الأقباط متحدون - داعش وحلم العسكري الأمريكي في التحكم في المنطقة
أخر تحديث ٠٦:٢٥ | الجمعة ٢٦ سبتمبر ٢٠١٤ | توت ١٧٣١ ش ١٦ | العدد ٣٣٣٦ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

داعش وحلم العسكري الأمريكي في التحكم في المنطقة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

بقلم: ماجد سمير
لم يحلم أي مستعمر عبر التاريخ بأكثر من منطقة مثل المساحة المسطحة من الخليج العربي إلى المحيط الأطلنطي، فالمنطقة المشار إليها لاتمتع فقط بالثروات الطبيعية من بترول وخلافه فضلا عن عشرات الملايين من البشر، بل أن عددا غير قليل من هؤلاء البشر يتصور أن الله أنزل الأديان من أجل أن نتقاتل بها إرضاء للخالق العظيم ووصل يقينهم إلى أنهم دون غيرهم يملكون الحقيقة المطلقة وأن الله جل جلاله أعطاهم حصريا توكيل التحدث والتكلم باسمه وعقاب كل من خرج عن ملتهم، يحدث ذلك  في  الشرق الأوسط  مهبط الأديان السماوية الثلاثة.

المستعمر اختلف بالطبع عن نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين  في مخططات استعمار الدول واستنفاد طاقتها وثرواتها وكذا في استراتيجيات تحكمه في شعوب ومقدرات المنطقة، في الوقت الذي ظل شرقنا الأوسط يعيش في صرعات متواصلة متتالية لم تختلف كثيرا عن حرب دامت نحو أربعون عاما بين قبائل أجداد العرب بسبب سباق خيل بين "داحس والغبراء"،  وبدلا من تمثيل  اختلاف العقيدة والعرق واللون "فسيفساء" تميز المنطقة بات التنوع العرقي والديني اداة في يد المستعمر الجديد يزرع بها خلافا حادا مزمنا بين السنة والشيعة وقريبا تدخل صرعات طائفية وعرقية طاحنة في منطقة بها الكاثوليك والبرتستانت والأرمن والأرثوذكس والأيزيدن والدروز والنونين والبدو والأمازيغ وغيرهم، تقاتلها معا المحرك الأساسي لتقسيم المنطقة لدويلات تتناحر دينا وعرقيا وإثنيا فقط من أجل ضمان أمن إسرائيل ومصالح أمريكا في المنطقة.

وللولايات المتحدة الأمريكية -  عسكري أمن العالم - أهداف محددة وواضحة من تواجد "داعش" في العراق ومابعدها من أراضي ستطئها أقدام من يدعون كذبا بأنهم "دولة الخلافة"، تبدأ بتهديد لإيران ونقل الصراع داخل أراضيها نظرا لتواجد داعش على الحدود الإيرانية بشكل مباشر، وكذا منع تكون تحالف شيعي  في مواجهة القوى السنية المتعارف عليها في المنطقة، فضلا عن أن "داعش " مبرر منطقي وكاف لعودة العسكري الأمريكي بشكل رسمي في أي لحظة بعد تركه للعراق، فصلا عن أن وجود داعش في العراق يجعل تركيز الرأي العالم العالمي أكثر مع فكرة المواجهة العسكرية والقضاء على التنظيم الدموي غير الإنساني الذي طرد المسحيين والأزيديين من ديارهم بل باع نسائهم في سوق النخاسة والرقيق، ولامانع  من غض البصر عن محاولات القضاء على الثورة في البحرين والقمع المستمر لانتفاضات أهالي المنطقة الشرقية في السعودية.

