الخميس ٢١ مايو ٢٠١٥ -
٠٩:
٠٦ م +03:00 EEST
مرسي
بقلم : عساسي عبدالحميد – المغرب
بالأمس خرج العشرات من الاسلاميين بالعاصمة المغربية الرباط، يتقدمهم قياديو الحزب الاسلامي الحاكم " حزب العدالة والتنمية " ببرلمانييه وكل أذرعه الموازية ( الذراع الدعوي "التوحيد والاصلاح" – شبيبة الحزب – الذراع الطلابي "التجديد الطلابي" ) في وقفة احتجاجية أمام البرلمان المغربي، تضامنا مع مرسي ومن معه ضد حكم الاعدام الذي أصدره قضاء السيسي في حقهم ، ورفع المحتجون شعار رابعة الشهير، ومعه شعارات عديدة تندد بالحكم الجائر وبالعسكر والسيسي الذي وصفته الشعارات بالصهيوني والانقلابي، وهذا صحيح، فالسيسي انقلابي لأنه خدع وانقلب على شركائه من خاطفي الثورة، فالعسكر المتمثل في عصابة المشير طنطاوي والمجرم سامي عنان، و غداة تسلم المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحكم بعد تنحية حسني مبارك اتفق مع تنظيم الاخوان الدولي باستعمال خبرته وحاضنته الشعبية و أنصاره الذين يعدون بالملايين لاقتسام الكعكة، و سحب البساط من شباب مصر ومناضليها الحقيقيين، ليستأسد العسكر في النهاية لوحده بالكعكة دون أن يترك لشركائه ممن تآمر معه ولو كرزة حمراء أو قطعة الفراولة الحمراء التي تزين الكعكة، بل أهداهم بذلة الموت الحمراء التي تؤثث لمشهد الاعدام الى جانب المشنقة و شاربي عشماوي وشيخ أزهري جليل يكون حضوره خصيصا لتلقين الشهادة لصاحبها وتثبيته و هو يغادر دار الفناء الى دار البقاء، والطبيب الشرعي الذي يفحص نبضات قلب الجثة، وسيارة الاسعاف الرابضة خلف غرفة الموت، وهي تنتظر نعش الضحية لتسليمها لأهلها .....
************************
هكذا استطاع العسكر بمصر خداع تنظيم الاخوان الدولي لكي يشارك معه في سرقة الثورة وأحلام الشباب المصري، ليعمل هذا العسكر على تهييج جزء من الشارع وتشجيعه على التظاهر ضد حكم الاخوان الذي فشل في خلق فرص الشغل للشباب واصلاح التعليم والقضاء على الفقر، و فشل في خلق تنمية مستدامة تساعد على اقلاع اقتصادي، فكان الاحتقان الشعبي والتظاهرات اليومية ذريعته للانقضاض على السلطة، ثم بعدها حاول السيسي اقناع المصريين بأنه تخلى عن بزته العسكرية، ليقدم نفسه كمرشح للانتخابات الرئاسية، ثم جاء الحكم على مرسي ومن معه بالاعدام وأحيلت أوراقهم على مفتي الجمهورية بتهمة التخابر مع جهات أجنبية والهروب الكبير من سجن وادي النطرون ....(ثم ، لماذ لم تحرك المسطرة القضائية في قضية الهروب الكبير ابان فترة حكم مرسي ؟؟ سؤال بريئ !! )
*****************
السلطات المغربية سمحت بالتظاهرة التي تقدمتها أطر و قيادة الحزب الاسلامي الذي يقود الحكومة المغربية اليوم بتحالف مع أحزاب الادارة و شيوعيي دار المخزن، بل هي من شجعتهم على ذلك، في حين منعت تظاهرة أخرى في الأسابيع الماضية نظمها شباب مغربي جاء قبالة البرمان هو كذلك ليحتج على مشاركة المغرب في العدوان على الشعب اليمني الذي يقوده النظام السعودي الابليسي بأمر من المجرم الكبير باراك أوباما في اطار المشروع التدميري لمنطقة الشرق الأوسط ...الحرب على اليمن السعيد والبعيد كل البعد عن سطات وبرشيد ، عن حدودنا بصفة عامة كلفت الشعب المغربي شابا مغربيا ربان طائرة F 16 (" الطيار ياسين بختي ) ، عادت أشلائه الينا بعد أن سلمها لنا عبر الصليب الأحمر مقاتلو أنصار الله، أو ما يصطلح على تسميتهم اختصارا بالحوثيين، في بادرة تنم عن الطيبة ونخوة الفرسان من طرف أبناء و أحفاد سبأ وذي اليزن ، ولو قدر لا سامح الله لطائرة مقاتلة مغربية مشاركة في الغارات الجوية على تنظيم داعش بالعراق وسوريا السقوط ووقوع أشلاء ربانها بين الدواعش لأحرقوا الجثة بالكبريت الأزرق أو لساوموا السلطات المغربية على أشلاء و مصارين مفتتة مقابل اطلاق دواعش معتقلة بالسجون المغربية، وهذا ما لم يفعله المقاتلون اليمنيون المتحصنون بجبالهم المدافعون عن وطنهم من غرانيق آل سعود لأنهم أبناء أصول عكس مجرمو داعش الخارجين من عبائة السعودية والراضعين من ثدي الوهابية والذين قاموا بحرق الطيار الأردني معاد الكساسبة حيا لأنهم لقطاء وقطاع طرق ....نعم عادت أشلاء الطيار المغربي بعد أن اسقطت طائرته فوق جبال صعدة بنيران الحوثيين، ووقوع أشلاءه بين أيدي اليمنيين لتعود الى أرض الوطن عبر دولة جيبوتي،بعد أن قطعت باب المندب لتطوف فوق أجواء أقطار وأمصار، نعم هكذا كان القدر، والمسكين الذي ندعو له بالرحمة والمغفرة والصبر والسلوان لأهله وذويه، كان هو من تطوع عن طيب خاطر وطلب المشاركة دفاعا عن مكة، كما جاء على لسانه وقد شاهدناه في مقطع فيديو قبل أن يحين أجله وهو يقوم بمناسك العمرة قبالة الكعبة (....)
************
الحديث عن الكيل بمكيالين هو من جرنا للحديث عن هذا الشاب المغربي الذي شاء القدر أن يقضي نحبه على بعد آلاف الأميال، والسماح بتنظيم مظاهرة أو وقفة احتجاجية يقودها أعضاء من الحزب الاسلامي الحاكم ومنع تظاهرة تحتج على العدوان الهمجي على شعب اليمن هو من ساقنا للحديث عن حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل ، ولم يقتصر تصرف السلطات المغربية عند حد المنع، بل تعداه لتعنيف وضرب المحتجين على مشاركة المغرب في العدوان السعودي الآثم على اليمن .....ولن تتوانى دولتنا على ارسال آلاف الشباب للحرب الطاحنة التي بدأ التسخين لها بين المعسكر الشيعي بقيادة ايران والسني بقيادة السعودية واسرائيل ....بيد أن الحرب الحقيقية التي يجب أن ننخرط فيها دون هوادة هي الحرب على الفقر والخصاص والظلم والفساد والجهل، فجامعاتنا بعيدة عن التصنيف الدولي، وتعليمنا يتذيل المراتب الأخيرة وقس على ذالك في جميع القطاعات الأخرى التي تعاني من أعطاب لا حصر ولا عد لها، من صحة وسكن وفلاحة ورياضة" ( نحن بلد يقال عنه فلاحي ونستورد القمح- والزيت –والسكر وكلها مواد أساسية ) ، وتكفي شهادة وزير الصحة المغربي في عدد المغاربة المكتئبين والمنتحرين والمعانين من أمراض نفسية معقدة، ولنضف الى ما قاله الوزير المغربي عدد المغاربة الهاربين على متن قوارب خشبية قاصدين أضواء أوربا هربا من جحيم الفقر والخصاص، وكذلك المتوجهين صوب تنظيم الدولة بالعراق والشام لمبايعة الخليفة المسلم " شمعون ايلوط "
**************
وان كان ثمة تفسير لتصرف السلطات المغربية ، أي الكيل بمكيالين، فهو أن القصر الملكي ما زال بحاجة للإسلاميين لتدبير المرحلة المقبلة، فلدى الاسلاميين كتلة ناخبة تمنح حزبهم الصوت الانتخابي في ظل العزوف الكبير في المشاركة الانتخابية ، والمغرب في حاجة الى طوابير المصوتين الهاتفين الفرحين في احتفاليات عفوية أمام الكاميرا والقنوات الدولية توخيا للاشعاع، وصورة دولة الحق والقانون، وصورة الصندوق الزجاجي الشفاف الذي يفرز البرلمان والحكومة التي تنصب لتأخذ صورة تذكارية مع جلالة الملك توثق للحدث، وهذه الأصوات الانتخابية التي يراهن عليها هذا الحزب الاسلامي ذو المرجعية الوهابية مكونة من مواطنين ما زالوا مخدوعين يؤمنون بالأصل التجاري الذي هو الدين والذي يستثمره الاسلاميون بالمغرب في بورصة السياسة بذكاء وتوجيه ودعم من دار المخزن....
**************
ولهذا سمحت السلطات المغربية للإسلاميين بالتظاهر والوقفة أمام البرلمان المغربي، لنعت عبد الفتاح السيسي بالمجرم والصهيوني والانقلابي الذي حز بمنشاره فرعا عائبا من فروع دوحة تنظيم الاخوان الدولي، والاسلاميون المغاربة فرع من فروع هذه الدوحة الذي أينع و أثمر ، وهذا الفرع مازال النظام المخزني المغربي بحاجة اليه في المرحلة الراهنة في أفق تسمين حزب سلفي وفق توجيهات السعودية بقيادة "محمد الفزازي" الذي كان محكوما عليه بالسجن ل 30 سنة سجن نافذة على خلفية أحداث الدار البيضاء الدامية ماي 2003 ، ليخرج على اثر عفو ملكي ، وليسطع نجمه وتكبر حضوته لدى النظام المخزني ، وليتشرف في امامة الملك في صلاة جمعة والقاء خطبة بتراء بين يديه ، والسلفيون سواء بمصر أو المغرب هم جوكير المرحلة المقبلة لتأطير الأمن الروحي لدى المسلمين السنة الذين ترى فيهم السعودية متراسا وحائط صد للمد الشيعي الصفوي ، وحاضنة ولودة للمدافعين عن بلاد الحرمين من أطماع أبي لؤلؤة المجوسي وأماني أحفاد سدنة النار بالحوزة الايرانية ...الأشقاء بالسعودية والامارات الذين لا يبخلون بمساعداتهم المالية على المغرب لا يرغبون في رؤية هذا الحزب الذي يقود الحكومة المغربية اليوم، والذي يرون فيه رديفا له الكثير من الشبه مع حزب مرسي ، ولهذا يعمل النظام المخزني على ارضائهم للتخلص من هذا الفرع، لكن عبر مراحل تجنبا للصدمة والاعراض الجانبية وليكن هذا التخلص بطريقة ناعمة لا يشعر بها أنصار الحزب تجنبا لأي مصيبة وحفاظا على سلامة البلد وفق الاستثناء المغربي حتى يكبر وينمو الحزب السلفي ليحل محل الحزب الاخواني التي ستعمل دار المخزن على تحنيطه و التخلص منه نزولا عند رغبة الأشقاء بالسعودية ....
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع