الأقباط متحدون - «إفيهات» ونوادر أم كلثوم على أصدقائها.. من محمد القصبجي إلى الضباط الأحرار
أخر تحديث ١٨:٠٧ | الاثنين ٣ نوفمبر ٢٠١٤ | بابة ١٧٣١ ش٢٤ | العدد ٣٣٧٤ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

«إفيهات» ونوادر أم كلثوم على أصدقائها.. من محمد القصبجي إلى الضباط الأحرار

أم كلثوم
أم كلثوم

تنتقي الأشعار التي تغنيها بعناية.. تُطبق شروطاً صارمة في التعامل مع الملحنين.. تراجع الشعراء والملحنين في جمل شعرية موسيقية مرات عديدة، تقدم مثالاً يُحتذى في الانضباط الفني واحترام الوقت، تقيم البروفات عشرات المرات منفردة و مع الفرقة الموسيقية، تقرأ القرآن قبل الصعود على خشبة المسرح لتهدئ من توترها الشديد كتلميذ مجتهد في ليلة امتحانه، وتجلس على المسرح حتى نهاية المقدمة الموسيقية في وجه جاد، ثم يبدأ دورها في الغناء، فتتجلى.. كطالب اتخذ كل تدابير النجاح والاجتهاد وجاء الامتحان تمامًا كما تمنّى هو..

الست أم كلثوم صدّرت وجهًا وقورًا ملتزمًا لجمهورها، الذي قد لا يعتقد أن لها حياة موازية لتلك التي تحياها على المسرح، تلاعب الأطفال، وتسقي الزرع، وتدبّر المقالب لأصدقائها، وتناجي البحر، وتتبع حمية غذائية..

«المصري لايت» ترصد صورًا و نوادر تدخلنا خلف الكواليس الإنسانية المبهجة لحياة الست.

جلس الملحن محمد القصبجي أعواماً في أقرب نقطة لـ«كوكب الشرق» على المسرح حتى وفاته؛ لذلك فإنه أكثر أولئك الذين يعرفون وجهها الآخر خفيف الظل والمبالِغ في تدبير المقالب للأصدقاء.

وفي واحدة من حكاياتهم الشهيرة، استخدم القصبجي قلماً من الحبر لصبغ شاربه الأبيض في حضور الست التي ما إن انتهي حتى أنفذته تعليقها: «شوف الراجل رجع شبابه بجرة قلم». وفي حكاية أخرى أرسلت «الست» دعوة على الإفطار في أحد أيام الشهر الفضيل باسم القصبجي لمجموعة من الأصدقاء المشتركين، وفوجئ بهم قبل الإفطار بوقت قليل في منزله، دون أن يفهم سبب تجمعهم، قبل أن تبادره علي التليفون: «باوصيك على الضيوف تفطرهم كويس»، ما اضطره لأخذهم إلي مطعم كبير دفع فيه مبلغاً باهظاً من المال.

لم يكُن القصبجي الشخص الوحيد الذي شهد هذا الوجه لـ«أم كلثوم»؛ فالشاعر أحمد رامي كان شاهداً علي العديد من المناسبات التي خرجت فيها الست عن وقارها، ففي إحدى المرات كان برفقتها في حفل، وأراد مطرباً ردئ الصوت أن يغني أمام أم كلثوم، وما إن شرع في الغناء حتى أدار له رامي ظهره، لكن الست أبت إلا أن تلفت الآخرين لما فعل رامي إذ قالت «اتعدل يا رامي لحسن الغُنا ييجي في ضهرك».

وبالرغم من أن رامي اكتوى بـ«قافية» أم كلثوم عدة مرات، إلا أنه حذرها من سُرعة بديهة إسماعيل يس، حتي لا تتورط معه في «قافية» لن تكون نتيجتها في صالحها، لكنها لم تستمع لنصيحته، إذ التقت بـ«سُمعة» في صيدلية بمحطة الرمل في الإسكندرية إلي جوار الميزان، فسألته عن وزنه، فأجاب 78 كيلوجرام،  فبادرته: «لازم وزنت من غير بُقك»، فطلب منها إسماعيل أن تصعد على الميزان ولم تكذّب هي خبراً، ولمّا وزنت نفسها رد إليها دعابتها بقوله: «لازم وزنتي من غير صوتك»، غير أن الست تقبلت الدعابة برحابة صدر وشاركت الجميع الضحك.

ولم تكُن الفكاهة الخالصة والإضحاك دومًا هي غرض أم كلثوم من دُعاباتها، فهي في مرات استخدمتها للتنفيس عن غضبها من أصدقائها بغير أن تعاتبهم، ففي إحدى المرات كانت غاضبة من الكاتب الصحفي الراحل محمد التابعي، وأراد أن يستقل معها سيارتها، فسألها أين تذهب، فأجابت «حدايق القبة»، فقال لها: «كويس تاخديني في طريقِك»، فبادرته: «بقولك حدايق القبة مش حضايق نفسي».

الكاتب الصحفي الراحل مصطفي أمين كذلك شرب مقلبًا ثقيلاً من أم كلثوم في أمريكا، حيث ذهبا سوياً لتناول الطعام في مطعم فاخر، وطلبت هي من القائمة ما لذّ وطاب من الأصناف وهي تعلم أنه لن يستطيع أن يدفع الفاتورة، وطلب هو مثلها مجاملةً لها، وعندما فتحت حقيبتها لدفع الحساب، حاول إثناءها بـ«عزومة مراكبية»، ووافقت هي مباشرةً، وعندما أرسلت له الصدفة أحد المعارف المصريين في أمريكا الذي عرض أن يدفع عنه، رفضت أم كلثوم بشدة حتى يتسنى لها أن تتم مقلبها للنهاية.

ولم يكُن الفنانون وحدهم هم المعرضون لخفة ظل أم كلثوم، فضُباط جيش، وأعيان باشوات، ووزراء كذلك لم يسلموا من سُرعة بديهتها، وردودها الحاضرة، ففي مرة تقابلت مع أحد الضباط الأحرار وكان بدينًا، وبدا أنها لا تذكر اسمه، وعندما سألها كيف لاتذكر اسمه، خرجت من الموقف بصنعة لطافة «هفتكر إيه ولا إيه؟!»، في إشارة إلى وزنه الزائد.

وفي مرة أخرى كانت تحضر مباراة كرة قدم إلي جوار أحد الباشوات، وعندما فتحت حقيبتها، أطال النظر فيها بشكل مُلفت، فأثنته عن ذلك بقولها: «حاسب يا باشا لتُقع في الشنطة». وفي مرة أخرى كانت تحضر زفاف أحد أقرباء وزير زراعة سابق قد أسرف في أكل الجرجير، فبادرته قائلة: «يعني معاليك عاوز تفهمنا إنك وزير زراعة؟!».

أما الكاتب الراحل أنيس منصور، فقد استغلت الست معرفتها بحبه الغناء، وطلبت منه أن يُغني أمام جمع من الناس في منزلها، فروى لها هو أنه تورط ذات مرة بالغناء أمام جمع من الشباب في فيينا، حيث طُلب منه أن ينشد النشيد الوطني، فنسيه وغنّي «هلت ليالي القمر»، ماجعلهم ينزلوه من على المسرح ويُجلسوه في مكان لايراه أحد فيه، وغناها للمرة الثانية أمام الست، التي عاجلته: «لما انت خوّفت القمر بالشكل دة، طلع تاني إزاي؟!».

وكان لصغر سن الملحن عبدالوهاب محمد نصيب من فكاهات أم كلثوم، إذ هنأته بعيده الخامس والعشرين على طريقتها الخاصة بقولها:«دة سنك دة ولا تأبيدة؟»، كما كانت سيارة الملحن بليغ حمدي صغيرة الحجم مثار سخريتها، إذ شاهدتها من شرفة الدور الثاني صغيرة جداً بشكل لافت، فبادرته: «حلوة يا ابني، ماطلعتهاش معاك ليه؟!». أما الشيخ سيد مكاوي فنال نصيبه من دعابات أم كلثون خلال تلحين أغنيتها «يا مسهرني»، عندما طلبت منه تعديل جملة لحنية، فقال «لما اشوف»، فردت عليه: «يبقي كدة عمرها ما هتتعدّل يا شيخ سيد».

ولم يسلم جمهور «الست» من خفة ظلّها، ففي إحدى الحفلات أزعجها أحد الحضور أكثر من مرة، وكان ذا شارب ضخم ومميز، فأسكتته بقولها: « تصدق شنبك متربي أحسن منك؟!». وفي مرة أُخري كان أحد الحضور يقاطعها بقوله «يا جاموس الفن» قاصداً «قاموس الفن»، فردتها له بقولها: «بس فين (العجول) اللي تفهم؟!».


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter