د.ممدوح حليم
سيبقى يوم 25 يناير علامة بارزة ونقطة تحول كبرى في تاريخ مصر، على الرغم من أن بعض أساتذة العلوم السياسية يرون أنه لا يرقى إلى مستوى الثورة طبقا ً لتعريفات العلوم السياسية، ورغم محاولات البعض تصويره على أنه كان مؤامرة خارجية حركتها أصابع داخلية. إن ملايين المصريين الذين ملأوا الشوارع والميادين إبان أحداثها خير دليل على صدقها وشعبيتها.
ولا شك في أن تأثيرات أحداثها عميقة على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية . إن تأثيرها يمتد إلى الحالة الدينية في مصر، ولقد أدت إلى انتهاء الحقبة الدينية في مصر حيث سيطر الدين على كافة نواحي الحياة المصرية وتغلعل فيها. كيف كان ذلك؟
بدأت الحقبة الدينية في مصر في منتصف السبعينات حيث شجع الرئيس السادات - الذي تدور حوله علامات استفهام كثيرة - التيارات الدينية على السيطرة على الحياة المصرية بغرض القضاء على التيارات اليسارية في الشارع المصري من اشتراكيين وشيوعيين وناصريين ارضاء ً للطرف الأمريكي. ومن ناحية أخرى ذهب ملايين المصريين للعمل في دول الخليج وعاد أغلبهم حاملا ً أفكارا دينية متشددة . ومن ناحية ثالثة ظهرت قيادات دينية واسعة الشهرة اتسمت بقوة الشخصية والقدرة على التأثير مثل الشيخ الشعراوي والداعية عمرو خالد الذي لعب أحدهما دورا ً مهما في اعتزال بعض الفنانات العمل والثاني حث كثيرا ً من الفتيات على ارتداء الحجاب.
وعلى الصعيد المسيحي لعب البابا شنودة دورا ً مهما في السيطرة على الأقباط وصارت القيادة الدينية المرجعية في كل مناحي الحباة تقريبا ً. وصار المصريين يستنشقون الدين ويتعاطونه بصورة مبالغ فيها رغم انهيار القيم في تلك الحقبة.
وفي بداية الثورة دعت بعض القبادات الدينية الشعب إلى عدم الاستجابة للدعوات للخروج إلى الميادين والشوارع الأمر الذي مثل طعنة لسيطرتهم على الشعب. إن انهيار نظام مبارك الذي يمثل السلطة الأبوية الأعلى لدى المصريين وفقده للهيبة ينعكس تلقائيا ً على السلطات الأبوية الأدنى بما فيها السلطة الدينية. إن الدعوة للحرية في هذه الثورة يمتد تلقائياً إلى القيود الدينية وسيطرة رجاله على أفكار الناس وسلوكياتهم.
لقد توالت الأحداث وتغير المناخ الديني بصفة عامة في مصر الأمر الذي جعل من 25 يناير بمثابة الشرارة الأولى لانتهاء الحقبة الدينية، وهو ما يمكن تناوله باستفاضة أكثر في مقالات تالية.