الأقباط متحدون - تجديد الخطاب الدينى ليس فيه سم قاتل
أخر تحديث ٠٤:٠٥ | الثلاثاء ٥ مايو ٢٠١٥ | ٢٧برمودة ١٧٣١ ش | العدد ٣٥٥١ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

تجديد الخطاب الدينى ليس فيه سم قاتل

تجديد الخطاب الدينى
تجديد الخطاب الدينى

 رغم أن الغالبية اعتبرت إشارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى ضرورة تجديد الخطاب الدينى بمثابة طوق نجاة وصمام أمان وسبيل نحو العبور بمصر والمصريين من حفرة عميقة وقع فيها المواطنون على مدى عقود من الظلام الثقافى والسياسى والاقتصادى والتربوى والدينى والأخلاقى والسلوكى والتعليمى والعلمى، فإن كلاً منهم تعامل مع هذه الدعوة بمنظوره الخاص. فهناك من اعتبرها فرصة للتخلص من مظاهر ذات نكهة دينية وأصول غير مصرية، أو اعتبر الهبد والرزع يميناً فيما يعلمه ولا يعلمه شكلاً من أشكال التجديد وصنفاً من صنوف التحديث.

وهناك كذلك من أعلن نهاراً جهاراً أن تجديد الخطاب الدينى منطقته التى لا يجرؤ أحد على الاقتراب منها وسطوته التى لم ولن يتنازل عنها حتى وإن كره الكارهون أو رغب المجددون فى المساهمة فى التفكير والتجديد. وهناك من فرح وهلل معتبراً الدعوة إلى تجديد الخطاب الدينى فرصة ذهبية للتخلص من قيود وأعراف فرضها المجتمع عليه على سيبل «كل ما يعجبك والبس ما يعجب الناس»، وحيث إن ارتداء ما يعجب الناس اصطبغ بصبغة دينية من باب إبراء الذمة الإيمانية واستكمال سمعة التدين الفطرى، فقد أمسك البعض بتلابيب تلك المظاهر معتبرين هدمها البوابة الملكية لتجديد الخطاب والحصول على الحريات. وفريق من المتلقين اعتبروا الدعوة تخليصاً للدين مما لا يعجبهم وإضافة ما يعجبهم. ومجموعة بعينها صبت جام غضبها ووجهت كل كبتها على عبارة «تجديد الخطاب الدينى» ناعتين إياها بمحاولات هدم الدين وجهود القضاء على المتدينين. وهذه المجموعة الأخيرة هى المعروفة بقلب الحقائق وتشويه الوقائع لصالح الجماعة ورفعة الإخوة وسطوة الأخوات.

وبات جلياً أن الغالبية المطلقة من المواطنين والمواطنات متعطشة لشكل ما من أشكال التجديد، حتى وإن بات التجديد للبعض هو التشويه للبعض الآخر، ومحاولة قفز للبعض الثالث، وجهود تحلل وتخلص من قيود شخصية هنا أو عراقيل مجتمعية هناك، أو حتى وسيلة تحقق نقلة نوعية فى الظهور الإعلامى أو سطوة مجتمعية فى الشارع والحارة وليس بالضرورة تجديداً بالمعنى المعروف. وهذه علامة إيجابية، حتى وإن عكس بعض المفاهيم صدمة حضارية أو وكسة ثقافية أو كارثة فكرية أو مصيبة دينية، لكن يبقى الإقبال التاريخى على الدعوة مصدراً للأمل ومدعاة للتفاؤل بعدما ظن البعض -وأنا منهم- أن أحداً غير راغب فى التفكير. إحدى الجامعات الخاصة ترفع شعار «نعلم الطلاب كيف يفكرون وليس فيما يفكرون»، وهذا مربط الفرس فى دعوة مهمة كدعوة تجديد الخطاب الدينى. فالرئيس السيسى لم يمدنا بقائمة من قواعد تجديد الخطاب الدينى أو يوزع علينا دليلاً موحداً لتعليم أساسيات تجديد الخطاب الدينى، وذلك لأسباب عدة أبرزها أن الدعوة الحقيقية لتجديد الخطاب الدينى (الذى ضربنا جموده وتحجره وسطحيته فى مقتل) تتعارض وتقييدها بمعايير بعينها أو مقاييس دون غيرها أو مقاسات مرسومة على البعض. وأغلب الظن أن الغرض من الدعوة كان تنويرياً، والهدف كان تثقيفياً، والغاية كانت إنقاذية.

أقول «كان» و«كانت» لأن ما جرى ودار بعد توجيه الدعوة كشف الستار عن كثير من عوار أصاب أدمغتنا ودمار لحق بأذهاننا وظلام غلف قلوبنا واستقطاب تغلغل فى داخلنا. وقبل أن تضيع فرصة ذهبية تجدر الإشارة إلى أن تجديد الخطاب الدينى لا يعنى دعوة إلى الإلحاد، ولا يؤدى إلى نزع صكوك ملكية الدين من هؤلاء ومنحها لأولئك. وهى أيضاً ليست مجالاً لاستعراض العضلات أو المنازلة فى مصارعات. تجديد الخطاب الدينى فكرة، والأفكار غير خاضعة للاحتكار ولا قابلة للاحتقار. تجديد الخطاب الدينى ليس فيه سم قاتل. فكروا تصحوا! 

نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع