيجية، والأهم أن الرسالة المحددة فيما نشر تتوجه بالأساس للنخب الإعلامية والقبطية، والذين يتصورون أن مهمة«المستشار » سلطة !! وبعضهم أسرف فى الآونة الأخيرة فى تسريب أخبار ونسج قصص عن قربهم من حملة المشيرالسيسى )إلى حد أنهم صدقوا أكاذيبهم(، وبعد أن فشلت الحملة الرسمية أمام الجميع..سقطت أوهام هؤلاء أو أنهم أسقطوا أنفسهم بأيديهم، ومن الكذب ما قتل!! الملاحظة الثانية، التى تستحق التأمل هى تذكرنا بمنهجية الراحل السادات

وهى «حرق الأشخاص » أى تقديمهم فى المسئوليات القيادية وتغيرهم سريعًا لكى يحملهم الرأى العام الفشل ) 7 وزارات فى 11 سنة بمعدل وزارة كل سنة ونصف( هكذا حرق الرئيس السادات أثناء حكمه عشرات الشخصيات، فى حين استهلك الرئيس الأسبق مبارك ) 8وزارات فى 30 سنة أى وزارة كل أربع سنوات( أما عبد الناصر فقد عين7) وزارات فى 12 عامًا، أى وزارة كل سنتين (، وهكذا نجد أن السادات هو الوحيد الذى كان يختار رجاله و مساعديه بشكل غير مستقر.
مستشارون وملفات

وكان الدكتور سمير مرقس القامة والقيمة الكبيرة أول مستشار للرئيس للملف القبطى، وهو الباحث المهتم بقضايا المواطنة والتعايش السلمى، وله من الأبحاث التى إن استعانت بها مؤسسة الرئاسة وقت توليه منصبه لربما كان ترك الإخوان حسنة وذكرى طيبة قبل رحيلهم.

إلا أن د سمير مرقس بلغة الكورة )لم يختبر(.فى تاريخ الرئاسة المصرية منذ محمد نجيب الذى لم يستمر فى منصبه إلا شهورًا قليلة وإنتهاءً بمحمد مرسى الذى لم يجلس على عرش مصر أيضًا إلا شهورًا قليلة، ظهرت شخصيات قبطية بالجوار من الرؤساء

فالنظام الرئاسى الذى تحولت له مصر بفضل ثورة الجيش فى الثالث والعشرين من يوليو، وبالتالى تولى قادة هذه الحركة المباركة مقاليد الأمور فى مصر والتى كانت تخلو من الأقباط على الأقل فى صفها الأول، فكان لابد من الاستعانة بوجوه مسيحية تعمل معهم مراعاة لطرف المعادلة المصرية الثانى، فكانت البداية فى عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بجندى عبد الملك، وكمال رمزى إستينو، وهما اللذان شاركا فى وضع لائحة 57 الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط، وكان إستينو هو المسيحى الوحيد فى مجلس الوزراء عقب رحيل جندى عبد الملك كوزير للتموين وكذلك هو العضو المنتخب فى الاتحاد الاشتراكى العربى مما جعله من المؤثرين فى القرارات السياسية التى كانت تتخذ فى ذلك الوقت

وكان إستينو من الشخصيات التى تعبر عن مسار ثورة 23 يوليو التى كان شعار العلم والعمل معبرًا حقيقيًا عنها، فرمزى إستينو المولود عام 1910 والذى عايش ثورة 1919 وثورة يوليو.. فأصبح من المخضرمين وأيضا كان يمثل الأرستقراطية القبطية من جهة والتكنوقراط من جهة ليكون المعبر عن الأقباط لدى مؤسسة الرئاسة وحلقة الوصل بين الرئاسة والكنيسة، فكان إستينو هو الوسيط عبد الناصر والبابا الراحل كيرلس السادس قبل أن تتوطد العلاقة بين الرجلين حتى أصبحت أقوى ما يكون.

وبرحيل الرئيس عبد الناصر ووصول الرئيس أنور السادات إلى سدة الحكم، وبعد معركة سياسية حسمت فى مايو 1971 أو ما يعرف باسم ثورة التصحيح، تغير الفريق الرئاسى والعاملون إلى جوار الرئيس بشكل كبير فأصبح الأقباط ليس بالضرورة وزراء ولكن شخصيات عامة مثل الكاتب موسى صبرى وفكرى مكرم عبيد عضو المكتب السياسى فى الحزب الوطنى عام 1978

وفى أعقاب تلك المعركة بشهور قليلة وتحديدًا فى نوفمبر 1971 جلس البابا شنودة الثالث على كرسى مارمرقس ليصبح بطريرك الإسكندرية، وفى ذلك الوقت كانت العلاقة بين الرئيس جمال عبد الناصر والبابا كيرلس السادس قد بدأت فى غرس بذرة تمثيل البطريرك للأقباط، وهى البذرة التى ساعد السادات فى تغذيتها لتنمو، فكان السادات أول من تعامل مع البطريرك القبطى بصفته زعيمًا للأقباط

والعلاقة بين الرجلين بدأت بالصدام وانتهت باعتقال البابا واغتيال الرئيس، وكان تحديد إقامة البابا هو القرار الذى اتخذه السادات بمساعدة مستشاريه الأقباط وعلى الرغم من وجود أقباط فى حكومات عهد السادات إلا أننا لا نستطيع أن نجزم بأنهم لعبوا دور تمثيل الأقباط لدى مؤسسة الرئاسة أو حتى مستشارين فيما يتعلق بملف الأقباط، فحتى وإن كانت العلاقة بين مؤسسة الرئاسة ومؤسسة الكنيسة غير جيدة فإن ذلك لا يعنى أن الاتصال بينهم لم يكن مباشرًا.

وبعد اغتيال السادات ووصول نائبه حسنى مبارك إلى منصب الرئيس، وفى البداية استعان مبارك بمصطفى الفقى كمستشار للرئيس فى الملف القبطى الذى كان على اتصال بآل عبد النور، بدأ مبارك بداية جديدة لإزالة آثار ما انتهى به السادات، فألغى قرار السادات بتحديد إقامة البابا شنودة فى دير وادى النطرون فى يناير1985 ، ولكن فى عهده نمت بذرة تمثيل الأقباط عن طريق الكنيسة

وتبلورت حتى أصبحت الكنيسة بدي لً عن الدولة فى العديد من الأمور السياسية والاقتصادية لدى الأقباط على الرغم من حفاظه على العرف المتبع بوجود قبطى أو اثنين فى الوزارة، وقد أدى هذا الوضع إلى قوة موقف الكنيسة لدى الدولة وحدوث تقارب بين المؤسستين الرئاسية والكنسية، مما جعل البابا اعتباريا مستشار الرئيس فى الشأن القبطى بل تولى بشخصه مسئولية التصرف فى العديد من قضاياه. وعلى الرغم من الاستقرار النسبى فى الملف القبطى فى ظل هذه الظروف إلا أنه كانت هناك معارضة مستترة خاصة من فئة من الشباب القبطى

والذين اشتركوا فيما بعد فى المعارضة الكبرى والاحتجاج الأعظم فى يناير 2011 فى ثورة على المنظومة كاملة، فسعيًا نحو مستقبل جديد ووطن يسوده القانون وتديره المؤسسات خرج هؤلاء الشباب فى سعيهم نحو التغيير، ونتج عن هذا السعى وهذا التغيير تغير فى شكل مؤسسة الرئاسة، فأصبح الرئيس ملزمًا أدبيًا على اختيار مجموعة من الأشخاص ليتولوا مناصب مستشارى الرئيس فى العديد من الملفات، والتى من أهمها ملف الأقباط فى المستقبل أحد أعراف المسار الانتخابى المصرى.

وها نحن أمام مسار سياسى جديد يقف على قمته الرئيس عبد الفتاح السيسى، وبعد استعراض الأنظمة السابقة جاء وقت استعراض السؤال المستمر، ترى كيف سيدير الرئيس عبد الفتاح السيسى الملف القبطى؟ هل سيحافظ على السياق المتمثل فى اعتبار الكنيسة ممث لً عن المسيحيين؟ أم سيفعل منصب مستشار الرئيس؟ أم سيخلق ديناميكية تجمع بين الكنيسة ومستشاره وشباب الأقباط الذين نجحوا فى تثبيت وجودهم فى الشارع؟ وفى كل الأحوال يبقى السؤال الأهم، هل كما نرى من مؤشرات حس النية، ستظل الرؤية للملف القبطى وبناء كنائس رؤية أمنية، أم رؤية مواطنة؟! ذلك ما سوف تجيب عنه الأيام القادمة.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter