الأقباط متحدون - الحراك الطبقى.. نوعان من ردود الأفعال (٤)
أخر تحديث ١٤:٥٥ | الاربعاء ٢٦ نوفمبر ٢٠١٤ | ١٧هاتور ١٧٣١ ش | العدد ٣٣٩٧ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الحراك الطبقى.. نوعان من ردود الأفعال (٤)

سمير مرقس
سمير مرقس

 تلقيت العديد من ردود الفعل على الحلقات الثلاث السابقة حول قضية «الحراك الطبقى». ووجدتها تنقسم بين موقفين هما: الأول الترحيب بدراسة ما جرى فى مصر من زاوية تفاعلات التركيبة الاجتماعية وحركية عناصرها والنتائج التى ترتبت على هذه الحركية ذات الوجهين (الصراعى- الطبقى) من جهة، والمجتمعى بصورته الشاملة من جهة أخرى. الثانى: الذى لم يرتح إلى الأخذ بهذا المنهج.

وواقع الحال، وكما أشرت فى بداية الحلقات، أننا سنتناول ما جرى فى مصر من «زاوية منسية».. منسية لأن مناهج التحليل توقفت عن تطوير هذا المنهج، منذ مطلع الثمانينيات، كما انقطعت عن الجديد الذى طاله.. ويقينا، وبعد نقاشات عديدة يمكن القول إن هناك من يريد أن يتناسى رؤى يمكن أن تفسر جانبا مما جرى فى مصر.

وأظن أن الليبراليين الجدد كان همهم، منذ تاتشر وريجان، أن يدفعوا فى اتجاه نظم تعليمية تقوم بتخريج مهنيين طوال نظام تعليم الاقتصاد، وعليه كان التكاثر المبالغ فيه فى تأسيس معاهد تدريس التجارة وإدارة الأعمال. وكان الهدف من ذلك تخريج كوادر مؤمنة بالسياسات الليبرالية الجديدة تعمل على التبشير بها، وتكون هى الترسانة البيروقراطية لشركات زمن العولمة. وواكب هذا التوسع تغيير فى محتوى ومضمون منهج الاقتصاد السياسى. وركز الطلبة على الالتحاق بما عرف بمحاسبة «إنجليش»، ونظم المعلومات فى مستواها التقنى، المُفرغ من الفلسفة الحاكمة للمعلوماتيات والمعرفة، بغرض تخريج «صنايعية» يعملون «كشغيلة» (يمكن مراجعة جورج قرم فى كتابه حكم العالم الجديد).. وواكب ذلك توقف مناهج علم الاجتماع عن التطور، حيث يتم الاكتفاء بما ورد فى كتابات الموجة الأولى التأسيسية التى تم تجاوزها بأربع موجات معرفية على الأقل (راجع دراستنا عن الدين والمجتمع والدولة والعالم: إطلالة على الأدبيات المعاصرة).. كذلك عدم الإلمام بالدراسات الراهنة دائمة التجدد حول التفاعلات الطبقية وعلاقاتها المركبة.

وعليه، تراجع التحليل المجتمعى- الطبقى، لذا عندما كنا نتحدث عن القاعدة الاقتصادية للجماعات الدينية، مثلا، كان هناك من يتململ، ويرفض هذا الحديث، باعتبار أن الجماعة الدينية تحمل لواء الدين وكلام الله غير القابل للتبدل. إلا أن الواقع كان يشير إلى أن العناصر الحاكمة للجماعة تنحاز لانتمائها الطبقى. كما وجدنا أن التوجهات الاقتصادية التى اندفعوا إليها لم تختلف فى جوهرها عن توجهات الليبرالية الجديدة فى بعديها الريعى والاستهلاكى.. فالمجتمع لدى هؤلاء «ساكن» لا يتغير، ووضع القوى المجتمعية هو من صنع الله، ومن ثم على كل قوة أن ترضى بواقعها وبقدرها. ومن ثم فلا مجال للصراع، خاصة أن أى ظلم سوف تتم معالجته بالنشاطات الخيرية. (راجع دراستنا المعنونة: هل تنحاز الجماعات الدينية طبقيا؟ ودراساتنا عن لاهوت التحرير فى أمريكا اللاتينية واليمين الدينى فى أمريكا).

المحصلة أن المجتمع كان يفور، ويغلى، ويتحرك، ولم يستجب أحد لما يجرى.. فلقد ساد الاطمئنان كل من هيمن- بالمصادفة لعقود ممتدة- على مؤسسات السلطة المختلفة.. فمنهم من قال «خليهم يتسلوا»، ومنهم من «حرم الحراك المجتمعى»، ومنهم من تصلب- بعناد يحسد عليه- فى إكمال حلقة الانسداد السياسى والمدنى أمام حراكات مجتمعية جديدة، اعتمادا على أن كله تحت السيطرة التى لم يزل يرددها البعض.. وهناك من لم يتعلم الدرس بعد، ويصر على عدم رؤية ما طرأ على المجتمع من تحولات نوعية.. وظنى أنه من الأهمية بمكان أن نفك الارتباط بين أمن الوطن، وهو أمر ضرورى، ولا خلاف عليه من حيث المبدأ، وبين حركية المجتمع، التى لا بد من استيعابها، وأنها نتاج طبيعى لحراك مجتمعى- طبقى مركب، انطلق، ولا مجال للعودة إلى ما سبق ما غابت العدالة، وندرت المساواة.. ما يعنى إبداع استجابات متنوعة للمستقبل.. ونواصل.

نقلا عن المصري اليوم


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع