الأقباط متحدون - زَوْجَةُ الكَاهِنِ القِبْطِيِّ
أخر تحديث ٠٠:٢٥ | الاثنين ٧ يوليو ٢٠١٤ | بؤونة ١٧٣٠ ش ٣٠ | العدد ٣٢٤٣ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

زَوْجَةُ الكَاهِنِ القِبْطِيِّ


القمص أثناسيوس چورچ
 
يلزم أن نميز بين نوعين من زوجات الكهنة : النوع الأول الذﻱ فيه ترتبط الزوجة برجل؛ إلتزم بدعوة الكهنوت وسيتقدم للرسامة الكهنوتية. والنوع الثاني تمثله النساء اللواتي تقع قرعة الاختيار على أزواجهن بعد زواجهن بزمنٍ، وكلتاهما يدخلن مسئولية حمل صليب التكريس. فزوجة الكاهن هي سَنَد عائلتها وهي محطّ الأنظار، لا لأجل ريادتها؛ ولكن لتقييمها ورصدها في كل شيء. وبالرغم من أن ارتباطها ليس تكليفًا مواهبيًا، لكن خدمتها محورية تعملها بإسهاماتها المضيئة وخبرتها وقدوتها قبل كل شيء. فليس من الضرورﻱ أو الحتمي أن يكون لها موقع داخل تدبير الخدمة، لكن وجودها ينبع من دورها المُعاش؛ كلما كان ملموسًا، والذﻱ يبدأ بتدعيم اصطفاء الله لخدمة زوجها، مقتنعة بأنها ستكون تحت الميكروسكوب، وأنها تبقى تحت مجهر المراقبة الحساسة في كل شيء؛ وستلُوكها الألسنة.
 
لذلك القبول والتجاوب الواعي لحمل الصليب يضاعف المعونة الإلهية، لكل مَنْ تستتر في المسيح بصدق عفوﻱ غير مفتعَل، ولكل من تحيا حياة فاضلة. عارفة لحدودها؛ غير متأففة من صغائر الناس، خادمة للمسيح ولرعيته؛ بقدوة المحبة وصبر الإنجيل سواء في تربية أولادها أو في قدوتها لتكميل الوصية.
 
موافقة زوجة الكاهن للسلوك في حياة التكريس التي قَبِلَها زوجها، يضع عليها نِير الالتزام بروح الرزانة والعفة المسيحية، بدون لَغْو؛ لتكون أعمالها بالله معمولة في دائرة الإيمان الناضج. مبتعدة عن ثقافات الرومانتيكية وبذخ الموضات وزخرفتها الرخيصة، وعن مجاراة أفكار وطرق بنات الناس؛ لأن لها أيضًا دورها الأيقوني الذﻱ يضفر لها إكليلها؛ ويحفظ لها أجرها السماوﻱ عند الآب القدوس الذﻱ عنده ستُستعلَن الخفيات؛ وما هو مكتوم عن أعين البشر. مستعدة للشهادة البيضاء وعلى أُهْبَة الاستعداد أن تقدم حياتها طاهرة متعقلة، وقد أتتها الفرصة بإتساع لتتاجر فيما هو موضوع أمامها؛ وتكسبه لربح أبدﻱ، وحتى لا ينخر سوس البطالة والبريق حياتها، فاهمة لخطّة الله في حياة بيتها.
 
ليت الذين في طريق تكريس الكهنوت، يفهموا أنَّ الله لا يبعثر اللآلئ على الأرض؛ وكما يُخفي الجواهر الثمينة عن أعين البشر، هكذا زوجة الكاهن الصالحة لا بُد من البحث عنها بتدقيق؛ حتى يختارها الرب من الأعماق كاللؤلؤة الفاضلة التي مَنْ يجدها؛ كان ثمنها يفوق كل الأثمان. أما غير ذلك؛ فتكون عاقبته مُرّة كالأفسنتين. فإنْ كان ذوﻱ العيوب الخلقية لا يليقون للكهنوت ولتكريس الرب بسبب عاهاتهم؛ كي يكملوا عبادة الله ذاته، وهي إشارة للخلو من العيوب الروحية واللياقة لخدمة الرب القدوس، الأمر الذﻱ يعطي معنًى  لفحص كل شيء. بلوغًا إلى بيت الكاهن وأسرته؛ ليكونوا مثلاً أعلَى للشعب في التقوى والتعقل والمواظبة، ومن لا يُحسِن هذه؛ يجلب العار على اسم الله، حيث كانت عقوبة الزنا للفتاة في العهد القديم الرجم بالحجارة (تث ٢٢ : ٢١) أمَّا بنت الكاهن فكانت تُحرق بالنار؛ بسبب مكانها الحساس وجلبها للعار والفضيحة (حز٢٢:٤٤).
 
فالبرغم من أن زوجة الكاهن ليست كاهنة، لكنها خادمة الرب التي يجب أن تكون سيرتها على طريقة مريم أخت هارون وموسي، ودبورة (قض ٤:٤) وحنة (١ صم : ١) وخَلْدَة (٢مل ٢٢ : ١٤) تضيء مصباحها بالزيت وتقتنص الفرصة التي وضعها الله أمامها، تغتنمها لتربح وتكشف معنى خدمة المرأة ودورها؛ في ضوء معنى الحياة وهنائها الحقيقي؛ لأن المُرْوِﻱ هو أيضًا يُروَى. فهي تَرىَ نفسها في نجاح عمل الله برضًى ومسرة لأجله، بوعي حقيقي ومسئولية الأيقونة الصادقة، التى شبهها بعض الآباء "بالملاك الحارس" لتعقُّلها ووداعتها وحضورها العذب في تربية أولادها، وبالأكثر في الجهاد والتعب الذﻱ ينتظرها؛ لتقدم من بيتها أثمارًا مفرحة، مزوَّدة بالفهم والعمق والخبرة والاطلاع.
 
حياتها ختم يُفصح عن هوية كونها زوجة كاهن العلي. ورعايتها لأولادها هى رسالتها الدائمة في جمال بيتها وزينته الذﻱ تسد به انصراف زوجها في خدمة كنيسته. كونها بيتًا متينًا بالتقوى، مزينًا لا بما هو متداول؛ لكن بتأسيس ما فيه من بر واستقامة.
 
وبهذا تكون زوجة الكاهن خط دفاع في حراسة بيتها من هجمات ومعطلات عدو الخير الشرسة، الذﻱ يجُول ليهدم هذا البيت تحديدًا؛ كهدف لسهامه. صلاتها وبرها واكتفاؤها وقناعتها، هي التي تكمل ما نقص. أمينة في كل شيء؛ وغير متداخلة ولا فضولية فيما لا يعنيها، بل ستَّارة للعيوب وكاتمة للأخبار، لكي وبهذا يكون تَوَارِيها وخفاؤها علامة ودلالة انصرافها لما هو فوق وحق ونافع.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter