الأقباط متحدون - توازن الضعف فى مجلس النواب القادم
أخر تحديث ٠٧:٢٧ | الجمعة ١٠ اكتوبر ٢٠١٤ | توت ١٧٣١ ش ٣٠ | العدد ٣٣٥٠ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

توازن الضعف فى مجلس النواب القادم

مجلس النواب
مجلس النواب
د. وحيد عبدالمجيد 
كلما أسفرت الانتخابات النيابية عن أغلبية ذات اتجاه محدد، سواء من خلال حزب أو ائتلاف، كان أداء البرلمان أقوى واضطلاعه بواجباته أفضل. فالأغلبية النيابية تستطيع دعم حكومة وبرنامج عمل وخطط محددة، وتقوم بدور مهم فى تحقيق الاستقرار بمعناه الإيجابى الذى ينطوى على التقدم إلى الأمام، وليس بمعنى استمرار وضع جامد أو المحافظة على أمر واقع بغض النظر عن صلاحيته.
 
ولكن نظام انتخاب مجلس النواب القادم لا يسمح بتوقع توازن قوى على هذا النحو اللازم لتضافر الجهود وبناء المؤسسات فى مرحلة بالغة الصعوبة يتراكم فيها ميراث نحو أربعة عقود من التسلط والفساد وسوء الإدارة وسطوة الثروة حين تحالفت مع السلطة.
 
فالمتوقع أن يكون مجلس النواب القادم مفتتاً بين عدد ضخم من الأحزاب والمجموعات والأشخاص فى حالة هى أقرب ما تكون إلى توازن الضعف، بسبب نظام الانتخاب القائم على الأغلبية المطلقة سواء للأفراد أو المجموعات (القوائم). وفى غياب أحزاب كبيرة ونتيجة عدم وجود مجالس محلية، ستكون الغلبة للمرشحين أصحاب النفوذ المحلى والمالى والعصبيات العائلية والعشائرية.
 
وهكذا كان الحال حتى عندما كان هناك حزب يستمد قوته من السلطة وعصاها وذهبها قبل ثورة ٢٥ يناير. فكان «الحزب الوطنى» تجمعاً لمصالح كبيرة أكثر منه حزبا سياسيا يعبر عن اتجاه أو يقوم على رؤية. وعندما تضخم ذلك التجمع وازداد اللجوء إليه لحماية مصالح أو تنميتها، تنامى الصراع فى داخله على الترشح لانتخابات مجلس الشعب فى غياب أى معيار موضوعى للاختيار من بين الراغبين فى الوصول إلى هذا المجلس.
 
وأنتج هذا الوضع ظاهرة لا يمكن أن تعرفها الأحزاب السياسية، وهى احتدام الصراع بين الأعضاء وتحول الانتخابات إلى ساحة «قتال» بين «مرشح الوطنى» و«مرشح الوطنى المستقل»، وتداخلها مع صراعات الأجنحة والأجهزة فى نظام ظن أركانه أن مصر صارت «عزبة» لهم ولأتباعهم ولم يعد فيها مكان لأحد غيرهم. ولم يكن مدهشاً فى ظل ذلك التداخل أن يعجز «الحزب الوطنى» عن تحقيق الأغلبية رسمياً لأن مرشحيه الرسميين لم يحصلوا إلا على نحو ٣٤% من المقاعد فى انتخابات ٢٠٠٠، وعلى ٣٨% فى انتخابات ٢٠٠٥. ولم يكن مدهشاً أيضاً أن يهرول المرشحون بصفة «وطنى مستقل» للانضمام إلى الهيئة البرلمانية لحزب هو فى الأساس تجمع لمصالح لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال السلطة.
 
وإذا كان نظام انتخاب سيئ أدى إلى مجلس بلا أغلبية وفق النتائج الرسمية، وقبل إعادة ترتيب الوضع، فى وجود «حزب» بحجم تجمع مصالح واسعة، فما بالنا بما سيترتب على مثله فى غياب مثل هذا الحزب.
 
ورغم صعوبة توقيع تفاصيل هذا الذى سيترتب على نظام الانتخاب الحالى، يمكن أن تحقق الأحزاب الديمقراطية المدافعة عن الثورة، والأحزاب التقليدية التى تضم أغلبية من أعضاء «الحزب الوطنى» ورجال النظام الأسبق، نتائج متقاربة قد تكون فى حدود ٢٠% لكل من المجموعتين، أو أكثر قليلاً، وأن تحصل أحزاب الإسلام السياسى على ما بين ٥% و٨% من مقاعد المجلس.
 
ولكن فيما يُرجح أن تتوزع مقاعد الأحزاب الديمقراطية والأحزاب التقليدية على عدد كبير من الأحزاب الحالية لن يقل عن عشرة، وقد يصل إلى ما يقرب العشرين، فمن المتوقع أن تذهب مقاعد أحزاب الإسلام السياسى إلى حزبين فقط مبدئياً وهما حزب النور وحزب مصر القوية ما لم يقاطع الأخير الانتخابات.
 
ورغم أنه من الصعب أيضاً توقع حصة كل من هذه الأحزاب فى المجلس القادم، يمكن تصنيفها فى ثلاث مراتب. والمتوقع أن تضم أحزاب الفئة الأولى التى سيحصل كل منها على عدد أكبر من المقاعد حزبى المصريين الأحرار والوفد من الأحزاب الديمقراطية، وحزبى الحركة الوطنية والمؤتمر من بين الأحزاب التقليدية، إلى جانب حزبى النور ومصر القوية اللذين قد لا يخوض غيرهما من أحزاب الإسلام السياسى الانتخابات القادمة. فحتى إذا ترشح عدد من أعضاء جماعة «الإخوان»، سيكون صغيراً وغير مؤثر
 
أما أحزاب الفئة الثانية، فالمتوقع أن تضم الحزب المصرى الديمقراطى وحزب الإصلاح والتنمية من الأحزاب الديمقراطية، وحزب مصر بلدى وحزب المحافظين من الأحزاب التقليدية، بينما يأتى عدد أكبر من أحزاب كل من المجموعتين فى المرتبة الثالثة.
 
وربما يتطلب الأمر مراجعة هذا التصور المبدئى عندما يُفتح باب الترشح للانتخابات وتتضح الصورة التى سيكون عليها التنافس بين «القوائم» وحظوظ الأحزاب فيها، علما بأن معظمها قد لا يكون له مرشحون عليها، وأن عدد الحزبيين فى كل منها (٤ قوائم) سيكون أقل مقارنة بالمستقلين (والمستقلات حيث يشترط القانون وجود ٥٦ امرأة من بين ١٢٠ مرشحاً فى القوائم).
 
وإذا كانت خريطة الأحزاب المتوقع أن يكون لها تمثيل فى المجلس القادم مفتتة على هذا النحو، فى الوقت الذى يرجح أن يكون نصف هذا المجلس أفراداً مستقلين لا يعنى معظمهم بأكثر من مصالحه وقضايا دائرته الانتخابية، فمن الصعب توقع أداء قوى لهذا المجلس فى ظل توازن الضعف هذا.
 
ومع ذلك يظل وجود مثل هذا المجلس بكل علاته أفضل من غيابه أو تغييبه، وسيبقى ثمة دور مهم لكثير من ممثلى الأحزاب الديمقراطية وبعض نواب الأحزاب التقليدية على المستويين التشريعى والرقابى.
 
نقلآ عن المصري اليوم

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع