بقلم : عماد جاد | الثلاثاء ١٣ يناير ٢٠١٥ -
٤٧:
٠٨ ص +02:00 EET
عماد جاد
شارك أكثر من خمسين رئيس دولة وحكومة فى مسيرة «الجمهورية» بباريس ضد الإرهاب، وذلك على خلفية الجريمة الإرهابية التى وقعت ضد صحيفة «شارلى إبدو»، وأحد المحلات التى تبيع المأكولات اليهودية «الكوشير»، وقد شارك معظم قادة أوروبا فى هذه المسيرة، كما شارك فيها عدد من القادة العرب، أبرزهم الملك عبد الله الثانى ملك الأردن، والرئيس الفلسطينى محمود عباس. كما شارك فى المسيرة رئيسا الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو والتركى أوغلو.
وكان واضحًا أن المسيرة ضمَّت قادة جاؤوا بالأساس من أجل إظهار التضامن مع الدولة الفرنسية، لا سيما أن معظم الدول الأوروبية تحتضن مواطنين يشابه حالهم مع حال مَن قام بالعمل الإرهابى فى فرنسا، فهناك مئات وربما آلاف المتشددين الذين ينتمون فكريًّا إلى الجماعات الإرهابية، والذين يمكن أن يكرروا ما وقع فى فرنسا، وهناك المئات وربما الآلاف الذين يقاتلون فى صفوف تنظيم الدولة الإسلامية داعش ، وبالتالى فإن الشعور بالصدمة لدى قادة أوروبا دفعهم أولًا إلى المشاركة فى مسيرة باريس، وحرَّك وزارات الداخلية فى دول الاتحاد الأوروبى من أجل مزيد من التعاون لمحاصرة المتشددين الذين يحملون جنسيات هذه الدول.
أيضًا هناك مَن ينطبق عليه المثل الشعبى يقتل القتيل ويمشى فى جنازته ، والذى ينطبق تمامًا على رئيس الوزراء التركى أوغلو، فبلاده ضالعة فى مساعدة تنظيم الدولة الإسلامية داعش ، حيث تستخدم الأراضى التركية فى عبور الشباب الراغب فى الالتحاق بصفوف التنظيم، كما يجرى إمداد عناصر التنظيم بالسلاح عبر الأراضى التركية أيضًا، وتستقبل المستشفيات التركية جرحى التنظيم لعلاجهم، فتركيا تستثمر التنظيم فى تحقيق أهدافها تجاه سوريا والعراق، وأيضًا فى خدمة التنظيم الدولى للجماعة، الذى ينتمى إليه النظام الحاكم اليوم فى تركيا. أيضًا شارك فى المسيرة مَن كان يشعر بسعادة غامرة مما جرى فى باريس، فهو يقدّم صورة سلبية للعرب والمسلمين، وتكريس هذه الصورة يساعد بلاده على كسب التعاطف والتأييد السياسى، وفى الوقت نفسه يقدّم صورة سلبية للخصم أو العدو، وينطبق ذلك على رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، الذى أراد استثمار الحوادث الإرهابية التى ضربت باريس فى جنى المكاسب، بداية من استغلال حادثة متجر الأطعمة اليهودية فى دعوة يهود فرنسا للهجرة إلى إسرائيل، والتأكيد أن إسرائيل هى وطن كل اليهود، بمن فيهم يهود فرنسا، وإقناع وزير الخارجية الإسرائيلى أفيجدور ليبرمان، لذوى الضحايا اليهود، بدفن جثامينهم فى جبل الزيتون بالقدس، المكان المقدس لدى اليهود، وصولًا إلى استغلال نتنياهو للجريمة فى محاولة لإدانة النضال الوطنى الفلسطينى، عبر المشابهة بين ما وقع فى باريس وما يقع من عمليات ضد إسرائيل، على أساس أن إسرائيل وأوروبا تدفعان ثمن التشدُّد الإسلامى.
وقد عرت جريمة باريس والمسيرة موقف الرئيس الأمريكى باراك أوباما، تمامًا، فهذا الرجل الذى يعد النصير الأول لجماعة الإخوان، الجماعة الأم لكل التظيمات الإرهابية فى العالم، لم يجد لديه من الشجاعة الكافية للمشاركة فى المسيرة ضد الإرهاب، ولو كان قد شارك ربما لتعرَّض لهجوم شديد، نظرًا لمواقفه الداعمة للتنظيم الدولى للجماعة، ولأن المسيرة والجريمة والجدل حولهما كشف سلامة مواقف مصر بعد 30 يونيو، وسلامة تقديرات الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى، الذى احتل صدارة الكتابات والتحليلات فى الغرب، باعتباره الرجل صاحب المواقف المبدئية والرؤية الثاقبة فى مواجهة الإرهاب، والمطالب بثورة إصلاح دينى فى وقت تواطأ فيه قادة الغرب مع التنظيم الدولى للجماعة، الجماعة الأم لكل المنظمات الإرهابية المتشددة.
نقلا عن التحرير
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع