حكاية تخيلية طريفة
للأديب والشاعر فايز البهجورى
فى يوم من الأيام دار حوار بين الأذن اليمنى والأذن اليسرى .
قالت الأذن اليمنى للأذن اليسرى: نحن نعمل معا طوال الوقت . دون فترة راحة . نستقبل أصواتا بعضها عذب ومريح ، وبعضها الآخر مزعج ومنفّر . لماذا لا نتقاسم وقت العمل بيننا ؟
أنا أعمل بعض الوقت وأنت تستريحين . وأنت تعملين بعض الوقت وأنا أستريح .
قالت الأذن اليسرى : انه اقتراح جيّد . ولكن كيف نستطيع أن ننفّذه ؟
أجابت الأذن اليمنى : نتفق على ذلك أولا . ثم نفكر معا فى الحل .
علّقت الأذن اليسرى على ذلك بقولها : أنا متفقة معك على هذا الاقتراح ولنبدأ معا نفكر فى طريقة تنفيذه .
سمعتهما الأنف وتدخّلت فى الحوار . قالت الأنف :
وأنا أيضا أعانى من نفس المشكلة . أعمل طول الوقت . أستقبل روائح كثيرة بعضها جميل وبعضها كريه . ليتنى أجد حلا لهذه المشكلة .
سمعت العينان حوار الأذنين وتعليق الأنف . وقالت العين اليمنى للعين اليسرى : من حسن حظنا أننا لا نعانى من هذه المشكلة .
فنحن نعرف متى نعمل ، ومتى نتوقف عن العمل .
نفتح النافذة اذا أردنا العمل ، ونغلقها اذا أردنا الراحة .
سمعت الذقن كل الحوارات التى دارت وقالت معلّقة عليها:
لكل منّا بلواه . أنا لا أعانى من العمل فى أى وقت . لا أستقبل أصواتا ولا أضواء ولا روائح . ولكن مشكلتى فى هجوم "المتطفلين" علىّ . فأنا أعانى من "غابة من الشعر" تصرّ على تواجدها فوقى ، بغير رغبة منّى " ولا أستطيع التخلص منها ودفعها بعيدا عنّى .
سمعهم اللسان وقال معلّقا على كل ذلك:
وأنا أيضا أعانى من حماقات صاحبى. فهو فى بعض الأحيان يجعلنى أتلذذ بطعوم حلوة .
ولكنه فى أحيان أخرى كثيرة يلهبنى " بالمشطشطات" الحرّاقة . والأطعمة والسوائل والمشروبات الساخنة ، لكى" يرضى مزاجه" ، دون " مراعاة لمشاعر واحساسات أعضاء جسمه".
حتى أسنانه أحيانا "لا تراعى حق الجوار" وكثيرا ما تعضنى ، ولا أستطيع أن أفعل شيئأ لرد عضاتها .
ثم تحرّك اللسان وقال :
ما كل ما يتمناه العضو يدركه . والحلو ما يكملشى .
وفى الغرفة الخلفية سمع " المخ" كل الحوارات التى دارت بين الأذنين والعينين والأنف والذقن واللسان .
وانطلق من " المخ" "صوت العقل " معلّقا على ما سمعه :
عيب الانسان أنه لا يعرف قيمة الشيئ الا اذا فقده .
لا يعرف قيمة الصحة الا اذا ذهبت عنه .
لا يعرف قيمة أعضاء جسمه الا اذا تعطّل دورها فى حياته .
ليت كل انسان يتعلم كيف يحافظ على ما لديه من " نعم " قبل ضياعها منه ، ويندم على ضياعها .
مشروع " موسوعة الألف قصة للبهجورى ".
( مجموعة القصص الطريفة )