الأقباط متحدون - قصة تقرير التعذيب الأمريكى (٢-٢)
أخر تحديث ١٣:٢١ | الاربعاء ٢٤ ديسمبر ٢٠١٤ | ١٥كيهك ١٧٣١ ش | العدد ٣٤٢٥ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

قصة تقرير التعذيب الأمريكى (٢-٢)

د. منار الشوربجى
د. منار الشوربجى

انتهى مقال الأسبوع الماضى بالحديث عن الاتفاق الذى توصلت له لجنة مجلس الشيوخ مع المخابرات المركزية لتجرى الأولى بمقتضاه تحقيقها بشأن التعذيب. وهو الاتفاق الذى قضى بأن تغذى المخابرات المركزية بالمعلومات أجهزة كمبيوتر مملوكة لمجلس الشيوخ توضع فى موقع آمن. وبالفعل بدأ أعضاء الجهاز الفنى التابع للجنة مجلس الشيوخ عملهم فى ذلك الموقع الآمن فواجهوا صعوبات كبرى.

فالمخابرات المركزية، من باب العرقلة والتعطيل، كانت تلقى بملايين الصفحات على تلك الأجهزة، دون فهرس ولا ترتيب، وكان على الجهاز الفنى للجنة الشيوخ ترتيبها وتصنيفها فضلا عن تحليلها. الأسوأ أن الجهاز الفنى اكتشف، مع الوقت، اختفاء بعض الملفات وحذف أخرى بالكامل، فاتهمت رئيسة اللجنة، السيناتور فاينستين، المخابرات فى خطاب علنى بالتجسس على عمل الجهاز الفنى للجنتها واختراق أجهزة الكمبيوتر المملوكة لمجلس الشيوخ والعبث بمحتوياتها. وقتها، كان جون برينان قد تولى رئاسة المخابرات خلفا لليون بانيتا. وهو أدار المعركة مع لجنة مجلس الشيوخ بالكثير من الغطرسة والقليل من الكياسة، إذ نفى الاتهام الموجه للمخابرات بل ووجه اتهاما للجنة، المنوط بها أصلا الرقابة على وكالته، بأنها سعت «بشكل غير قانونى» للحصول على تقرير سرى أعد وقت تولى بانيتا للعرض عليه ولم يكن للجنة الاطلاع عليه.

وقد وصل الخلاف بين وكالة المخابرات ولجنة مجلس الشيوخ، المنوط بها الرقابة عليها، لذروته فى بداية الصيف، قبل أن يضطر برينان للاعتذار علنا للجنة فى يوليو بعد أن أثبت تحقيق داخلى أن الوكالة بالفعل تجسست على لجنة مجلس الشيوخ!

وطوال تلك الفترة كان البيت الأبيض ينأى بنفسه عن الصراع الدائر بين الكونجرس والمخابرات، وإن لم يخف أوباما دعمه لبرينان ورفضه إقالته، بعدما ثبت أن الوكالة تجسست على مجلس الشيوخ. لكن البيت الأبيض اضطر لأن يكون طرفا حين وصلت علاقة اللجنة بالوكالة لطريق مسدود فى معركة جديدة كانت هذه المرة حول نشر تقرير اللجنة النهائى. فبناء على طلب اللجنة، تولى البيت الأبيض بدلا من الوكالة التفاوض حول ما ينبغى حذفه من التقرير لئلا يعرض الأمن القومى للخطر. لكن البيت الأبيض فوض فى المهمة وكالة المخابرات ذاتها لتنظر فى الأمر ثم تعرضه عليه، فكانت النتيجة أن تلقت لجنة مجلس الشيوخ التقرير فى أغسطس وقد تم حذف أجزاء كبيرة منه وتسويد بعضها الآخر، فغضبت رئيسة اللجنة وأعلنت فى مؤتمر صحفى إرجاء نشر التقرير لحين تسوية الخلاف مع البيت الأبيض.

ومن وقتها راح البيت الأبيض، وحده دون المخابرات المركزية، يفاوض لجنة مجلس الشيوخ بخصوص المطلوب حذفه أو تسويده. وتعرضت المفاوضات الصعبة مرات للانهيار إلى أن تم التوصل فى أوائل الشهر الجارى للصيغة النهائية التى تم نشرها بالفعل والتى لم يحذف فيها من التقرير الأصلى سوى ٥ % فقط.

لكن حتى بعد الاتفاق، ظل نشر التقرير مهددا حتى آخر لحظة. فقبل النشر بساعات، اتصل وزير الخارجية، جون كيرى، برئيسة اللجنة ليدعوها، باسم إدارة أوباما، لتأجيل النشر. لكن رئيسة اللجنة، السيناتور الديمقراطية، كانت تعلم أن أمامها أسابيع قليلة ويتولى الجمهوريون الأغلبية فى مجلس الشيوخ، بموجب انتخابات نوفمبر الماضى، فتنتقل هى لمقاعد الأقلية فى يناير القادم، الأمر الذى قد يعنى دفن التقرير وعدم نشره أصلا. فاتخذ الديمقراطيون فى اللجنة قرارهم بنشر التقرير، كما حدث فعلا، ضد رغبة الرئيس الذى ينتمى لنفس حزبهم.

نقلا عن المصري اليوم


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع