نقرأ ونشاهد كم الصراعات والخلافات واختراق اللوائح التى تحدث الآن داخل أغلب الأحزاب السياسية، وذلك نتيجة لعدم احترام وتطبيق اللوائح وعدم متابعتها من لجنة شئون الأحزاب إدارياً مثل الجهاز المركز للمحاسبات فى متابعة ميزانية الحزب. بالتأكيد لا يستطيع أحد القول إن النظام أو أمن الدولة هو السبب فى هذه الصراعات، فالمشكلة داخل الأحزاب، والحقيقة أنا كنت ضمن مؤسسى حزب الجبهة الديمقراطية قبل ثورة ٢٥ يناير، ورأيت بنفسى كيف يتم تفجير الأحزاب من الداخل، حينما يتم ترغيب أحد القيادات فى منصب يحلم به، أو سحب بعض الامتيازات منه وإعطاؤها لآخر من الحزب نفسه، ومن هنا يحدث التفريق والصراع بين أنصار هذا وذاك، ولكن الآن ونحن فى وقت يرغب النظام فى وجود حزب أو أكثر قوى يتحمل المسئولية معه ويأمل الناس فيه أن يروا حزباً قوياً يعبر عنهم بقوة، وخاصة أنه لا يوجد حزب حاكم تلعب لصالحه الأجهزة الأمنية. ماذا يحدث إذن؟!
بالتأكيد ما يحدث الآن ناتج عن عدة ممارسات، منها أن قيادات بعض الأحزاب يشعرون بأنهم وحدهم يمتلكون الصلاحيات ويستغلون أحداث الانتخابات البرلمانية لإمساك معظم راغبى الترشح من يدهم للموافقة على التغيير والتبديل فى الهيئات العليا، والجمعية العمومية وتغيير اللوائح، وهذا كله لأن لجنة شئون الأحزاب ليست لها أى صلاحيات فى مراقبة الانتخابات الحزبية على الأقل ومتابعة القواعد المنصوص عليها فى اللوائح الحزبية، وحينما يتقدم لها عضو فى حزب يشكو لا يلتفت إليها، وأعلم أن بعض الأحزاب السياسية التى تم وقف الجمعية العمومية لها بحكم محكمة ونفذت الحكم تحايلت على القانون، وعقدت اجتماع هيئة عليا لتغيير اللائحة وعمل انتخابات وهذا غير قانونى. وأرسلت للجنة الأحزاب خطابات بها أسماء لأشخاص ليسوا منتخبين. وأرسلوا استقالات دون استقالة أصحابها وهناك آخرون يحذفون أعضاء من الجمعية العمومية ويضيفون أسماء، وآخرون أصبح أسماء المؤسسين والأعضاء حبراً على ورق فقط. من هنا أتساءل إذا كنا الآن أصبحنا أكثر من مائة وثلاثة أحزاب والشارع لا يستطيع معرفة أسماء أكثر من خمسة أو حتى عشرة على الأكثر، فما قيمة التعددية الحزبية.
أنا أعلم تماماً أنه لا توجد عملية سياسية بدون تعددية حزبية قوية تستطيع التعبير عن هموم الشارع ووضع حلول بديلة تحاول تصويب أى تقصير وخلق كوادر حزبية قوية نستطيع الدفع بهم فى كل المناصب القيادية لتطبيق أفكار وأيديولوجية وبرامج هذه الأحزاب، ولكن حينما يصبح هناك مقر به عشرة على الأكثر من القيادات، والآخرون أسماء على ورق ولا يستطيع هذا الحزب إقناع الناس برؤيته وبرامجه، ويصبح الجميع شكلاً واحداً ولا يعرف الحزب إلا باسم رئيسه، أو صاحبه فهنا تكون المأساة التى يعانى منها الشارع وعندما يقدم الحزب نفس مناهج مؤسسات المجتمع المدنى ولا يستطيع المواطن أن يفرق بين عمل الحزب السياسى وأعمال مؤسسات المجتمع المدنى، فأنا أرى أن هذا فشل ذريع ويجب على لجنة شئون الأحزاب متابعة الإجراءات الإدارية والإشراف على الانتخابات الحزبية ومطابقتها للائحة فقط. ولكن للأسف لجنة شئون الأحزاب لا تتابع إلا عند التأسيس فقط، وأن هذا الحزب استطاع تجميع العدد المطلوب منه وبرامجه مدنية، وليس بها شىء يخالف النظام العام وتفصل فى أحقية الحزب أو رفضه، وهذا للأسف أعطى فرصة للبعض فى استسهال تأسيس حزب للوجود فقط دون النظر فى المساهمة فى تخريب الحياة الحزبية فى مصر والتعامل معها على أنها ملكية خاصة لبعض القيادات بها وأفقد الشارع الثقة فى الحياة الحزبية. لذلك أود أن تكون للجنة شئون الأحزاب دور.
ليس بالتأكيد دوراً سياسياً ولا رقابياً على الأحزاب، ولكن لا بد من مباشرة تفعيل القوانين الخاصة بالأحزاب وتطبيق لوائحها بمنتهى الحزم ولا تهمل أى شكوى وهذا لأن الأحزاب السياسية ملك لأعضائها المؤمنين بهدفها ومبادئها فحينما ينص القانون على شرط لتأسيس الحزب بخمسة آلاف عضو من خمس عشرة محافظة على الأقل لا يجب أن تكون الجمعية العمومية للحزب الأولى بعد التأسيس مثلاً مائتين، فهذا عبث والتحايل على القانون وإيهام الناس بأن العدد كبير وأن الجمعية العمومية تمثل فقط بعدد منتخب من المحافظات يتم اختيارهم من قبل القيادات، ليكون ولاؤهم للقيادات وتصبح جمعية عمومية «ملاكى»، فكل أعضاء الحزب المسددين لاشتراكات لا بد أن يكونوا أعضاء فى الجمعية العمومية حتى يصبح الحزب كبير العدد، كما يستطيع الحزب عمل مؤتمره الأول المكون من خمسة آلاف من المؤسسين يجب أن يكون المؤتمر السنوى للحزب بنفس الشكل الاحتفالى والديمقراطى. كفانا ترقيعاً فى كل مؤسسات والفهلوة والتحايل على القوانين فإذا شاهد الشارع المصرى النخب المصرية بهذا الشكل، فكيف يتم إقناعه بتأييدهم، ونحن الآن فى مرحلة فيصلية، ويتم الصراع بهذا الشكل. ارحموا مصر والمصريين. مصر تحتاج إلى تكاتف الجميع للتجميع وليس للتفريق، للتصحيح «مش فصل لوائح»، فكيف يثق المواطن فى أناس لا يحترمون اللوائح ولا القوانين أن يكونوا هم المسئولين عن حياتهم.
نقلا عن الوطن