سليمان شفيق
-القيادات القبطية استنفدت مرات الرسوب.. والنظام اختزل الأقباط فى الكنيسة وأناب البابا عنهم
الكهرباء تنقطع أربع مرات على الأقل، لا يمر يوم دون شهيد أو إبطال عبوة ناسفة، الغلاء ينهش فى الغلابة، الرئيس السيسى يبحث عن الحلول.. يسافر هنا وهناك، والنخب المصرية لا تبالى، تهرول بحثًا عن كراسى البرلمان، ويتنابذ السياسيون، والإعلام بلا رؤية، ورجال الأعمال أغلبهم لا يدركون ماذا يفعلون، والخطر يقترب، والقيادات القبطية «قليلة الحيلة» وتطرح أصوات الأقباط فى بورصة البرلمان، لا يدركون لا تضحيات فقراء الأقباط ولا المخاطر التى تحيق بهم وبالكنيسة، مؤشرات قادمة من صعيد مصر..
أمين شرطة يهدد الأب أسطفانوس راعى كنيسة مطرانية سمالوط بالقتل إذا دخل كنيسة للصلاة، والكاهن كان قد بنى الكنيسة بدون ترخيص فى مكان قفر!!.. والملفت للنظر أن هذة الواقعة الخطيرة حدثت صباح اليوم التالى للقاء السيسى البابا تواضروس.. فهل هناك من يحاول تخريب هذه العلاقة؟ أيضًا رفع المتطرفون اسم الشهيد بطرس شهيد القوات المسلحة فى الفرافرة عن مدرسة لأنه مسيحى!! والأكثر اندهاشًا أن وكيلة الوزارة السيدة نادية موسى، اقترحت أن يطلق اسمه على مدرسة مسيحية!!
صراع الحركة الوطنية والإحساس بالعزلة:
كل هذا التسخين وتلك الرسائل تتزامن مع صراع بين حزب الحركة الوطنية بقيادة الجنرال أحمد شفيق، وأحزاب الوفد والمصرى الديمقراطى والمؤتمر من جهة والمصريين الأحرار من جهة أخرى.. وتجلى ذلك فى بيان أصدره عضو الهيئة العليا لحزب الحركة الوطنية المصرية المهندس ياسر قورة، أكد فيه أن حزبه رفض الدخول فى تحالف رئيس لجنة الخمسين عمرو موسى
لافتًا إلى أن ذلك التحالف تلفه العديد من علامات الاستفهام، لاسيما وأن هناك كثيرًا من الأحزاب المُشكلة له كانت لها علاقات وطيدة مع تنظيم الإخوان المسلمين، وتضم العديد من قيادتهم حاليًا.
وأكد أن ذلك تحالف تُقسّمه وتتقاذفه الزعامات، إذ تتنافس الأحزاب المُشكلة له على الريادة والقيادة، ومحاصصة المقاعد والمناصب، منصبين أعينهم على المصالح الذاتية للأحزاب، بغض النظر عن مصلحة البلد العليا، بما يجعله تحالفًا هشًا لا يعبر عن مصلحة الوطن، لاسيما وأن كثيرًا من الأحزاب والشخصيات المُنضمة للتحالف يعتبرون لسان «البرادعى» فى مصر، ويحملون مخططاته وأجنداته.
وأوضح القيادى بالحركة الوطنية، أن هناك مؤامرة يقودها عمرو موسى مؤسس حزب المؤتمر، ومحمد أبو الغار رئيس حزب المصرى الديمقراطى، والسيد البدوى رئيس حزب الوفد، ضد رئيس الوزراء الأسبق مؤسس الحزب الفريق أحمد شفيق، تهدف لإقصاء الأخير وحزبه من المشهد السياسى خلال الفترة المقبلة بصورة نهائية، وهو ما اتضح جليًا من خلال العديد من الدلائل والمؤشرات العملية.
واستطرد قائلاً: «حزب الحركة الوطنية حزب قوى ومهم، وله تواجد واضح على الساحة المصرية، وفى شتى الفعاليات والتحركات، ولعب أدوارًا بارزة فى إطار الجماعة الوطنية المصرية بشكل عام؛ لإحداث تغيرات ملموسة بالمشهد المصرى بصفة عامة، وبالتالى فإنه يرفض أن يكون جزءًا من مؤامرة رخيصة هدفها اقتسام المناصب والمقاعد» وفى نفس الاتجاه ولأسباب أخرى..
