د. ممدوح حليم
كانت مدارس الأحد في الأربعينات والخمسينات قد أفرزت جيلا قويا من المنتمين إليها الذين على أيديهم ارتفع مستوى الفكر فيها و اكتسبت الحركة بعدا إصلاحيا مع ممارسة بعض الأنشطة الاجتماعية. وتعد هذه الحقبة الفترة الذهبية في تاريخ مدارس الأحد، وإن امتدت جودتها حتى منتصف الستينات حيث تعد هزيمة حرب 1967 نقطة تحول نحو الأسوأ في كل الأوضاع المصرية بما في ذلك الأوضاع الدينية، وقد امتد التأثير إلى مدارس الأحد.
ومنذ بداية الستينات، بدأ هذا الحيل العطيم يتبدد
بعض هؤلاء دخلوا الرهبنة كما سبق أن ذكرنا في حلقة سابقة. بعضهم صار كاهنا
فريق آخر أصبح منشغلا ً بعمله وقد حقق فيه نجاحا باهرا. وربما ابتعد قليلا ً أو كثيرا ً عن الأوساط الكنسية، أو صارت علاقته بها عادية. كما أن أغلبهم دخل دائرة الزواج والحياة الأسرية ولم تعد الأوضاع الكنسية شغله الشاغل.
إن بعضهم انتقل للمعيشة في حي أرقى حيث ارتحل كثير من سكان شبرا للعيش في مصر الجديدة وكان من الصعب البدء في خدمة مدارس الأحد هناك.
وفي سياق آخر، بدأت هجرة الأقباط إلى بلاد المهجر في بداية الستينات مع حركة التأميم عام 1961 ، وقد ارتفعت معدلاتها بعد هزيمة 1967 الأمر الذي أثر بشدة على كفاءة مدرسي وحركة مدارس الأحد.
عدد قليل آخر اعجب بالنظريات الشيوعية شأنه في هذا شأن أغلب المثقفين والمفكرين آنذاك، وقد صارت علاقته بالكنيسة بصفة عامة هشة.
البعض انغمس في دراسة الفلسفة تخصصه بما فيها من وجودية وقد صارت محور حياته
وهناك من ظلت مدارس الأحد تجري في دمه حتى نهاية حياته، وهم قليلون.
ولأنه لا يوجد لمدارس الأحد كيان تنظيمي يجمع كل المدرسين والأعضاء لذا تبدد الجيل العظيم. لم يكن هناك من يهتم بتواجدهم واستمرار انتمائهم للحركة.
ومن المؤسف أن مدارس الأحد أو التربية الكنسية في الكنيسة القبطية نشاط مرتبط بفترة الصبا والشباب، ثم يبتعد الشخص عنها دون أن يجد من يدعوه للاستمرار فيها والانتماء إليها.
ولهذه الأسباب وغيرها تعد فترة أوائل الستينات نقطة تحول كبرى في تاريخ مدارس الأحد بما في ذلك اسم الجركة نفسها الأمر الذي سنوضحه في الحلقات القادمة