أعتقد أن هناك رسالة يجب أن توجّه الآن لكل المصريين بأن يتحولوا إلى «فلتر» لكل ما يتم الترويج له فى الإعلام، وبالذات بعض القنوات الفضائية، كذلك ما يتم الترويج له عبر مواقع التواصل الاجتماعى.. لماذا أقول هذا الآن؟ لأننى أصاب بصدمة شديدة عندما أجد البعض وهو يردد كالببغاء ما يروج له هذا الملقب بالإعلامى من تشويه متعمد واتهامات مرسلة.. لكن بعض الناس يتصورون أن ما يتم الترويج له عبر الشاشات هو مصدق بالضرورة طالما أنه يتم عبر قنوات إعلامية معروفة، على أساس أن هذه القنوات تخضع لقواعد مهنية، وهذا خطأ، ما بالك بما يتم ترويجه عبر مواقع التواصل التى لا يحكمها أى شىء.
فمن المفترض أن المواد الإعلامية التى تبث عبر القنوات الإعلامية تخضع لقواعد ثابتة إذا ما تم تخطيها تكون هناك مساءلة.. لن نقول أن تخضع للرقابة، فهذا مرفوض، لكنّ هناك سبلا أخرى يتم اعتمادها فى أكثر الدول ديمقراطية يدفع فيها من يشوه متعمداً الثمن غاليا، ليس من حريته ولكن من أمواله وأموال القناة التى يبث من خلالها والتى تسمح له بذلك، أو ربما تتواطأ معه فى ذلك، ففى السويد مثلا هناك جهاز يمول من أموال مالكى الصحف ويتشكل من شخصيات مهنية مشهود لها بالاستقلالية، هذا الجهاز يتلقى الشكاوى ويحقق فى التجاوز ويصدر قراره بمعاقبة الصحيفة بغرامة مالية كبيرة، أى أن الأمور لا تترك هكذا «سداح مداح»، رهنا بمصالح لهذا أو ذاك.
هذا يحدث فى بلاد مستقرة، ما بالك ببلد كبلدنا يمر بمرحلة تتصارع فيها المصالح ما بين نظام يحاول أن يتشكل، ونظام قديم يحاول أن يسترد عافيته ويعود ليمسك بمقاليد الأمور، وإخوان يسعون للتشكيك فى كل ما يجرى على الساحة.. هنا يصبح كل ما يروج له يروج له بهدف ويسعى إلى غاية.. الأمر ليس فقط محاولة غسل وجه النظام السابق كما يتصور البعض، بل هو محاولة لأن يصبح النظام الذى يتشكل حصان طروادة للنظام القديم.. فهل هذا من مصلحة النظام الوليد أم أنه يورّثه كل أخطائه وخطاياه، بل يجعله مسؤولا عن كل ما يجرى من تشويه، ليس لرموز ثورة يناير وثورة يناير وحدها، بل مسؤولا عن تشويه تاريخ أمة بأكملها.. أعلم أن التشريعات الخاصة بالصحافة والإعلام يجرى العمل عليها الآن من لجنة مشكلة من نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للصحافة ونقابة الإعلاميين وعدد من الخبراء، وهى منوط بها أيضا وضع التشريعات واللوائح الخاصة بتشكيل المجالس والهيئات التى ستشرف على الإعلام، لذا أتصور أنه من الهام جدا أن تتبنى هذه المجالس دورا لضبط استغلال الإعلام بهذه الصورة الفجة التى نراها الآن، عبر آليات تمنح الحرية المطلوبة دون أى قيد، لكنها أيضا تملك آلية للتحقيق فى الشكاوى المقدمة وإقرار العقوبة التى تتمثل فى غرامات مالية ضخمة إذا ما ثبت الترويج لاتهامات مرسلة لا تستند إلى أى دليل كما يحدث حاليا.. لا يمكن أن تترك الساحة مفتوحة لكل من يريد أن يشكل وعى الناس طبقا لمصالحه الخاصة بلا أى رادع ولا حساب لكل هذا التشويه والتضليل والكذب.. الحرية الإعلامية يجب أن تمنح لكن أيضا من يسىء استخدامها يجب أن تتم محاسبته.. لا نقبل بالرقابة لكننا أيضا يجب أن نملك آلية لحساب من يخطئ.
نقلا عن المصرى اليوم