الأقباط متحدون - جوزيف مكارثى يزور القاهرة
أخر تحديث ٠٩:٢١ | الاثنين ٦ ابريل ٢٠١٥ | ٢٨برمهات ١٧٣١ ش | العدد ٣٥٢٤ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

جوزيف مكارثى يزور القاهرة

جوزيف مكارثى يزور القاهرة
جوزيف مكارثى يزور القاهرة

 كُلما تقدمت السيارة إلى الأمام زرعوا الأرض بالمسامير الصدئة، وكُلما لاح بصيص نور خرجت الخفافيش من أوكارها لتُحطم قناديل البهجة مُشتتة الانتباه لمعارك جانبية، ومُجرجرة الناس إلى حالة من الفزع والقلق من مُخططات الغرب، ومؤامرات الدول الكُبرى.

 
عن المكارثية الغازية بلادنا أكتب مدفوعا بوخز الضمير، مُندهشا من اختصار الحُلم حُلم التغيير فى شخص، ومُستاء من طبالين وزمارين يلتفون حوله مُحرضين وموزعين اتهامات لا حصر لها على كُل مَن يختلف معهم.
 
قُضاة مُستقلون أُبعدوا بتهمة الانتماء إلى الإخوان أو التعاطف معهم رغم أنهم لم يُغادروا أبداً خندق الاستقلال، وموظفون كُبار فصلوا من العمل لأن زُملاء لهم كتبوا تقارير أمنية ضدهم، وهناك ساسة مُحترمون هوجموا ولعنوا لأنهم اختلفوا مع الجوقة الباحثة عن دور أو مكان.
 
لم يكن القاضى المُحترم أحمد صابر، رئيس محكمة استئناف القاهرة السابق إخوانياً يوماً من الأيام حتى يُحال إلى المعاش، ولم يكن الدكتور محمد أبوالغار عميلاً للدول الكبرى ولم يدع إلى تخريب أو فوضى حتى يصُب حملة المباخر غضبهم عليه عندما انتقد تشريعات اعتبرها مٌغايرة للديمقراطية. كما لم يعرف أحد الكاتب العملاق وحيد حامد مُتأسلماً أو فاشياً حتى يسنوا له سهام التسفيه والتجريح عندما قال فى حوار إنه لم ير بعد إنجازات للرئيس.
إن كثيراً ممَن أُبعدوا أو أُضيروا لا علاقة لهم بالإخوان، وكثير من المُحرضين لا علاقة لهم بنظام الحُكم أو رأسه، والتفتيش فى الضمائر والبحث فى النوايا يقود الوطن إلى نظام أكثر فاشية من نظام مبارك.
 
قبل ستة عقود كانت أمريكا على موعد مع حملات تطهير مُشابهة. خرج جوزيف مكارثى، عضو مجلس الشيوخ الأمريكى، خطيباً ليتهم ساسة ودبلوماسيين وموظفين كباراً ومبدعين وفنانين بالشيوعية والعمل كعملاء للاتحاد السوفيتى. أخرج النائب المُتحمس وقتها ورقة قال إنها تضم أسماء 205 من الشخصيات المرموقة التى تعمل لصالح العدو. انقلبت الدُنيا وفتحت هيئة المباحثة الفيدرالية تحقيقات واسعة واستدعت نُخبة المُجتمع لتمثل أمام لجنة «مكارثى»، بينما سارعت وزارة الخارجية الأمريكية إلى فصل مائة دبلوماسى طالتهم الاتهامات. فضلاً عن ذلك وقف مُبدعون عُظماء يُدافعون عن أنفسهم ضد اتهامات مكارثى مثل الكاتب آرثر ميللر، والفنان شارلى شابلن، والمُفكر والناشط مارتن لوثر كينج.
 
ودخل العشرات إلى السجون دون وجه حق، وامتلأت «الميديا» الأمريكية بأوصاف تخوين وتحقير للمُتهمين، حتى تبين للسلطات بعد سنوات عدم صحة أى من اتهامات جوزيف، وفى 1954 قرر مجلس الشيوخ توجيه اللوم للسيناتور الأمريكى.
 
إنه لا يُمكن لدولة أن تُبنى بصوت واحد، أو رأى واحد أو فكر واحد، لذا فلا ينبغى تحويل كُل مَن يختلف أو يتحفظ أو ينتقد إلى خانة العُملاء أو الإخوان.
لقد ولى زمن الفرد، وانتهت صلاحية عبارة: «مَن ليس معنا فهو ضدنا» فُكل مَن هو مصرى أصيل مع الوطن ومصلحته. والله أعلم.
نقلا عن الوفد

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع