عرض/ سامية عياد
لقد استطاع الأنبا أنطونيوس التغلب على شهوات العالم ولم تكن تمثل له شىء ولم يقدر الشيطان رغم محاولاته الفاشلة لزعزعة إيمانه أن ينتصر عليه ... فكيف كان ذلك؟
المتنيح قداسة البابا شنودة الثالث يوضح لنا كيف تغلب القديس الأنبا أنطونيوس على حروب الشيطان ، فقد نجح القديس فى اختبار "ما أعسر أن يدخل غنى الى ملكوت الله" كان يملك المال ولكن المال لم يكن يملكه ، واستطاع أن يتركه ويوزعه ويمضى الى الملكوت بدونه ، ونتعلم من هذا أن المال فى حد ذاته ليس هو الخطورة ، وإنما الخطورة تكمن فى محبة المال والسعى وراءه والاتكال عليه .
لقد حاربه الشيطان بحرب الخوف والرعب، إذ كانت الشياطين تظهر له فى هيئة وحوش كثيرة لها أصوات مخيفة عالية تهجم عليه بقصد افتراسه لكنه انتصر عليها بالاتضاع ، والفهم ، والصلاة ، فكان فى إيمان عميق يقول لمهاجميه (إن كان الله قد أعطاكم سلطانا على ، فمن أنا حتى أقاوم الله؟! وإن كان الله لم يعطيكم سلطانا على فلن يستطيع واحد منكم أن يؤذينى) ، وفى كل مرة ينتصر ، كان يزداد إيمانه ، وينتزع منه الخوف بالأكثر الى أن زال منه الخوف تماما ، وقد ظل محتفظا بتواضعه يشعر بضعفه ، يصرخ الى الله ، فينقذه الله بقوته الإلهية.
ومن مظاهر التواضع العملى فى حياة القديس إنه اقتنع بحياة الوحدة ومارسها ، وعاش 30 سنة مغلقا على نفسه لا يرى وجه إنسان وأخيرا ازدحم الناس على بابه مصرين أن يفتح لهم ، وأن يصير لهم مرشدا فخضع لهم وتحول من متوحد بالمعنى الكامل الى متوحد ومعلم الوحدة ، ايضا عندما طلب إليه الآباء الأساقفة أن ينزل ليعلن رأيه فى الأريوسية خضع لهم ونزل بالفعل الى الإسكندرية وانتصر على تطرف وجمود الفكر .
المال والعظمة لا تهمه ، والأفكار والشكوك لا تزعزعه ، الشهوات لا تغلبه ، الخوف والرعب لن يهزمه ، بتوضع عاش وبقلب نقيا خالصا ليس فيه شىء من شهوة المادة والجسد صار رجل الحكمة والإفراز ، انتصر على التطرف والتزمت ، كان بشوشا باستمرار ، وجهه يفيض بالسلام على تلاميذه ، فاشتهى تلاميذه مجرد النظر الى وجهه وكان كل من ينظر الى وجهه يمتلىء سلام .