أثار رئيس تحرير البوابة نيوز والقيادى بالحركة الوطنية عبد الرحيم على خلافًا مع مؤسس حزب المصريين الأحرار المهندس نجيب ساويرس، تعرض فيه عبد الرحيم للأقباط وساويرس والانتخابات، وبعيدًا عن الجدل الدائر فإن قطاعات كبيرة من الأقباط قد باتت تستشعر الخطر من أن يدفعوا ثمن هذا الخلاف، خاصة وأن الاتهامات تتحدث عن علاقة مع الإخوان
كما أن تلك الاتهامات أذيعت (بوعى أو بدون وعى فى تزامن مع ذكرى أليمة وهى ذكرى حرق الكنائس وإزهاق الأرواح)، والأهم أن تلك المعركة سوف تترك ظلالها بالتأكيد على حرية الإعلام «خاصة بعد وقف القاهرة والناس لبرنامج الصندوق الأسود، كما أن كثيرين من رجال الأعمال باتوا فى قلق من تلك التسريبات وآثرها على الاستثمار فى مصر.. ولا يوجد اثنان لا يتحدثان عن مصدر تلك التسريبات، ومن خلفها؟
فتش عن أصوات الأقباط:
لاشك أن معركة الانتخابات الرئاسية قد أثبتت عدة حقائق: أولا: أن أصوات الأقباط والنساء والفقراء كانت حجر الزاوية، كما أن أنصار النظام القديم «المباركى»، وبعض رجال الأعمال قد اتهموا بالتهاون، مما آثار الشك فى نفوس قطاع من أنصار النظام الجديد.. وباتت قطاعات من الإسلام السياسى تراهن على الإجهاز على ما تبقى من (حلف 30 يونيو) خاصة بعد انسحاب البرادعى، وانخفاض أرصدة الليبراليين، والصدام بين قطاعات الشباب فى «الأولتراس» و«الاشتراكيين الثوريين» حول قانون التظاهر وصل إلى حبس قياداتهم.. وانقسام حركة تمرد، وضعف الأحزاب المدنية وانقساماتها كما نرى، والتى وصلت إلى تبادل الاتهامات بالخيانة!!
بحيث لم يبق على الساحة من أصحاب الكتل الانتخابية سوى (الكنيسة والسلفيين)، ولأن أغلب القوى المدنية لا تستطيع الرهان على أصوات القوى الإسلامية بما فى ذلك السلفيون، فإن الصراع أغلبة سيكون على الأصوات القبطية، فمن جهة كثر الكلام عن دور للكنيسة.. وفى ظل المؤشرات والرسائل التى تناولناها فى الصراعات السابقة، فإن «تديين المعركة البرلمانية» أصبح حتميًا، خاصة وأن الدستور «الموسوى» أباح «الطائفية» عبر تمثيل الأقباط والأقليات!!
النخب القبطية من فشل إلى فشل
أمام ذلك يتوافد قادة الكتل الانتخابية على الكنيسة والإيبارشيات، أملا فى الحصول على وعد بالتصويت، رغم أن الكنيسة فى شخص البابا تواضروس أكدت مرارًا موقفها على الحياد، إلا أن جماعات المصالح داخل وخارج الكنيسة تلاعب الجميع، بل وهناك أكثر من خمسمائة شخصية قبطية يتصارعون على (24) مقعدًا، مما أدى إلى قيام بعض الشباب بإصدار «قائمة سوداء» بأسماء من يرونهم غير جديرين بالترشح للبرلمان، والحقيقة أن النخب «المدنية» القبطية قد استنفدت مرات الرسوب
وأهدروا الكثير من مكانة وتضحيات وبطولات عامة الأقباط منذ 30 يونيو، وعلى سبيل المثال صراع المناصب أفرغ الحزب «المصرى الديمقراطى» من أغلب كوادره القبطية التى هاجرت نحو «المصريين الأحرار» بحثًا عن مكانة جديدة.. وبحسن نية أفقدوا أنفسهم والمصريين الأحرار الكثير عبر اتهام الحزب بـ «القبطية». وحتى ما يسمى بـ «المجلس الاستشارى القبطى» والذى أسسة نخبة من الأقباط للدفاع عن المواطنة فشل.. وأغلب شباب الحركات القبطية فى حالة حيرة وصراع فى لعبة «الكراسى البرلمانية»، باختصار ونتيجة لهذة النخبة الفاشلة.. لم يجد النظام مفرًا من أن يلخص الأقباط فى الكنيسة.. وينوب عن الكنيسة «البابا»، وليس أمام النظام حل آخر!!
القوى الإسلامية (النور والوطن والبناء والتنمية والوسط ومصر القوية) يعملون فى صمت، والرئيس السيسى بلا حزب.. وكثير من المقربين من الرئيس مثل عمرو موسى ومراد موافى سابقًا، وكمال الجنزورى وخالد عبد العزيز حاليًا، يوحون للكل بأنهم مفوضون من الرئاسة.. وتأكيدات حاسمة من الرئاسة أنها لم تكلف أحدًا؟!!
هكذا حالنا.. مثل أهل «بيزنطة».. العدو (أنصار الشريعة فى ليبيا، حماس فى غزة، الجيش الحر فى سوريا، داعش فى العراق، الترابى فى السودان، وقطر وتركيا وإسرائيل وأمريكا) من الخارج و «أحزاب رابعة»، تراهن على تمزقنا.. هل يتدخل الرئيس السيسى قبل فوات الأوان.