الجمعة ١٤ نوفمبر ٢٠١٤ -
٠٠:
١٢ ص +02:00 EET
ماجد سمير
بقلم : ماجد سمير
حضر صديقي العزيز مسرعاً لمنزلي ليطمئن علي وعلى عدم تعرض حريتي للأسر أو إلقاء القبض علي، متسائلاً بشكل يدعو للدهشة عن حالي وأحوال عائلتي فرداً فرداً.. لم أستوعب سبب قلق صديقي المثير للتعجب لم يحدث في الأمور أي سوء كما أني أصبحت كائناً مسالماً غير مشاغب بالمرة، ولا أدخل في مصادمات مع أي جهة كانت سواء كانت حكومية أو معارضة أو حتى حزب الكنبة ولا مع "كرسى" المطبخ، وهو كرسي يتم وضعه بدون أي سبب في المطبخ يستغله الزوج استغلالاً سيئاً في حالة عدم ذهابه للعمل؛ فيجلس عليه لمراقبة زوجته وكل خطوات إعدادها للطعام، مفتياً فيما لا يتمتع بأدنى خبرة فيه، فضلاً عن أني من الأزواج القليلين المطيعين لزوجاتهم ولا أمارس جلسة المطبخ لمتابعة خط سير "الطبيخ"، بالإضافة إلى أن زوجتي سيدة فاضلة لن تتسبب في يوم ما في أسري أو تحولي إلى مواطن مطلوب القبض عليه.
وزاد أن طلب مني صديقي العزيز سرعة الاختباء في أي مكان آمن لأن حريتي مهددة وفي أي لحظة ومن الممكن إلقاء القبض عليَّ، طلبت منه الهدوء لتوضيح الأمر فأخبرني أنه قرأ على أحد المواقع الإليكترونية الشهيرة إلقاء الأمن القبض على طالب في جامعة القاهرة يحمل في يده رواية 1984 للروائي الإنجليزي جورج أورويل.
توقف عن الحديث ونظر حوله كمن يتأكد من عدم وجود من يسمتع كلامه، مواصلاً استثارتي للإختباء، ابتسمت وقلت وما علاقتي بالخبر فأنا لست من مواليد عام 1984 ولم اتخرج من أي مدرسة أو جماعة أو معهد في هذا العام، وأيضاً لم يتوفاني الله في عام 1984، وكل ما أعرفه عن عام 1984 دورة الألعاب الأولمبية في لوس أنجيلوس وفوز فرنسا بكأس الأمم الأوروبية، وافتتاح كشري أبو سمرة بشارع المنيل، كما أني لست إنجليزياًّ، بالإضافة إلى أن اسمي "ماجد سمير" ليس جورج أورويل.
هنا صرخ صديقي وطلب مني خفض صوتي لأنه – حسب تعبيره – "الحيطان ليها ودان" وأن الأزمة في اسمي وقبل أن أتعجب أوضح وجهة نظره المحددة في أن الأمن ألقى القبض على الطالب لأنه يحمل في يده رواية فالطبيعي أن يتم إعدامي لأن اسمي " ماجد " ووالدي اسمه "سمير"، ولن يخفى عن الأمن أن شقيقي الأصغر اسمه " باسم" وخالي "سعد"... وسكت لثوانٍ مكملاً حديثه بصوت خفيض " كلها أسماء مجلات".
لم أستطيع منع نفسي الضحك بصوت عالٍ وهو يحاول إسكاتي، وطاوعته مهدئاً من روعه، ومؤكداً أني وعائلتي بالرغم أن أسماءنا تزين صدارة المجلات التي أشار اليها إلا أن كلها مجلات أطفال لم تسبب لأي حكومة سابقة قلقاً، كما أن كل المجلات المذكورة لن تدخل مع الحكومة الحالية والقادمة في أي صراع من أي نوع.
انصرف صديقي بعد أنه هدأت أعصابه ويبدو أنه اطمئن على حريتي لأن عائلتي كلها مجلات أطفال، تصفحت الإنترنت من خلال تليفوني المحمول وبحثت عن الخبر ووجدت أن الأمور من الممكن أن يكون فيها لبس، وربما تكون قصة وجود الرواية ضمن المضبوطات كاذبة، وتأكدت أن الهاجس الأمني أصاب المواطنين برعب يكاد يكون مرضياًّ.
خرجت زوجتي وسألتني عن نوع الغذاء الذي أفضله أجبتها أني أفضل وجبة جاهزة من أحد المطاعم، اتصلت بالرقم ولما طلب مني اسمي ترددت بشكل غريب وأغلقت الخط وأمسكت بيد زوجتي واتجهنا إلى المطبخ وجلست على "الكرسي" إياه.. رافعا حاجبي الأيمن متسائلاً بصوت جهوري "هاتطبخي إيه؟