علاء الغطريفى
العبث يصنع لنفسه تاريخاً بسبب مراهقين وقتلة وحرامية وفاسدين، ففى اليوم الذى رأينا فيه قاضى «مبارك» يدفع بنا إلى المتاهة، طالعتنا الشاشة الأمنجية فى أزهى عصور الإعلام بمذيعها «تف تف بيه» بمآثرها لتكيد الكفار بحصريات «الفلولية»، وما صنعته بانتظام «مدهش» على مدار شهور فيما يسمى محاكمة «وحيد القرن» مع حفنة من جمل تتناقض مع بعضها البعض من قبيل ما تقوم به النساء فى أعماق حوارينا وجلسات البلكونات الملتصقة المنفتحة
وإذا كان هذا المشهد العبثى هو دلالة على التراجع، غير أننا نرى التراجع فى كل الأرجاء يبعث على الخوف من المستقبل ما دامت البوصلات قد انحرفت واختلطت الأوراق وأصبح المتهم بريئاً والضحايا مدانين، ولذلك نرى أن هناك ضرورة للتذكرة بالعبث الذى مررنا به فى نقاط تتنافر وتترابط فى آن، لكنها تحمل إلينا صفحات من كتاب الدراما المصرية التى بدأت بالميادين وانتهت فى منزل قاضٍ:
عمر سليمان، نائب رئيس الجمهورية، يعلن تخلى «مبارك» عن السلطة، ويكلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بقيادة المشير محمد حسين طنطاوى بإدارة شئون البلاد «فبراير 2011».
ملايين المواطنين فى ميادين مصر للاحتفال بانتصار ثورة يناير وإجبار «مبارك» على ترك الحكم «فبراير 2011».
أحد قادة القوات المسلحة يؤدى التحية العسكرية لشهداء «يناير» الذين سقطوا فى التظاهرات المطالبة بإسقاط مبارك «فبراير 2011».
آلاف المواطنين يحتجون فى ميدان التحرير ضد التأخير والمماطلة فى محاكمة «مبارك» «مارس 2011».
بدء محاكمة «مبارك»، ليكون أول رئيس عربى يحاكمه شعبه، فى محاكمة علنية «أغسطس 2011».
مقتل 25 مسيحياً عندما فضت القوات احتجاجاً بالقوة بماسبيرو «أكتوبر 2012».
مجلس الشعب الجديد الذى يسيطر عليه الإخوان يعقد أولى جلساته، ليتسلم رسمياً السلطة التشريعية من المجلس العسكرى «بناير 2012».
استبعاد 10 ممن تقدموا بطلبات للترشح بانتخابات الرئاسة، من بينهم عمر سليمان وخيرت الشاطر، وحازم صلاح أبوإسماعيل، والدكتور أيمن نور، وآخرون «أبريل 2012».
لجنة الانتخابات تعلن أن «مرسى» و«شفيق» سيخوضان جولة الإعادة فى 16 و17 يونيو «مايو 2012».
القضاء يصدر حكماً على الرئيس الأسبق حسنى مبارك ووزير داخليته حبيب العادلى بالسجن المؤبد لدورهما فى قضية قتل المتظاهرين، ويبرئ نجلى مبارك «جمال وعلاء»، وستة من كبار مساعدى وزير الداخلية «يونيو 2012».
إعلان فوز محمد مرسى العياط برئاسة جمهورية مصر العربية يونيو «2012».
«مرسى» يقيل المشير «حسين طنطاوى» وعدداً من قيادات الجيش، ويلغى الإعلان الدستورى. «أغسطس 2012».
إعلان دستورى جديد استبدادى من جانب «مرسى» يحصن من خلاله قراراته «نوفمبر 2012».
المتأسلمون يحاصرون المحكمة الدستورية العليا لمنع قضاتها من مباشرة أعمالهم للبت فى شرعية الجمعية التأسيسية «ديسمبر 2012».
المصريون يوافقون على الدستور الجديد بأغلبية بلغت 63,8% فى إقبال انتخابى هو الأضعف من نوعه «ديسمبر 2012».
وتوالت محطات العبث مروراً باعتصام «رابعة» وما تلاه من تداعيات ولكن يبقى المشهد الأخير عالقاً فى الأذهان «القناة الفلولية المعادية لثورة يناير»، المخالفة قطعاً لدستور توافق عليه المصريون، تتحرك بأريحية بين أوراق محاكمة «وحيد القرن»، لتكمل سلسلة عروضها فى ساحة الذئاب وتضع علامات استفهام عن المستقبل واحترام القانون والجدارة والكفاءة وأشياء أخرى!!
إنها مصر العبثية «الشىء وضده» وما تؤمن به اليوم تكفر به غداً وهكذا، وهنا لم نسقط أحداثاً من أجل أحداث بل دوَّنا بعضاً من السجل الناصع الذى يحكى عن اللامعقول فى المحروسة!!
نقلآ عن الوطن