نعيم يوسف
بعد أن تحدث وألمح كثيرا عن تجديد الخطاب الديني، وضرورة أن يكون نابعا من المؤسسات الدينية نفسها، وليس من خارجها، وبعد محاولة هذه المؤسسات تجميل الصورة دون وقفة حقيقية ضد الفكر المتطرف، قرر الرئيس عبدالفتاح السيسي وضع الصورة أمام الشعب المصري لتبرئة ساحته مما يحدث، أو كما يقولون بالعامية "لبس الأزهر في الحيط".
قال السيسي في خطابه بمناسبة الإحتفال بالمولد النبوي الشريف، إننا نحتاج إلى ثورة دينية على النصوص التي طالما قدسناها وكانت سببا في معاداة الدنيا بأكملها وتدمير الأمة والمنطقة بالكامل، بالإضافة إلى خروجه عن النص لتهنئة المسيحيين بعيد الميلاد المجيد ورأس السنة الميلادية... ووجه حديثه إلى الإمام الأكبر أحمد الطيب وقال له "سأحاجيكم أمام الله في الآخرة على ذلك" ... وهنا وضع السيسي الأزهر في مأزق وحسم عدة أمور.
رمى السيسى الكرة في ملعب الأزهر ليعلن للشعب كله أن مهمته كرئيس في رسم السياسة وتوجيه مؤسسات الدولة في مكافحة الإرهاب قد اكتملت وأن الدور اﻵن على هذه المؤسسات لتقوم بواجبها، معلنا تبرئة ساحته مما يحدث في الأزهر باسم الدين من تكفير للمعارضين والمخالفين، كما وضعه في مأزق آخر بمطالبته بتصحيح النصوص التي تعادي الإنسانية وتم تقديسها خلال العصور السابقة!!!!
حسم السيسي الجدل الدائر حول شرعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، عن طريق الاحتفال به من خلال وزارة الأوقاف والأزهر نفسه، ليكون ذلك أبلغ رد على المتطرفين وليحسم موقف الدولة وانحيازها للفكر المنفتح وليس المنغلق المتطرف بطريقة عملية وليس شعارات سئم الشعب المصري كله من سماعها.
خروج السيسي عن النص لتهنئة الأقباط بطريقة ودودة حسم أمرا أخر وهو أنه رئيس مسلم لدولة مصرية، وليس رئيسا مسلما لدولة مسلمة والفارق هنا كبير، فبعد الجدل الذي أثير الفترة الماضية عن حرمة تهنئة المسيحيين وأن تكون تهنئتم وفقا للشريعة الإسلامية حسم السيسي الأمر بطريقة عملية أيضا ليعلن أنه رئيسا لكل المصريين بمختلف طوائفهم -مع احتفاظه بديانته كشخص مسلم بالطبع- وليعلن ايضا أن لهذه الدولة مكونات أخرى غير المسلمين كما كان يزعم السادات بأنه "رئيس مسلم لدولة مسلمة".