الأقباط متحدون - هل تتفكك مراكز القُوى فى ٢٠١٥؟
أخر تحديث ١٩:١١ | الثلاثاء ٢٣ ديسمبر ٢٠١٤ | ١٤كيهك ١٧٣١ ش | العدد ٣٤٢٤ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

هل تتفكك مراكز القُوى فى ٢٠١٥؟

 د. مصطفى النجار
د. مصطفى النجار

 صار جلياً أن الخطر الذى يواجه السلطة الحالية فى مصر ليس المعارضة السياسية ولا الأخطار الخارجية المعروفة، بل صار الخطر ينبع من داخل السلطة نفسها، ممثلاً فى الإرث الثقيل لمنظومة متآكلة أصابها العطب، وتركة من مؤسسات وأجهزة تتخطى كثيراً حدودها، وتعمل فى جزر منعزلة بفلسفات بالية كانت سبباً فى الوصول للحال المزرى الذى قادنا للمشهد الراهن.

 
رحل مبارك عن الحكم لكن منظومته تعمل بقوة، وتضرب بعنف، وتأبى أن تدرك أن الزمان قد تغيّر، وأن فلسفة الماضى لن تصلح للحاضر، ولن تقود للمستقبل، بانتقام واضح ورغبة فى الثأر مما نالها قبل أربع سنوات، واعتقادٍ بأنه بفائض التعسف والقمع وركوب موجة حماية الدولة من السقوط واستغلال فزاعات مستهلكة وتوظيف أبواق مأجورة لغسيل دماغ الناس، تنطلق ماكينة إسقاط الدولة من داخل الدولة نفسها، وتنهش فى الجميع.
 
أخطر ما يحدث فى فترات التحول وتغير الأنظمة أن يتغير رأس النظام فقط بينما يستمر النظام القديم فى الحكم الفعلى، وفى حصر الخيارات أمام السلطة الجديدة وتخويفها من مغبة الاقتراب من مراكز القوى القديمة، التى سرعان ما تصبغ المشهد بلونها وتدير الأوضاع طبقاً لولاءاتها وانحيازاتها المفضلة وثاراتها المتأصلة التى تُكسب السلطة الجديدة مزيداً من العداوات والانفصال عن قوى إصلاحية حقيقية تسير فى مسارات الإصلاح، ودعم الدولة الوطنية، والعمل على تطوير بنيتها ومؤسساتها ونُظمها.
 
الاقتراب من مراكز القوى المعوّقة للتطور يحتاج إلى ظهير شعبى حقيقى، وإذا وُجد هذا الظهير ولم يتم الاعتماد عليه لبدء الاقتراب المباشر فإن الظهير ومساحات التأييد تتآكل مع الوقت، ويحل الشك مكان الثقة وتختلط الرؤى وتتوحد النظرات لتتعامل مع القديم والجديد كجسد واحد لا تنفصل أجزاؤه ولا تتمايز.
 
لا تأييد شعبياً يستمر طوال الوقت إذا لم يجد ما يعزز ثقته ويُطمئن مخاوفه، وقد يصبح نقمة ووبالاً على صاحبه إذا شبت فى النفوس مرارة الإحباط وانهيار الثقة والشعور بالخديعة، سواء عن ضعف قدرة أو انحياز مريب كان مستتراً، وأظهرته الأيام والمواقف.
 
هناك أوقات حاسمة لا تحتمل بطء التحرك ولا خوف عواقبه، فلا توجد مكاسب دون ثمن، ولكن الثمن المدفوع سيكون أقل كثيراً من ثمن التردد ومحاولة إبقاء النار تحت الرماد بلا اشتعال، كل يوم تستمر فيه مراكز القُوى تُرسخ من أقدامها وتُوسع شبكاتها وتتغول مصالحها وتتوحش أساليبها وتتلاعب فيه بالوافدين الجدد، وتقطع الطريق عليهم لتُجهض أى سعى للإصلاح والتطوير، وبينما تقف هى خلف الستار تنتشى بالفشل تنصب اللعنات على من يقفون أمام الناس مباشرة بحكم مسؤوليتهم.
 
فى كل تجارب التاريخ لم تستقر سلطة جديدة إلا إذا أزالت الركام والأنقاض، وفتحت نوافذ المستقبل لتطرد عفن الماضى. الأورام السرطانية لا يكفى إزالة جزء منها والإبقاء على أجزاء أخرى، إذ سرعان ما تتمدد وتقتل الجسد وتسيطر عليه بالكامل. سبعة عشر شهراً مرَّت والداء يستفحل وكل أصوات الحكمة والرشد تُشير لموقع الخلل وتصرخ: سوف نُؤتى من هنا (بضم النون)، ولكن لا نرى استجابة تليق بحجم الخطر.
 
خوض المعارك الحقيقية للإصلاح قد يكون سبيلاً لوحدة الصف وتآزر الجهود، وفى النهاية يبقى القرار رهين الإرادة.
نقلا عن المصرى اليوم 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع