ماجدة سيدهم
*هلموا هلموا أيها المرحى المحبوبين ، هاتوا بذار الحلوى والأحلام والخدع المعاكسة للضوء ،هيا نحفر عمقا غائرا في وجع الحقل النائي حيث غلب النعاس تثاؤب الحنطة المؤجلة ، تبكر اليمامات بالتقاط الاخبار المبللة بالملح و تشطر خاصرة النهار إلى نصفين ملونين أبيض أبيض ، عاصف عاصف ، فالمزيج دوما ناري ، اصنعوا اخدودا على ضفاف العنفوان وحول حقول الياسمين الطازج حيث العطر لا يجف أبدا ، هنا أبناء يصنعون عهدا جديدا على رفات الياسمين ..
*على رفات الياسمين ،حبيبي .. ابن رحمي وروحي .. وحيدي وكبد أناتي ..شاهدتك بفجعي في برتقالي اللوعة .. صامت لم تفتح فاك.. مرفوع الإيمان
..مساق على شواطئ صليب العزلة وحدك .. وحدك يا ولدي وحبيبي .. اصرخ وباسمك أنادي .. ألاحق الشاشات والأخبار والزحام .. أنا هنا ..أمك يا ابن وجعي . فـُنيت عظامي كسرا وكلت روحي ذوبانا تفتش وتتوسل وتترجى عنك خبرا ..تفحمت عينيّ لكثرة الترجي والتوقع المخيف .. كيف مرت بك تفاصيل أيام العزلة وماذا فعلوا بك رعبا .. كيف سرت طريق الذبح وأي ألم تحملت وأي بوح حملت وما بوحت ..هل تذكرتني يا ولدي وتمنيت وجهي وهل رأيت سقوطي ملطخا بالهلع والهرولة اليك ..هل سمعت حريق صراخي أناديك " ابنــــــــــــــــــــــــي" ..مريم فعلت قبلي هذا وأما أنا فاحترق قلبي والتاع بمعزل عنك يا ابني .. لذا جف عمري يا ابن عمري .. واحتضن البحر دمك واحتفظ الملح بعذوبة حلمك ليظل بدمعي ينبض ..
*على رفات الياسمين ، أطمئنك ..فلم أخلف وعدي وأيضا لم أتأخر
لم أتركهم لحظة واحدة ولا غمضة عين .. شعورهم محصاة وبقلبي تخفق نبضاتهم ..سرت بينهم شددتهم ..قبلتهم وبشدة حضنتهم بل وأريتهم روعة الأكاليل المرصعة بالمجد المذهل والتي اصطفت ملائكة السماء كلها تحملها بانحناء التكريم كي أضعها أنا بنفسي تتويجا على رؤوسهم الجميلة والشامخة .. صدقيني خففت عنهم ووضعت رقبتي عوضا عنهم وجازت السكين بعنقي أنا ونزف قلبي أنا .. لذا كانوا ثابتين ..ممتلئين سلاما يفوق العقل
أطمئنك يا جميلتي .. هم بالفرح والذهول يهللون فما لم يخطر على بال بشر أعددته من أجلهم وصار مستحقا لهم .. اطمئنك وأشددك..وأقول أيضا أفرحي ..نزيفهم حي وحقهم حي فكلمتي لا تسقط أبدا ولا تعود فارغة ..
هو زمن الصلب فترقبوا مجد الحرية والنصرة الصارخة في الشوارع والأسطح والنجوع ..مصر التي احتوتني الآن ومنذ الأول احتويها ..من أجل صراخ الطيبين أصنع فيها عجبا ولن تسقط للناي نغمة ..
*على رفات الياسمين ، الوطن قيمة من ذهب خالص لا يعرفه غير الشرفاء .. الوطن حصن منيع للأبناء الشرعيين ..الوطن مساحة ممتدة من فخامة جنوده وحتى طيبة القاطنين ضفاف الشرف والحرية والفهم ، هكذا وطن الحنطة يرتفع ويزدهر على رفات الياسمين ..!
ولن يجف الياسمين أبدا ..