في حال وصولهم إلى المحطة، سيجدونها من الداخل مزدحمة كما هي دائماً بالأسلاك والأجهزة، ولوحات المفاتيح، وممرات الصرف.
وتقول ريتشل أرمسترونغ، أستاذة الهندسة المعمارية التجريبية في جامعة نيوكاسل في شمال شرقي انجلترا: "المحطة الفضائية الدولية معقمة جدا من الداخل، كأنك تعيش داخل صندوق بلاستيكي."
أرمسترونغ هي من مؤيدي العيش خارج كوكب الأرض، سواء في مستعمرات فضائية أو سفن فضائية، وتقول: "لكي نذهب إلى مرحلة ما بعد مجرد قضاء وقت في الفضاء، يجب أن نتعلم كيفية تحقيق النمو والازدهار عندما نكون خارج كوكبنا، وهذا يعني التفكير في مساكننا من النواحي البيولوجية البيئية."
لكن هذا الأمر هو أكبر بكثير من مجرد وجود عدد قليل من النباتات حول المكان، أو إنبات بضعة أوراق من نبات الخس في حاضنة مغلقة.
وجهة نظر أرمسترونغ هي أننا على الأرض نعتمد على نظام بيئي دقيق ومتوازن لدعم وجودنا، وهذا يشمل مليارات من البكتيريا التي تسكن الأمعاء لمساعدتنا في هضم الطعام، والنباتات التي نأكلها والأشجار التي تزودنا بالأكسجين وتمتص ثاني أكسيد الكربون، وهي أمور تحتاج إلى أن ننقلها ونوجد مثلها في الفضاء.
"قضاؤنا أي مدة من الزمن في الفضاء دون أي بنية بيئية حيوية تعزز بقاءنا في الفضاء، هو تحد صعب للغاية،" كما تقول أرمسترونغ.
في نهاية المطاف تتصور أرمسترونغ وجود مناطق تدب فيها الحياة، وهي مناطق عملاقة تسبح في الكون، عبارة عن سفن فضائية عضوية فيها حقول وبحيرات وجبال.
لكن حتى الآن، كل المحاولات لإيجاد أنظمة حيوية مغلقة على هذا النطاق الواسع باءت بالفشل.
كل المحاولات التي تهدف للتوصل لأنظمة حيوية مغلقة في الفضاء باءت بالفشل
ولاختصار هذه القصة الطويلة والمحبطة، يشار هنا إلى المشروع الذي كان الأكثر طموحا، (مشروع المجال الحيوي 2) وهو مشروع دفيئات زراعية هائل في صحراء أريزونا، فشل وانتهى عندما انخفضت نسب الأكسجين وماتت الحشرات ودبت الخلافات بين أعضاء الفريق.
لذلك تختلف أرمسترونغ عن الآخرين في أنها تريد أن تبدأ على نطاق محدود، وتطبق الأفكار بطريقة تدريجية.
التنظيف من خلال البكتيريا
من أكثر الأنظمة تعقيدا على متن المحطة الفضائية الدولية هو نظام إعادة تكرير المياه العادمة، الذي تكلف ربع مليار دولار.
يستخدم ذلك النظام تكنولوجيا متطورة لإعادة تكرير المياه العادمة لتصبح مياه صالحة للشرب. العملية نفسها تنفذ على الأرض بتكلفة أقل بكثير.
عندما نشرب ماء من الصنبور بالذات في المدن، كانت هذه المياه على الأغلب قد مرت بالفعل في أجساد غيرنا. فعملية تنظيف تلك المياه قد تمت بالفعل عن طريق البكتيريا أو النباتات في البيئة الطبيعية، كالنهر على سبيل المثال، أو من خلال البكتيريا المستخدمة في محطات إعادة تكرير المياه.
أرمسترونغ تدعم فكرة استخدام نفس الأنظمة البيولوجية في الفضاء لنفس الغرض، وتقول: "إذا بدأنا التفكير في العمليات التي تجري في داخل سفينة الفضاء، يمكننا بعد ذلك البدء في تصميم مختلف".
وتضيف: "يمكن أن يكون في السفينة مستعمرة من البكتيريا، مثل ما لدينا في محطة الصرف الصحي، ويمكن تركيبها على محطة الفضاءالدولية بهدف تحويل النفايات إلى منتجات قابلة للاستعمال".
وإيجابية أخرى لذلك هي الناحية الجمالية. أي أن ذلك الأمر قد يحول المحطة الفضائية إلى مكان جميل.
تقول أرمسترونغ: "يمكننا أن نتخيل أنابيب أو خزانات موضوعة بشكل ملاصق للجدران، من الآن يبدو المشروع ممتع لمن يراه، بيئة وتجربة جميلة، تجعلنا نشعر بالراحة."
الحياة والماكينات
الماء أيضا وسيلة ممتازة للحماية من الاشعاعات، ومن الممكن الاستفادة من الأنابيب داخل المحطة الفضائية في حماية الرواد من آشعة خطيرة موجودة في الفضاء.
من الممكن الاستفادة من أنابيب المياه داخل المحطة الفضائية في حماية الرواد من الآشعة الخطيرة في الفضاء
تتخيل أرمسترونغ أيضا وجود خزانات مليئة بالطحالب التي يمكن تغذيتها بالمياه العادمة وآشعة الشمس، وهذه الطحالب يمكن جنيها أيضا من أجل التغذية.
حتى إن لم تطبق هذه الأفكار في محطة فضائية، فهي لا تزال جديرة بالأخذ في الاعتبار من قبل مستوطني الفضاء المحتملين.
إذا أراد البشر أن ينشئوا حضارة تمتد لعقود طويلة في كوكب آخر خارج الأرض، بدون الاعتماد على الامدادات من الأرض، فعليهم أن يخترعوا ويطوروا أنظمة عضوية تعمل في بيئة الفضاء.
تقول أرمسترونغ: "من خلال العمل المشترك بين الحياة والأجهزة التي يصنعها الإنسان، سننال البصيرة التي تمكننا من أن نعيش في ما وراء الأرض."
إذن في عام 2151 حينما تنطلق سفينة "ستارشب انتربرايس" الحقيقية في أول رحلة لها، قد تكون من الداخل مختلفة تماما عما تخيلناه اليوم.
فبدلا من الممرات الفارغة، من الممكن أن تكون مليئة بالطحالب، ومكان السجاد يمكن أن نرى العشب، بينما ينمو الشجر فوق الجسر في داخل السفينة. فقط احترسوا من فروع الشجر المتساقطة عندما تهاجمكم الكائنات الفضائية.
يمكنك قراءة الموضوع الأصلي باللغة الإنجليزية على موقع BBC Future.