الأقباط متحدون - الكنيسة وأهل الإصلاح .. هل من نظرة جديدة؟ (1)
أخر تحديث ٠٧:٠٢ | الأحد ٣١ اغسطس ٢٠١٤ | مسرى ١٧٣٠ ش ٢٥ | العدد ٣٣٠٧ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الكنيسة وأهل الإصلاح .. هل من نظرة جديدة؟ (1)

 في ذكرى نياحة الكاهن المفكر الأب / ابراهيم عبد السيد

بقلم : مدحت بشاي
medhatbe@gmail.com
 
 في النهاية ، مفروض إننا نعيش عصر جديد  .. شعب قام بثورة بعد ثورة ، وتبعها تشكيل حكومات تتماهى مع أنظمة تتبدل ، وفترات انتقالية وحاكم مؤقت ، وعليه فالتغيير والإصلاح وخلق الفرص من التحديات ضرورة...وبالتوازي عاشت الكنيسة المصرية تغيرات مماثلة بنياحة قداسة البابا شنودة الثالث ، وتولى إدارة الفترة الانتقالية الأنبا باخوميوس كقائمقام للكنيسة المصرية ، ووصولاً إلى جلوس قداسة البابا الــ 118 تواضروس الثاني...
 
ولأن المؤسسات الدينية عاشت كمثيلاتها من مؤسسات الدولة زمن تيبس الحركة ، وإدعاء الذهاب إلى دعم فكرة الاستقرار بمفهومه الرذيل في العصر المباركي ، فكان الذهاب إلى حالة موات ووأد لإبداع الأفكار ، ولا مجال لابتكار الحلول غير التقليدية  ، ولا مناخ صالح لتقديم وتأهيل الكوادر الشابة ، فقد لحق بالكنيسة والمسجد علل وأسقام عدم التفاعل مع الرؤى الإصلاحية والاجتهادات الفردية ، بل وفي بعض الأحيان محاربة أصحابها ..
الأول من سبتمبر 2014 تحل الذكرى 15 لرحيل الكاهن الإصلاحي صاحب الإسهامات الأهم لتطوير الأداء الكنسي وتعظيم دور الكنيسة الوطني أبونا ابراهيم عبد السيد .. لكنه جاء ورحل للأسف في الزمن الخطأ الذي أشرت إليه.. لم تحاول الكنيسة  التفاعل لإيجابي مع أفكاره وأطروحاته .. مقالات كثيرة في عدد من الصحف ومجموعة هامة جداً من الكتب ، ومدرسة لها نهج فكري متجدد أدعي أنني حاولت الاستفادة منها عبر الوقوف ببابها ..
 
والذي حدث هو حالة من الرفض المطلق لوجود الكاهن وتعريضه لمحاكمات كنسية صعبة ، والتوصية بألا يتم الصلاة على جثمانه ( ويحكى أن الكاهن الذي قبل التحدي وقام بالصلاة ، بادر قياداته بالقول أنه حضر لأداء واجب العزاء ) .. وأعرض هنا لجانب يغفله من تعاملوا على هذا النحو ، ما تخلفه تلك الأخطاء من تداعيات سلبية على أسرة المفكر والأب الروحي والمجتمع بشكل عام .. مع جوانب من مقالات السية سوسن ابراهيم عبد السيد التي تفيض مرارة والتي تحكي معاناتها ...
 
 كتبت تحت عنوان " لم يكن مهرطقاً ".. نشرت صحيفة "اليوم السابع" فى عددها الصادر بتاريخ:16-8-2010 خبرا عن تحريم الكنيسة الأرثوذكسية الصلاة على المنتحرين والمهرطقين. وأورد الصحفى جمال جرجس المزاحم على لسان القمص بولس عويضة "أن المهرطقين هم من لديهم شكوك فى الإيمان بالكنيسة و لاهوت السيد المسيح و الخرجين عن تعاليم الكنيسة ..ومن ضمن الأمثلة التى ساقها عن الأشخاص الذين ورد ذكرهم تحت هذا البند: اسم والدى المتنيح القس إبراهيم عبد السيد.

ولقد نشرت عدة مواقع قبطية على النت هذا الإعلان مما تسبب لى فى ألم بالغ. وعندئذ قمت بسؤال القمص بولس عن سبب نعته لأبى بهذه الصفات، فنفى تماما جملة وتفصيلا أنه ذكر اسم والدى فى هذا الحديث و برر نفيه بأنه يجل أبى و كان على صلة وثيقة به حتى إنه قال لى إنه كان تلميذا لأبى فى مدارس الأحد، فكيف لتلميذ أن ينعت أستاذه بهذه الصفات؟ وكنت أنتظر من قدسه أن يكتب ولو خبرا يوضح فيه موقفه النافى لما نشره الصحفى و لكننى لم أجده فاعلا. كما أننى أتعجب لكلا منهما- الصحفى و الكاهن- اللذين من المفترض أنهما يعتنقان الديانة المسيحية و يعلمان جيدا معنى كلمة "هرطقة" ثم ينعتان بها كاهنا... و كلمة "هرطقة" فى المسيحية هى وصف أى رؤية لا تتوافق مع الراسخ فى مجمل العقيدة الأرثوذكسية وكذلك التفاسير والتأويلات غير الصحيحة لمفهوم آيات الكتاب المقدس . وهى بالمفهوم الدارج تعنى "الكفر". ونظرا لأن أبى كان دارسا فى الكلية الإكليريكية وتخرج فيها بتفوق ...فلقد كتب العديد من الكتب التى تعد مرجعية للباحثين فى الشئون العقيدية واللاهوتية إلى يومنا هذا مثل: "الفروق العقيدية بين المذاهب المسيحية"و "البخور"و "التكلم بالألسنة"...فكيف لكاتب مثل هذه الكتب ينشر أفكارا هرطوقية؟؟؟ وهل كانت القيادات الكنسية تتركه دون محاكمة لو كان يحمل فكرا خارجا عن الديانة أو العقيدة؟ و كلمة "مهرطق"لا تطلق على الكاهن جزافا...و لكن يسبقها اجتماعا للمجمع المقدس لمناقشة افكار هذا المهرطق وإذا ثبتت التهمة عليه فلابد من إصدار قرار بإجماع جميع الأساقفة الحاضرين وعلى رأسهم قداسة البابا شنودة الثالث بشلح هذا الكاهن و تجريده من رتبته الكهنوتية. ومن تبعات هذا القرار عدم الصلاة عليه حال وفاته نظرا لخروجه عن الكنيسة الأم وهو ما لم يحدث مع أبى. إن هذا الاتهام يضع القيادات الكنسية فى مأزق خطير إذ أنه بذلك ينسب إليها تقاعسها عن أداء خدمتها فى تقويم الخطأ، وترك كاهنا برتبته الكهنوتية -دون محاكمة-ينشر أفكارا من شأنها إفساد العقيدة. أما ما حدث حال وفاة أبى فأحب أن أوضح أنه تمت الصلاة على جثمانه بالفعل، وقام بالصلاة الأب أغاثون الأنبا بيشوى فى كنيسة مدافن الأسرة و شاركه مندوبان عن الكنيسة الكاثوليكية و الكنيسة الإنجيلية. كما حضر إلى منزل الأسرة كاهنا أرثوذكسيا فى ثالث يوم الوفاة لإقامة صلاة الثالث، وتفضل العديد من الأساقفة بإرسال برقيات تعزية، احتفظ بجميعها إلى يومنا هذا. فالصلاة على المتنقل المؤمن واجبة وعدم الصلاة عليه بدعة ...لقد قال القديس يوحنا ذهبى الفم: لا يكفى أم تكفن الميت فقط بل تضرع إلى الله من أجله بالصلوات و الصدقات و قدم عنه كل ما يمكن تقديمه.

وأسباب هذه المقولة عديدة: أولا لأن أنفس الراقدين حية وليست فانية كالحيوانات. ثانيا: لأن الثواب والعقاب لم يتم بعد حسب تعليم الكتاب المقدس. ثالثا: لأجل تعزية الأحباء و طلب إنزال الصبر إلى قلوبهم وهى دين على الجميع الذى أمرهم الرب بالمحبة والصلاة "هذه أوصيكم أن تحبوا بعضكم بعضا"يو15:17 . وإذا كانت القوانين الكنسية أعطت الحق للمحروم من الشركة حال احتضاره أن يتناول من الأسرار المقدسة بحب مجمع نيقية 13، إنه فيما يخص المحتضرين لا يزال معمولا به، أعنى إذا أشرف شخص على الموت فيجب ألا يحرم الزاد الأخير الذى لا غنى عنه .... فكيف لا تتم الصلاة عليه حال وفاته؟ لقد كان الراحل يكتب فى العديد من الصحف والمجلات و لم يتطرق قلمه إلى التجريح فى أشخاص بل حمل فكرا مستنيرا لم يخرج به مطلقا عن ثوابت العقيدة أو تعاليمها ...و لا أعتقد أنه من شيمة الرجال التجريح فى أموات لا يملكون حق الدفاع عن أنفسهم." انتهى كلام سوسن ابراهيم ، اتفق البعض مع كامل ما قالت وتقول حتى الأن أو من يرفض ، فالأحداث تابعها الملايين وأسف الكثير منا أن يعيش مفكرينا في الزمن الضنين الخانق الموحش ..
 
من عناوين إصدارات الكاهن المفكر المبهرة "البدع والهرطقات خلال عشرين عاما".. "بطل الوحدة الوطنية سرجيوس".. "المحاكمات الكنسية".. "أموال الكنيسة من أين ؟ .. وإلي أين.. ؟ ".. "المعارضة من أجل الإصلاح الكنسي"... "البطريرك القادم ممن يختار؟... ومن الذي يختاره؟.. وكيف..؟ ".. "السلطان الكنسي أبوة لا إرهاب"... "الوحدة الوطنية وحقوق الإنسان".. "متي يعود الحب المفقود في الكنيسة القبطية؟".. "الرهبنة في الميزان".. "أموال الكنيسة ..من يدفع؟ ومن يقبض؟".. "الأحوال الشخصية.. رؤية واقعية".. "الإصلاح الكنسي عبر العصور".. أعتقد أنها عناوين لقضايا بالغة الأهمية لا زالت محل اهتمام المواطن االمسيحي .. وللحديث بقية..

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter