الاربعاء ٣ سبتمبر ٢٠١٤ -
١٨:
١٠ م +02:00 EET
المجد لداعش.. معبود الرياح
بقلم : نانا جوارجيوس
سمعتم أنه قيل أن الوحش صناعة رياح الغرب! وما بين معتدل و وسطي و مستنكر،تحدق الأعين متسائلة في ذهول؛ ينددون؛ يشجبون؛ يستنكرون. فالحقيقة قد تبررت من ناكريها، و المارد الخارج من قُمقٌمه ليس غريباً علينا، بل كان كامناً في طور نموه كائناً تحت الجلد، مسبِّحاً بهمهماته ممجِّداً بجبروت و بطش إله هذا الدهر و رئيس هذا العالم، معبود الرياح الذي حركت رياح الغرب مياهه الراكدة ففاحت عفونة أحشائه المنسكبة لتكشف عن قبح لحيته التي ترعرعت حيث أرض الشيطان.
وُجدت أحشائه حُبلى سفاحاً من بؤس التمتمات وشعوذة الحروف و شقاء دجل الكلمات. فلما نضج ربيعه و إكتمل زمان إخصابه خرج من رحم جلجلات تعاويذه ليُسبِّح بحمد طلاسمه فيسجد له كل من قبلوا أن تُوسِّم ضمائرهم بثالوث الرجسات الموسومة فوق جبينه. مدفونٌة بين سطوره قهقهات التكبير والتشفي، وهوس توحيد يمارس جنونه بطقوس القتل المقدس. ينثر دماء البنين بالشوارع فترتوي الكلاب من دموع الثكلى والأرامل والمنكفئين على جوع بطونهم. يأكل أكباد من عُذِّبت أجسادهم قبل أن تنفلت زفرات أرواحهم من بين أصابعه.
تبُخْ شفاهه سُمْ الأصلال فتكبِّر أفواه الشماتة كالقبور المبيضّة من الخارج ولكنها مملوءة إختطاف ودعارة و مرارة نجاسات و لعنات تجديف، فتسرع خطاهم تنتعل نثار الأشلاء بعد أن تغتسل في حمامات من دماء زكية مسفوكة لطخت صرخاتها ثيابهم لتشهد عليهم في اليوم العظيم ثم تنساب فتروي أرضاً تئنّ في أوجاعها من كثرة ما شربت من سكرات الموت. مكبرين؛ مهللين: هلم نبني برج بابل على أسنة الرماح لنصنع لنا إسماً لئلا نتبدد على وجه المسكونة. ليصعدونه وفي أرجلهم إغتصاباً وسحقاً ومذلة ليناطحون السماء فوق آكام جثث أضاحيهم المدوسة، و المصلوبة أشلائها على عُهدتهم الذمَّية؛ مقطوعة الأيدي والأرجل من خلافٍ؛ مغموسة في صرخاتها؛ مأكولة فلذاتها؛ منحورة أعناقها على سُنَّة إله الإنتقام المتجبر. فبلبلت السماء مشورتهم وهدمت ضعة أفكارهم وكشفت عن عهر التدين وإنحطاطه وتقيأتهم من جوفها حين نظرتهم يبخرون أيديهم بصرخات أضحيتهم فوق مذبح رجسات زهرة بنت الصبح.
دخان المنتهى يلوح غباره عبر الحدود ويرتفع فوق ركام الرماد المتشبع برائحة الموت المتناثر على قارعة الطريق، فلا تسألني عن جغرافيا الحدود ولا نسمات عطر المدن ولا فرحة الشوارع والبيوت، فقد مُحيت معالمهم جميعاً و مُزقت الأوطان خارج حدودها وقطَّعت أواصل الأبدان ولم تتبقى سوى صرخات الإستغاثة البريئة و وهن النحيب بآهات مكتومة بالصدور. فرحيل تبكي على أولادها ولا تريد أن تتعزى لأنهم أمام عينيها إما أشلاء ممزقة أو صاروا عبيداً و طرحوا أرضاً عرايا بأسواق نخاسة قوادين الجنة.
فما أشبه اليوم بالبارحة! وكم من مرة خرج الوحش من رحم شريعة أهل الكهف. و إله التكبير يشحذ سيف غزواته ليقتل ويغتنم و يسبي وينتهك حُرمات وأعراض، فتُهرق دماء العفة لتُفتح على شرفها أسواق النخاسة، ولا يقدر أحداً أن يبيع أو يشتري لحم أضاحيهم إلا باعة الجنة ومشتريها ممن لهم سِمة الوحش و عدد إسمه. يتلذذون بإلتهامها فوق مضاجع العهر حيث فرغت موائد الإنسانية من النخوة والرجولة. تصرخ حد الغثيان والتقيؤ فلا من مُجيب حيث ساد تبلد الضمير، فباتت المصائر في خندق واحد لامحالة وعلى حافة هاوية جحيم الوحش !
فاخرُجوا منها ياشعبي، لِئلاَّ تشترِكوا في وليمة البعليم، تأكلون خرنوباً وتنامون في فراش إيزابيل أم الزواني و رجسات الأرض، المتسربلة بأرجوان و قرمز، حيث يتجرع بنيها كأس رجسات زناها. أخرجوا منها فمزمع قتلهم بكأس خمر جامات غضبه الإلهي، حيث زنا معها باعة الجنة و حماة البعليم و ملوك الأرض الذين طرحوا أمام الوحش تيجانهم و صولجنات سلطانهم، فلن يرحمهم الوحش بل سيلتفت إليهم ليمزقهم و يهلكهم و تسقط ممالكهم واحدة تلو الأخرى.
فمن ثمارهم تعرفونهم ومن شوكهم و حسكم لن تجنوا عنباً ولا تيناً، فما زرعوه إياه يحصدونه. و إله السماء مجداً له في علاه، يريد رحمة و ملء أبدية للحياة، أما معبود الرياح جائهم بالذبح يشتهي قرابين تسيل دمائها أنهاراً ولا تنتهي. فهوذا صاعد من جحيمه الأول ليمضي إلى هلاكه، ولكنه قبل أن يمضي ليهلك بإسفكسيا لعنات الموت، سيحرق الأرض إنتقاماً لتصير أشد خراباً من سدوم و عمورة ويأخذ بطريقه أولاد إيزابيل و بني بليعال من الذين سجدوا له مُمجِّدين رجساته، ومسبحين له، المجد لداعش معبود الرياح.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع