د. ممدوح حليم
يعد يوم 5 يونيو من عام 1967 ، نقطة مفصلية نحو الأسوأ وبداية لتدهور الأوضاع في مصر بصورة جعلتها تفقد ريادتها كدولة رائدة في الشرق الأوسط، وقد طال التدهور كافة نواحي الحياة، على أن هذا التدهور حدث بصورة تدريجية ليصل إلى ذروته في منتصف السبعينات.
في ذلك اليوم المشئوم احتلت إسرائيل سيناء كلها وتقهقر الجيش المصري إلى غرب القناة، وقد فقدت مصر خلال 6 أيام هي عمر الحرب نحو 30 – 40 ألف شهيد، بالإضافة إلى آلاف المصابين.
ولقد أدت الحرب إلى تهجير سكان مدن القناة إلى محافظات أخرى الأمر الذي شكل ضغطا اجتماعيا ونفسيا واقتصاديا على قطاع كبير من المصريين سواء المهاجرين أو المهجّر إليهم.
وكان الرئيس جمال عبد الناصر قد أعلن قبل ذلك اليوم أن هدف مصر إلقاء إسرائيل في البحر وقد طلب من القوات الدولية المرابضة على الحدود مع إسرائيل منذ عام 1956 مغادرة المنطقة كما قام بإغلاق المنافذ البحرية على إسرائيل .
اعتبرت إسرائيل الأمر تهديدا بالحرب فقامت باحتلال سيناء خلال أيام، وهكذا وقعت الكارثة التي مازلنا نعاني من تبعاتها ونتائجها حتى يومنا هذا. ولقد وقف قطاع كبير من الدول مؤيدا لإسرائيل باعتبارها حرب استباقية، على أن القانون الدولي لا يبيح احتلال أراضي الغير خلالها.
لقد أخذ اليهود – حسبما اعتاد المصرون أن يقولوا على الإسرائيليين - كلام عبد الناصر بأنه يريد إلقاء إسرائيل في البحر مأخذ الجد بينما اعتاد المصريون أن يقولوا ما لا يفعلون، وهكذا تسبب قول وأمور أخرى في حدوث كارثة مصرية.
انهزم الجيش المصري ومعه الشخصية المصرية، وضاعت الأحلام وفقدت مصر كبرياءها وقواها الاقتصادية والسياسية وتدخلها في الأحداث الدولية وتوقفت عجلة التنمية. انشغلت بالاستعداد لتحرير سيناء، وصار الشعار " لا صوت يعلو على صوت المعركة" وتحول الاقتصاد إلى ما عرف بالمجهود الحربي.
توقف الدوري الكروي وحفلات أم كلثوم وكان كلاهما جزءا مهما في حياة المصريين آنذاك وسادت مسحة من الحزن في مصر كلها. وبدأ المنحنى في التدهور، الأمر الذي سندرسه في حلقات قادمة.