وعلينا أن نتذكر دائما أنه بعد فشل الأدوات الأمريكية وعلى رأسها الإخوان المسلمين والإطاحة بهم، حدث ارتباك جسيم فى الإستراتيجية الأمريكية لأنها فقدت الآداة التى كانت تستخدمها لإعادة انتاج  سايكس بيكو القرن الواحد والعشرين طبقا للحلم الأمريكي ،  اضطرت الإدارة الأمريكية إلى تغيير ٍآدواتها وعلى رأس هذه الآدوات الجديدة هو تنظيم داعش الإرهابى الذى خرج عن الحدود المرسومة له مسبقا بالتوافق مع الادارة الأمريكية، ليس لأنه قام بذبح الصحفيين الأمريكيين كما يشاع وإنما لإستيلائه على النفط العراقى وبيعه وسطوه المسلح على بعض البنوك، مما اوجد له مصدرا للتمويل الذاتى، وهذا ما ازعج الإدارة الأمريكية لأن مثل هذه التنظيمات الممولة أمريكيًا يتم السيطرة عليها من خلال ما تقدمه لها من أموال.

ومن المؤكد أن "عسكري أمن العالم" الأمريكي اشترط لمهاجمة "داعش" في العراق إقصاء نوري المالكي وحكومته وإسناد رئاسة الوزراء إلى شخصية و حكومة تمثل جميع الطوائف بالعراق وذلك طبقا لوجهة نظر الأمريكان

يتصور الأمريكان بشروطهم الخادعة تمكنهم من إقناع العالم أنها حريصة على إعادة التوازن فقط من أجل حرمان "داعش" من الاصطياد في مشاعر مايسمى الغبن لدى السنة، نفس اللعبة الخبيثة فالفتنة أول طريق الحلم الأمريكي في التقسيم وكما سبق وأن أشرت إعادة إنتاج سايكس بيكو طبقا للحلم الأمريكي في 2014.

 اشعال الفتنة والعمل الجاد على توسيع الفجوة بين الطوائف والأعراق في العراق للوصول للحظة التقسيم حتى يصبح العراق مسرحا للعرض الاساسي من التحكم في كل القوى الناشئة في المنطقة وتشكيل قوة سنيه تنجح في التصدي لأي تكتل شيعي تمثله ايران  والعراق وحزب الله لبنان وبدلا من أن تتحد كل القوى في مواجهة المستعمر الجديد ومواجهة خططه للسيطرة على مقدرات المنطقة، لا تحصد المنطقة إلا المزيد من الحروب الطائفية والمزيد من الانشقاق ، العالم كله يبحث عن التكتل وتوحيد الجبهات من أجل المصالح الاقتصادية المشتركة وتنمية الموارد والرفاهية للشعوب في الوقت الذي يظل الشرق الأوسط يرتع في سباق داحس والغبراء.
 
لكن يظل الأمل في نجاة المنطقة من الخطط الأمريكية الخبيثة ففي إستعادة "أمرلي " عن طريق المقاومة تؤكد أن النجاح دائما للإرادة الشعبية، نجاح أبناء وأحفاد "حجة الإسلام والمسلمين الشيخ عبدالحسين عيسى" والأستاذ الشهيد "حسن عيسى الجواري" وسماحة الحجة "شكور افندي البياتي" كانت أهم مؤشر على أن العراقيين قادرون على مواجهة "داعش" من دون مساعدة خارجية، والدليل هروب داعش نحو أربيل والحدود السعودية وتبعثر قواتها ونزع الزخم الغربي .
القلق الغربي والامريكي تحديدا يزيد، فشلوا في القضاء على أسد سورية رغم كل الجهود الشريرة التي تحاول ليل نهار، ربما يحلمون بعد ضربهم لداعش فيٍ سورية الوصول إلى حل سياسي يرحل بموجبه الأسد عن سورية.

تهديد المصالح الأمريكان بوصول أعدائهم إلى باب المندب واتحاد حزب الله مع الأسد مع استمرار المالكي في العراق يفرض على الأمريكان حتمية العودة للمنطقة وتظل داعش وما يليها من منتجات المستعمر الجديد حجة لن يفنيها إلا تشكيل وحدة تقف حائل دون قيام أي صراع طائفي أو عرقي أو إثني في المنطقة، وكذا تكوينٍ تكتل يستفيد من فيفساء التنوع في شرقنا الأوسط لتحصل شعوب المنطقة على حقها في المزيد من التقدم والنمو والرفاهية السياسية والاقتصادية والاجتماعية.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter