بقلم: نشوى الحوفى | الثلاثاء ٧ ابريل ٢٠١٥ -
٠٤:
١١ ص +02:00 EET
نشوى الحوفى
بعيداً عن تلك الحلقة من الحوار الردىء من برنامج الزميل القدير أسامة كمال على قناة «القاهرة والناس»، التى جمعت بين الباحث إسلام البحيرى ومندوب عن الأزهر عبدالله رشدى، وبعيداً عن النتيجة التى خرج بها الاثنان صفر اليدين فى قضية من أهم قضايا الفكر الإنسانى فى مصر اليوم، تبقى كلمة قبل بدء الحديث، مفادها أن النقاش ليس هدفه الحفاظ على مرجعية الأزهر كجهة وحيدة لحفظ التراث الإسلامى، كما أعلن مندوب الأزهر خطأً، ولا الدفاع عن صحة وجهة نظر إسلام البحيرى كما فعل «إسلام» خطأً، بل هى الدفاع عن مستقبل بات سجين الماضى رغم أنه اجتهد لأوانه ولقضاياه وظروف عصره ودفع ثمن ذلك، ورغم ذلك يتعرض للإهانة من رافضيه بحكم اختلاف الظروف واللغة والقضايا، كما يتعرض للتشويه والإساءة من المحتمين به من جهلهم أو جبنهم عن التجديد بإصرارهم على عدم السعى لفهمه وتجديد لغته. وهكذا تتبدى قضيتنا يا سادة.
ونبدأ بالتوضيح يا سادة كى لا نختزل الأمور فى جزئية ليست كل الموضوع رغم كونها لُب القضية..
أولاً: إن تجديد الخطاب الدينى لا يعنى فقط اقتصاره على لغة الإسلام والمتحدثين به، أو لغة المسيحية والمتصدين لها، ولكنها تعنى تغيير لغة مجتمع فى الحوار وقبول الآخر وإتقان ثقافة النقاش والرد على الفكرة بالفكرة والإتيان بالدليل. لتعلم الهدف من هذا الحوار بالأساس وهو التنوير والفهم والحفاظ على البشر وحاضرهم ومستقبلهم. بمعنى آخر نحتاج لتطوير الحوار الإنسانى فى مصر اليوم.
ثانياً: إن قضية تجديد وتطوير لغة الخطاب الدينى، ليست قضية أشخاص ولا قضية مؤسسات، ولكنها قضية مصير مجتمع يبحث عن غد مستنير منتج واعٍ، وقضية دين بات من يظنون أنهم قائمون عليه سبباً فى تكريس العنف والجهل والإساءة لأهله ولغيرهم بل وللدين ذاته، بسبب إصرارهم على التوقف عند اجتهاد السابقين عليهم بألف وأربعمائة عام! وبالتالى فعلى من يتصدى لتلك القضية أن يجعلها خالصة لوجه الله مهما واجه، فلا يطلب منها شهرة ولا صيتاً من دون تطاول على من سبقه. وعلى الأزهر ومشايخه وتابعيه أن يعلموا أن الدين محفوظ بأمر الله لا بمؤسستهم، وأنهم ليسوا رجال الله ولكنهم مأمورون بالاجتهاد لعصرهم بما يحفظ للدين هيبته.
ثالثاً: أن تجديد الخطاب الدينى يمتد ليشمل تنقية التراث مما شابه من إسرائيليات وأمور خالفت القرآن وقضايا لا تتعلق بعاصرنا، كما تشمل مناقشة القضايا الحالية وموقف الدين منها صراحة، وفقاً لظروف عصرنا المكانية والزمنية. وهو ما يستلزم حواراً بين شيخ الأزهر وعلماء الطب والهندسة واللغة والتاريخ والاجتماع والسلوك البشرى والفنون، وكل التخصصات الإنسانية.
رابعاً: لن يحدث ما سبق من دون عودة ورؤية دولة متكاملة تدرك خطورة وضعنا الحالى وتعرف أن مستقبلنا مهدد طالما استمر الوضع على ما هو عليه، وبخاصة مع عدم إمكانية لجوء المتضرر للقضاء. مع ملاحظة أنه ليس المطلوب من الدولة الدخول فى التفاصيل، ولكن وضع الرؤية وحمايتها بإرادة تنفيذ.
نقلا عن الوطن
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع