بقلم على سالم | الثلاثاء ٣ فبراير ٢٠١٥ -
٣٠:
١٢ م +02:00 EET
على سالم
اشترك الاتحاد السوفياتي بقيادة الرفيق ستالين مع الحلفاء في القتال ضد قوات المحور وهي ألمانيا واليابان وإيطاليا. وفي اللحظات الأخيرة قبل دخول قوات الحلفاء إلى برلين كان الجيش السوفياتي قد حرر عددا من دول شرق أوروبا كما أسرع بقواته لاحتلال شرق ألمانيا بما في ذلك شرق العاصمة برلين. وبدأت مرحلة جديدة في التاريخ وهي الحرب الباردة بين الطرفين، الاتحاد السوفياتي في جانب وأوروبا وأميركا في الجانب الآخر. وكل البلاد التي (حررها) الجيش السوفياتي من الجيوش الألمانية أنزل عليها ستالين ستارا حديديا (دول الستار الحديدي) وهذا التعبير لتشرشل. ومنذ تلك اللحظات في منتصف أربعينات القرن الماضي بدأت الحرب الباردة بين الكتلتين.
أشهر أدوات هذه الحرب كان الإعلام والإشاعات والأكاذيب التي يطلقها كل طرف على الآخر. كان الماركسيون في كل أنحاء العالم يعتنقون ويشيعون فكرة أن بلاد الغرب الرأسمالي أيامها على الأرض أصبحت معدودة، بينما أخذت الرأسمالية في علاج عيوبها للتخلص من كل ما ألصقه بها الماركسيون من تهم ضد الإنسانية، إلى أن انتهت الحرب الباردة بعد نهاية الماركسية كنظام حكم سياسي واقتصادي. غير أن سلاحا واحدا من أسلحة الحرب الباردة ظل موجودا في الأسواق وهو استخدام الدين كسلاح سياسي. ركز الغرب لسنوات طويلة على أن السوفيات ملحدون ولا يعترفون بوجود إله. وبهذه الصيحة استطاعوا تجنيد عدد كبير من المؤمنين والمتطرفين لدخول المعركة ضد السوفيات في أفغانستان. ولإنجاح هذه السياسة كان لا بد أن يوطدوا علاقتهم بالجماعات المتشددة بوصفها حائط صد ضد الشيوعية. هذه المدرسة في التفكير تحولت عند رجال السياسة إلى نظرية سياسية قوية وثابتة، لذلك سنرى أنور السادات رحمه الله في معركته مع الناصريين والاشتراكيين، خطب ود جماعة الإخوان وأولاهم ثقته. وكانوا عند حسن ظنه وخاضوا معارك ضد الناصريين والاشتراكيين استخدموا فيها المطاوي والجنازير الحديدية. وبعد أن انتهوا منهم، استداروا إليه وقتلوه.
وفى ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، تحولت لندن إلى فندق سياحي فاخر لزعماء التطرف الهاربين من المنطقة العربية. ليس من الصعب فهم سر هذا الترحيب بهم. لقد تصورت أجهزة الأمن السياسي هناك أن المنطقة على وشك أن يحكمها المتطرفون، فعملوا على توطيد صلتهم بهم في انتهازية بلهاء. لم يفكروا للحظة واحدة في احتمال أن يصاب مواطنوهم المسلمون بفيروس التطرف.
والآن.. أنا أعتقد أنه على كل أجهزة الأمن السياسي في أميركا والغرب أن تستبعد ورقة الدين من ألاعيب السياسة. ليس هذا فقط، على كل أساتذة السياسة في كل جامعات العالم أن يدرسوا لطلبتهم أن السياسة ليست مرادفة للشر وأنها فن صنع الخير للشعوب، وأنه على رجل السياسة أن يضع عينا على الشارع والعين الأخرى على المؤرخ. وأن اللمعان في عالم السياسة يستلزم أن ترفع عينيك طول الوقت لرؤية قيمة عليا وأن تعمل على الوصول إليها، وأن الدين هو قيمة تعلو فوق كل قيمة، لذلك تجب حمايته من المغامرين والانتهازيين وهؤلاء الذين لا يؤمنون بشيء.
نقلا عن الشرق الاوسط
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع