ماتت أمي فماتت الدنيا, ماتت يد لا تعرف إلا العطاء، وقلب لا يعرف إلا الحب والصفح والغفران. على الرغم من مرضها فكان وجودها يشعرني بالأمان والقوة، فمن يكفكف دمعتي غيرك؟ ولم أدري بنفسي إلا والدموع تنهمر على وجهي. أيقظتني سيدة في منتصف الخمسينات كانت تجلس بجواري في التاكسي وعندما علمت بسر بكائي قالت لي: هوني عليك سيدتي "فمن عرف بلوة غيره هانت عليه بلوته"
اندهشت عندما بدأت تروي لي حكايتها وزوجها الذي قرر الزواج بأخرى شابة حتى ينجب منها أولاد بعد موت أبنهما الوحيد ذو العشرين من العمر وقراره بطردها من منزلها في هذه السن. فمن أين لها أن تعيش وتسكن فهي ربة منزل فما كان لها إلا أن تعمل في إحدى الحضانات من أجل كسب قوت يومها وكذلك المبيت.
ماذا يقول السادة الرجال في ....
خديجة ... خرجت من بيتها تمشي على أطراف أصابعها؛ كي لا توقظ رَجُلها العاطل، تُسابق الزمن لتلحق بوسيلة مواصلات لا آدمية تقلها إلى مكان عملها البعيد في أحد المصانع؛ لتعود آخر اليوم وقد خارت قواها؛ ليستقبلها السيد المطاع بوجه عابس يقضي على ما تبقى من رغبتها في الحياة معه، ولكن ما أن تنظر لصغارها الأبرياء حتى تتنهَّد بصوت مكتوم: "هاستحملْ وأهُو ضِلّ رَاجِل ولا ضِل حيطة"!.
نجوى .. "مهندسة ماهرة"، وزوجة طيبة من بيت محترم، متدينة، ومثقفة، كل جريمتها زواجها من مجنون لاتعرف الرحمة قلبه؛ حتى أصبحت حقلَ تجاربٍ لِلَكَمَاتِه الموجعة، يَغَار من نجاحها وحب الناس لها، وهو لم يعرف في حياته سوى الفشل.
فاطمة .. زوجة فاضلة ملتزمة بحجابها الشرعي، فلا يظهر منها إلا الوجهُ والكفان، ما أن تخرج من بيتها لعملها أو لشراء متطلبات البيت حتى تصبح فريسة المتحرشين باليد واللسان والذين هم أكثر من مشجعي كرة القدم!، وما أن تدخل إلى بيتها حتى تحتمي بزوجها عَلَّها تجد بين ذراعيه الحماية والأمان، ولكنْ يخيب ظنُّها عندما يُبعدها بكفِّه الغليظة حتى يتابع الأخبار في هدوء!
هند .. زوجة تنساب دموعها كلَّ ليلة، حتى يغلبها النُّعاس بعد يوم شاقٍّ من العمل في البيت، ورعاية زوجِها وأطفالها، وحماتِها التي تَردُّ لها الجميل بالكَيْد لها، والشكوى منها عند زوجها، والذي يكون رَدُّ فعله دومًا إصدارَ الحكم العاجل عليها بالضرب المبرِّح دون أدنى تحقيق أو دليل، وبمجرد أن يأوي الجميع إلى فُرُشِهم يأتي حتى يدنوَ منها، ويقضي رغبته
دون أدنى اعتذار، ولو بالتلميح، ثم ينصرف عنها لِينام، ويتركها لدموع القهر والألم.
مريم.. امرأةٌ صالحة بدأتْ حياتها مع زوجها من الصِّفْر، وعاشت معه على الحُلوة والمرَّة، وضَحَّت بمالها وجهدها من أجله، حتى أصبح بعد سنوات طوال من الأغنياء، وبعد عِشْرَة السِّنين- التي جاوزت العشرين عامًا- قَرَّر الزوج وهو على مشارف الخمسين أن يبدأ حياته من جديد مع فتاة صغيرة من عُمْرِ بناته؛ لتُعيدَ إليه الحياة والشباب؛ فهجر الحاجَّة أمَّ العيال، وانشغل بعَروسه الجميلة، التي حَصدتْ ما رَوتْه الزوجة الصابرة بدموعها وصبرها.
عَشَرات الزوجات على أبواب المحاكم في مرارة ويأس يحاولن الحصول على حقوقهن وحقوق أطفالهن الأبرياء من أزواجهن السابقين.
مئات الأمهات الأرامل، والمعيلات الباحثات عن لقمة العيش الشريفة، فمعاشهن لا يكفي لحد الكفاف.
إنه الرجل، الذي يحق له أن يفعل ما يشاء دون مُسَاءلة أو حساب! لتتضاعف أدوار المرأة داخل وخارج البيت؛ لتصل إلى مشارف الاكتئاب والانهيار.
إن الاستقرار الأسري صناعة لإيجاد السعادة، فتكْوين الأسرة، لا تأتي مصادفة أو بالموهبة إنما بمعرفة كل منهما لدوره وحقوقه وواجباته.
عزيزتي دولة القانون
أطالب بمعاش إجباري لربات البيوت ممن تجاوزن سن الخمسين واللاتي ينطبق عليهن شروط الإعالة لحمايتهن وحماية أسرهن من الضياع بما يضمن تماسك المجتمع.
وطبقًا لبروتوكول حقوق المرأة في أفريقيا الملحق بالميثاق الأفريقي لحقوق الإناث والشعوب والذي اعتمدته الجمعية العامة لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي أطالب بالأتي:
1- اتخاذ التدابير اللازمة للاقرار بالقيمة الاقتصادية لعمل المرأة المنزلي.
2- إقامة نظام للحماية والضمان الاجتماعي للمرأة.
3- تهيئة الظروف لتعزيز ودعم المهن والأنشطة الاقتصادية للمرأة
إننى أضع قضية المرأة بين أيدى رجالنا المصريين الذين يقدرون موقف المرأة تمام القدر، ويشعرون بأنها كائن له تقديره واحترامه، وأعلم تمام العلم أن صيحتى الصادقة هذه ستجد منهم كل اهتمام ورعاية، حتى يتسنى لنا جميعا رجالا ونساء أن نعمل على رفعة وطننا العزيز مصر
وأخيرًا "ست الحسن" نعم ست الحسن -هكذا يجب أن تُلقب المرأة- عيشي بالأمل فأنت تملكين الإصرار على الفعل والتحدى والمثابرة فلا تستسلمي أبدًا بل عيشي لتنهضي بحقوقك … أو موتي لتنتصر فكرتك.
Marry_Hanna@yahoo.com