الأقباط متحدون - الطاقة: «أصل كل الحروب»
أخر تحديث ٢١:٥٨ | الاربعاء ٢٢ اكتوبر ٢٠١٤ | بابة ١٧٣١ ش ١٢ | العدد ٣٣٦٢ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الطاقة: «أصل كل الحروب»

سمير مرقس
سمير مرقس

(١)

المتابع لنتاج ماكينة الفكر السياسى فى صوره الورقية والمرئية والرقمية، سوف يلحظ بسهولة ويسر كم الدراسات والتحليلات والتقارير المدعمة بالإحصائيات والخرائط والجداول التى تتناول ما يُعرف بدراسات «جيو- استراتيجية الطاقة»، وتحديدا النفط والغاز.. وخلاصة هذا النتاج تفسر الكثير من الصراعات والتنافسات والمشاحنات والتحرشات التى تجرى من حولنا على مستوى الإقليم والعالم.. فلايزال النفط والغاز، الذى لحق به من حيث الأهمية الحيوية، يمثلان جوهر الصراع «الجيو- استراتيجى» فى الإقليم والعالم.

وما زاد من شراسة هذا الصراع الراهن، مقارنة بما قبل، هو أن الصراع لم يعد هو الصراع التاريخى المحصور بين قوتين كونيتين فقط. بل تعقد الصراع بتعدد القوى الكونية البازغة المتصارعة حول الطاقة.. الأهم أن طبيعة الصراع نفسها قد تشابكت وتقاطعت بصورة مخيفة، ماذا نقصد بذلك؟

(٢)

تاريخياً كان الصراع يقوم بين دول، وكانت الشركات التابعة لكل دولة تلتزم بما تراه دولها.. إلا أن الأمر بات مختلفا الآن.. حيث يمكن أن ترى شركة روسية مثل روسنفت تتحالف مع شركة إكسون، الأمريكية، للبحث عن الطاقة البحرية لصالح لبنان. كما يمكن أن نجد مصالح مشتركة بين تركيا وإسرائيل، واليونان، التى يتم علاج اقتصادها وفق روشتة الاتحاد الأوروبى، وروسيا، التى تتعرض لعقوبات غربية أوروبية وأمريكية.. يضاف إلى ما سبق الحضور الإيرانى والهندى والصينى على كل الأصعدة، بداية من الدعم السياسى لمشروعات الآخرين فى مواجهاتهم، إلى الشراكة المباشرة فى عمليات الاستكشاف والحفر والاستخراج، مرورا بوضع التصورات التى تؤمن وتعظم الاستفادة بالطاقة بشكل أو آخر.

(٣)

فى ضوء ما سبق تتعدد التصورات والخطط حول الطاقة فى الإقليم والعالم.. بيد أن الفارق بين ما يجرى فى منطقتنا والعالم هو أن الصراع العالمى، خاصة فى المناطق المتقدمة، يدار بصورة عقلانية قد تشوبها تحرشات، ولكن يبقى الصراع تحت السيطرة، وتتم محاصرة فرص اشتعال الحروب بدرجة أو أخرى.

ويرجع ذلك إلى منظومة الاقتصاد العالمية، التى سمحت بوجود تقاطعات فى المصالح- كما ألمحنا- تجعل بعض الشركات الأمريكية النفطية تمتنع عن الالتزام بتنفيذ العقوبات التى أعلنتها أمريكا على روسيا، وهو ما كان يحدث ما لم يحدث تطور فى الرؤى لدى كثير من النخب التى تدير هذه الصراعات وجعلها فى أضيق الحدود، وفى النهاية تعظيم مصالح الأطراف المتصارعة مهما كان الاختلاف.

(٤)

أما الصراع فى منطقتنا فلايزال من السهل أن يتطور إلى حروب تأخذ أبعاداً متنوعة، خاصة أن أوضاع كثير من الدول الديموجرافية والعرقية تتيح أن تشتعل الحروب بسهولة ويسر.. فلاشك أن جانباً مما يحدث فى سوريا ينطلق بالأساس للتحكم التام فى الطاقة من قبل روسيا وإيران من جانب، وإسرائيل وتركيا بدعم عربى- أمريكى من جانب آخر.. فى هذا السياق نلفت النظر إلى حجم الاكتشافات النفطية غير المسبوق فى أفريقيا، والصراعات السياسية التى يتوقعها الخبراء فى هذا المقام.

(٥)

الخلاصة، أظن أن ملف الطاقة من منظور جيو- استراتيجى أحد أهم الملفات الجديرة بالاهتمام، فى غمرة الاستغراق فى الشأن الداخلى. وضرورة الاجتهاد فى وضع رؤية وطنية تتعلق بهذا الملف، وتؤمّن مصر من تداعيات الصراع حول الطاقة وحروبها.. خاصة أن المعلومات متوفرة ومتداولة فى هذا الشأن.

نقلا عن المصري اليوم


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع