الأقباط متحدون - اتخاذ القرار بين الارتجالية والتخطيط
أخر تحديث ٢٠:٠٣ | السبت ٨ نوفمبر ٢٠١٤ | ٢٩ بابة ١٧٣١ ش | العدد ٣٣٧٩ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

اتخاذ القرار بين الارتجالية والتخطيط

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
بقلم : مينا ملاك عازر

لا جدال إن أكثر القرارات المصيرية في تاريخ مصر بل وتاريخ المنطقة وقد يكون في تاريخ العالم هو ذاك القرار الذي أعلنه السادات في مثل هذا اليوم منذ 37 عاماً وهو قرار سفره للقدس.
 
يومها أبدى السادات استعداده، وبين طيات ذلك رغبة في السفر حتى إلى بيتهم حيث الكنيست الإسرائيلي، ولا أستطيع أن أقول أن الأمريكيين والإسرائيليين تلقيا الخبر واستغلاه،

فهناك شواهد تؤكد أن ذلك الإعلان كان بالتنسيق بين السادات وصديقه كارتر حيث وصل السادات جواب من كارتر يحمله أحد رجال الدبلوماسية المصريين بسفارة مصر بأمريكا، وهو في الأغلب السيد نبيل فهمي نجل وزير الخارجية حينها إسماعيل فهمي الذي استقال ولم يسافر مع السادات للقدس، كان الجواب به سطر حاسم يقول كارتر فيه أن الموقف تجمد، ويجب اتخاذ خطوة تحرك المواقف.
 
بدى للجميع أن ما قاله السادات حينها ارتجال من بنات أفكاره لكنه كان مخطط له لا جدال، فقد سبقه سفرية لرومانيا والتقى بشاوشيسكو حيث تدارسا شخصية بيجين  -رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها والإرهابي السابق بحسب الحكم البريطاني عليه-والذى كان علي علاقة جيدة بالرئيس الروماني، السادات أيضاً تدارس الموقف مع ملك السعودية وحافظ الأسد رئيس سوريا، ولكن معظم الزعماء العرب خذلوا السادات، ولم يذهبوا معه إلى ما ذهب.
لم يكن قرار السادات مرتجلاً بل كان مخططاً، تعتبره صواب في قراره أو على خطأ لكن ما لا شك فيه أبداً أنه خطط لقراره بحسب معطيات الموقف الدولي آنذاك، ففعلها وأكثر،

وأحرج عتاة التطرف الصهيوني اليهودي مناحم بيجن ومن على شاكلته ما جعل المعارضة الإسرائيلية يؤيدون السادات ضد حكومتهم بل أنهم قدموا مبادرات سلام في يونيو من عام 1978 وقبلوا ما لم يكن بيجن ليقبله في معاهدة كامب دافيد، وهو فك المستوطنات الإسرائيلية بسيناء، وكل ذلك بسبب خطوة السادات الماردة الجبارة، وهي السفر للقدس، ما يعني أن التخطيط والدراسة أفضل بكثير من الارتجال والتلقائية مهما كانت نابعة عن صدق في النوايا.
 
لقد كان السادات موفقاً فيما أقدم عليه بحكم التاريخ، وليس حكمي، وحكم التاريخ والحقائق حكماً لا جدال فيه مطلقاً إذ أن لقاءات السادات مع رجال المعارضة الإسرائيليين قبل رجال الحكومة تشهد بكيف كانوا يقدرونه ويحترمونه، وكيف أثرت خطوته تلك فيهم وفي مواقفهم، السادات قام بخطوته عن ثقة في أنه المنتصر، قام بها من موقف قوة، كما قال لبيجن أثناء محادثات كامب دافيد، فأعطى لخطوته بريقاً ولمعاناً إعلاميين،

فدعاه زعماء العالم قُبيل انتخابات بلادهم ليؤيدهم في الانتخابات، وليعطيهم شعبية بأن يظهروا معه في المشهد، ما يعطيهم ثقل في عين شعوبهم.
المختصر المفيد اتخاذ أجرأ القرارات بدراسة سريعة، فتكون هي أعظم القرارات مهما تشكك فيها الجميعَ.
 
 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter