بقلم : على سالم | الأحد ٢٨ سبتمبر ٢٠١٤ -
٥١:
١١ ص +02:00 EET
على سالم
ولما كانت الحرب هي تدمير قوات العدو وعتاده بهدف فرض شروط السلام عليه، وهي المقولة التي صدعت رأسك بها مئات المرات، لذلك كان الشرط الأول لكي تكون الحرب حربا، هو الوصول إلى السلام بين الأطراف المتحاربة. ولذلك كانت الحرب أيضا فنا قائما بذاته تدعمه خبرات البشر وإبداعاتهم. ولكن هل فكرتك عن الحرب هي نفسها فكرة عدوك عنها؟
إذا كنتما على درجة واحدة من التحضر، فمن المؤكد أنكما ستخوضان الحرب بكل ما يتطلبه ما نسميه الشرف العسكري من مراعاة لحقوق البشر وخصوصا الأسير، لديك من العقل أنت وعدوك ما يقنعك بأنه شخص انتهت الحرب بالنسبة إليه بمجرد أن وقع في الأسر. ولكن في غياب الدولة عصرية كانت أو متخلفة، تختفي الحرب كفن له قواعده ويظهر بدلا منها الكر والفر، كما يختفي القتال ويظهر بدلا منه نشاط آخر هو القتل. في هذه الحالة يكون من الصعب، أو للدقة من المستحيل، أن نصف أفراد القوات المتطرفة بأنهم مقاتلون، هم ببساطة وبالتأكيد قتلة. ولا سبيل للتعامل معهم بغير الطرق التي نتعامل بها مع القتلة المجرمين، وخصوصا ذلك النوع الذي يقتل الناس فقط بدافع من الرغبة المرضية في قتلهم.
المتطرف لا يريد تدمير قوات العدو وعتاده لفرض شروط السلام عليه، لأنه لا يريد السلام أصلا، بل يرغب فقط في تغذية احتياجاته المرضية لقتل الآخرين. كما أن المتطرف لا يعرف الهزيمة، لأن المقاييس اختلطت في عقله وأقنعته بأنه منتصر على طول الخط. عندما يقتل منك ثلاثة أفراد فقد انتصر نصرا عظيما، وعندما ترد عليه بقتل 20 ألفا وتهدم له 100 ألف بيت، فهو أيضا منتصر لسبب واضح للجميع، هو أنك لم تقتله. ستلاحظ في الأسبوع الأخير، أن قوات «داعش» كانت تتقدم في منطقة ما لتحتل عددا من القرى بعد أن انسحبت من أمامها القوات الكردية، وفي اليوم التالي تتقدم القوات الكردية لتطرد «داعش» من نفس القرى. هذا مثال واضح لما نسميه عمليات الكر والفر، ستلاحظ أن «داعش» لا تحصن المكان الذي احتلته كما تقضي بذلك فنون الحرب، بل هي تنتظر من يأتي ليجليها عن المكان.
مع هذه المعطيات لا بد أن جنرالات الحرب اكتشفوا أن الطريقة الناجحة لمجابهة قوى التطرف الإجرامية لا تكون بمقابلته وجها لوجه، فهذا هو ما يتمناه، أن تعطى له الفرصة لقتل أكبر عدد ممكن من القوات المهاجمة. لا بد بالفعل من أن توجه إليه مئات الضربات من بعيد إلى أن يضعف فتخور قواه ويصبح من السهل على المواطنين القضاء عليه.
هناك مثل شعبي مصري أعتقد أنه ليس بعيدا عن وصف ما يحدث. المثل يقول «ابعد عنه أحسن يرمي بلاه عليك».. هناك أشخاص وجماعات معتدية تعجز عن حماية نفسك منهم عندما تقترب منهم أكثر من اللازم. فرصتك الوحيدة للانتصار عليهم هي عدم الدخول في دائرتهم.. ولكن في كل الأحوال عليك أن تؤمن أن هزيمة قوى التطرف في منطقتنا أمر مؤكد.
نقلان عن الشرق الاوسط
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع