في الوقت الذي يعاني فيه فريق الأهلي نادي القرن من انكسارات وهزائم متتالية داخليا وخارجيا وأداء لا ترضي عنه الجماهير وتغيير لجهاز الفني تمت المطالبة بتغييره عدة مرات قبل ذلك يفاجأ الجمهور بنزول خبر في جريدة الوطن بخصوص التحفظ على أموال نجمه معشوق الجماهير المعتزل أبو تريكة. وذكرت المستندات، أن البنك المركزي بدأ اتخاذ إجراءات التحفظ على ممتلكات نجم منتخب مصر السابق، وحساباته البنكية.
الخبر كان من الممكن أن يمر سريعا لو أن المتحفظ عليه كان لاعبا آخر غير أبو تريكة فالخبر أشعل مواقع التواصل الاجتماعي وهاشتاج متعاطف أبو تريكة على التويتر انتشر بقوة وبدأ النشطاء في مهاجمة الحكومة وصب جام غضبهم عليه في المقابل انتشر هاشتاج مصر فوق الجميع وبدأ الكثير يقولون إن القانون يجب أن يطبق على الجميع وإن كانت هناك أدلة مؤكدة ضد أبو تريكة يجب أن يحاكم وأن هذا ما يجب أن يحدث في دولة قوية تحترم القانون ولا مجاملة لأحد مهما كان.
لن أتكلم وأحلل شخصية أو تريكة. دائما ما يختلط الأمر على الكثير من المعجبين للفنانين والمشاهير؟ هل أنت بالفعل معجب بشخصية الفنان أم معجب بأعماله فقط؟ وهل لو عرفت الفنان عن قرب وقابلته سوف يستمر هذا الحب والإعجاب؟ وهل هناك شرط أن تكون شخصية الفنان في قوة وحجم موهبته؟ وهل يجتمع جمال الشخصية مع جمال الموهبة وقوة الإبداع؟. أسئلة كثيرة سوف استخدمها كمحاور في طرح التحليل النفسي للمبدع أبو تريكة.
أبو تريكة يملك الكارزما وحقق نجاحات مدوية كلاعب في المنتخب وناديه.. بقي في مصر ولم يحترف فتحول إلى أسطورة ومعشوق الجماهير بجانب الكلام عن تدينه ودماثة أخلاقه ومساهمته في أعمال الخير. كل هذا الأشياء من عناصر الجذب والانتباه والحب.. فالناس كما تقول كتب علم النفس الاجتماعي تعشق الناجح والمشهور والبشوش والموهوب والمبدع.
فأبو تريكة لم يترك بلده وناديه برغم كل عروض الاحتراف التي عرضت عليه وفي مصر تنتشر مقولة احنا شعب متدين بطبعه فوجد علامة الصلاة في وجه أبو تريكة ووجدوه يسجد بعد كل هدف. فقلده زملاؤه فلقب المنتخب في أغلب الصحف والمواقع الرياضية بمنتخب الساجدين. كل هذه المقومات جعلت أبو تريكة النموذج والقدوة الذي يحلم به كل طفل يلعب كرة القدم. وأصبح قميص أبو تريكة الأكثر مبيعا.
أثناء كل هذا لم يلتفت أي أحد إلى الانتماء السياسي لأبو تريكة. فقبل ثورة 25 يناير كانت الكرة هي المسيطرة والمحور الأساسي لاهتمام الشعب المصري. لكن بعد 25 يناير تغير الحال فحلت السياسية مكان كرة القدم. و بدأت بعض البرامج الرياضية تناقش مواضيع سياسية. وبدأ لاعبو الكرة يعلنون عن انتمائهم السياسي وأول من أعلن ذلك أبو تريكة لأنه ذكي اجتماعيا ويعرف مقومات الشهرة وكيف تزيد من شعبيتك ويوجد تصريح منسوب لأبو تريكة في أحد المواقع الإلكترونية، في أول تعليق له على الأحداث التي جرت في مصر مؤخرا" أعرب محمد أبو تريكة نجم النادي الأهلي والمنتخب الأول عن سعادته بثورة 25 يناير واصفا إياها بأنها كانت خير تعبير عن طموحات وأحلام شباب مصر. وكشف أبو تريكة في تصريحات خاصة لـ "العربية نت" عن مفاجأة من العيار الثقيل بإعلانه إنه كان ينوي المشاركة في المظاهرات من بدايتها ولكنه فضل الظهور في وقت متأخر لكي لا تسلط عليه الأضواء بدلا من الأبطال الحقيقيين للثورة".
ودافع تريكة عن الاتهامات التي وجهت لبعض لاعبي الكرة بأنهم كانوا ضد الثورة ولذلك لم يظهروا فيها بقوله: "هذا اعتقاد خاطئ لأن هناك اجماعا لدى نجوم الكرة بأن الثورة أعادت تصحيح الأوضاع وكانت نقطة فاصلة في تاريخ مصر". وتابع: "حتى من خرج في مظاهرات تأييد مبارك كان يعبر عن تأييده لشخص الرئيس وليس نظامه". وعن التخوفات المثارة حاليا حول مستقبل منتخب مصر في التصفيات الأفريقية واقتراب مواجهته الحاسمة مع جنوب أفريقيا بعد الظروف التي شهدتها البلاد، أكد نجم الترسانة السابق أن غير قلق بالمرة على مستقبل الفراعنة.
وأضاف تريكة: "ثورة الشباب ستمنحنا دفعة معنوية كبيرة لإعلاء اسم بلادنا وتكملة المشوار بنجاح بغض النظر عن الظروف الصعبة التي مرت بها البلاد. أنا وزملائي في المنتخب سنقاتل لبلوغ نهائيات أمم أفريقيا، لأنه لا يجوز لحامل اللقب أن يتغيب عن البطولة. واختتم أمير القلوب حديثه بالتعليق على توقف الدوري المصري حيث أكد أنه ربما يمثل ضررا للفرق المشاركة بالبطولة، لكن في النهاية فإن هناك إجماعا لدى اللاعبين والأجهزة الفنية وإدارات الأندية أن مصلحة مصر فوق الجميع".
جدير بالذكر أن أبو تريكة لم يعلق على أحداث الثورة نهائيا وبدا بعيدا عن الصورة تماما عن ظهوره في صلاة الجمعة بميدان التحرير في اليوم الذي أعلن فيه عن تنحي الرئيس السابق مبارك عن منصبه لينك الخبر
http://www.gn4me.com/gn4me/details.jsp?artId=3910144
ولأن الرأي العام السائد في هذا التوقيت كان مؤيدا لثورة 25 يناير فزاد تعلق الناس بأبو تريكة أكثر ووجدنا أبو تريكة يساند أهالي شهداء مذبحة بورسعيد وأعلن أنه اتخذ قرارا بالاعتزال النهائي. وقبل انتخابات الرئاسة أعلن أبو تريكة دعمه لمرسي كما ذكر حزب الحرية العدالة المنحل. ووجدنا صور أبو تريكة في أكثر من لقاء مع مرسي لم يكن أبوتريكة وحيدا من بين لاعبي كرة القدم الذي أكدت الصفحة دعمه لرئيس حزب الحرية والعدالة حيث كان معه، ربيع ياسين وجمال عبدالحميد وهادي خشبة ومحمد رمضان ومحمد حمص وغيرهم.
ولكن لأن أبو تريكة هو المعشوق والقديس كما لقبه الجماهير اتجه قطاع كبير من جماهير النادي الأهلي لانتخاب مرسي. وهذا أيضا كما تقول مراجع علم النفس الاجتماعي والتسويق السياسي له تأثير نفسي في إقناع الناس فالجمهور يقتنع بالمشاهير ورأينا كيف يستخدم الحزب الجمهوري والحزب الدمقراطي في الانتخابات الأمريكية الرياضيين في الترويج لهم. رغم كره نسبة كبيرة من جماهير الأهلي لفترة حكم الجماعة ومرسي إلا أنهم لم يستطيعوا كره أبو تريكة وكانوا يعاتبونه فقط ولكنه في قلبهم ومنزلته عندهم نفس المنزلة.
ثم جاءت ثورة 30 يونيو وكان رد فعل أبو تريكة معارضا لها ورفض استلام ميدالية التكريم في نهائي أفريقي من طاهر أبو زيد وزير الرياضة بعد ثوة 30 يونيو لعدم اعترافه بدولة ولا النظام بعد ثورة 30 يونيو هذا ما ذكره الناقد الرياضي عمرو الأيوبي رئيس القسم الرياضي في اليوم السابع. وظل أبو تريكة أبرز وأهم معارض رياضي من حيث الجماهيري والتأثير للنظام. ولكن أبو تريكة خانه الذكاء الاجتماعي هذه المرة. لأنه اختار أن يعارض وينافس من هو أكثر من شعبية وشجاعة ونجاح كاريزما وقوة وهو الرئيس السيسي قائد ثورة 30 يونيو وصاحب الفضل الأكبر في نجاحها. لذلك بدأت الجماهير لا تعطي أبو تريكة نفس الاهتمام لأول مرة للسياسي النجم الذي طغت نجوميته وأعماله على أي نجم آخر.
فقبل ثورة 25 يناير و30 يونيو كان نجوم الكرة أشهر وأكثر شعبية من نجوم السياسة ولكن السيسي غير هذه النظرية. وخاصة بعد هزائم المنتخب الثقيلة وإخفاقه في الصعود لكأس العالم وكأس الأمم الأفريقية. جعل أبو تريكة يفقد بعض الشعبية وشجع هذا الكثير من الإعلاميين مهاجمة أبو تريكة في برامج التوك الشو والتحريض عليه. قلت شعبيته قليلا ولكنه لا يزال بطلا في أعين ملايين الناس.
سؤال أطرحه لماذا تم اختيار هذا التوقيت لإعلان التحفظ وهل تدرك وتعي الحكومة رد فعل عشاقه. وهل تدرك الحكومة أن الرياضي النجم المعارض ممكن أن يكون قويا في مواجهة الدولة وأن هذه المواجهة ممكن أن تخلق منه بطلا أكثر ويحقق شعبية أكثر لأنه سوف يتحدي وطبيعته كلاعب محترف سوف تجعله لا يرفض التحدي.
وكان أول تعليق على حسابه الرسمي في فيس بوك قال "تريكة" في تغريدة على حسابه الرسمي عبر موقع "فيس بوك": "نحن من نأتي بالأموال لتبقى في أيدينا، وليست في قلوبنا تتحفظ على الأموال أو تتحفظ على من تتحفظ عليه لن أترك البلد وسأعمل فيها وعلي رقيها".
و هنا نذكر موقفا لمعارض رياضي كمحمد على كلاي وفى عام 1967، وفى قمة انتصاراته في عالم الملاكمة كانت الولايات المتحدة متورطة حتى أذنيها في حرب فيتنام، فتمَّ سحب اللقب منه بسبب رفضه الالتحاق بالخدمة العسكرية في جيش الولايات المتحدة، اعتراضًا منه على الحرب بشكل عام، وأحيل محمد على كلاى إلى السجن وتمَّ إلغاء رخصة الملاكمة، وتمَّ تجريده من بطولة العالم في الملاكمة، ولكن بعد أربع سنوات ألغت المحكمة العليا قرار إدانته، وقالت في حكم جديد: ”إن رفضه لأداء الخدمة العسكرية لم يكن بدافع جُرمى، وإنما يتماشى مع تعارض الحرب ومع قناعة ضميره كونه يدين بالإسلام.
كلاي كان شعبيته جارفة وتفوق أبوتريكة بمراحل فكلاي عالمي وأبو تريكة محلي أو إقليمي وكلاي كان مستمرا في اللعب ولكن أبو تريكة اعتزل والجماهير كما قلت تعشق القريب منها وليس البعيد. الخلاصة توقيت إعلان التحفظ غير مدروس. وسوف يسبب أزمة وحالة الاحتقان خاصة الألتراس الشباب المندفع والمتحمس دائما وفي حالة صراع مع السلطة. فنتوقع أن نري تظاهرات بها عنف في الأيام القادمة وتحطيما لبعض المنشآت الرياضية ولكن سوف تمر الأزمة سريعا لأني كما قلت لكم أبو تريكة معتزل.
نقلا عن فيتو