بقلم / حنان بديع ساويرس
كُلما أرى مَشهَد طرد الأقباط من قُراهم ومَنازلهم على أيدى مُتطرفى وعاطلى القرية بعد أن يتجمعوا بشكل غوغائى حول مَنازل الأقباط لطردهم وكأنها بلدهم هم فقط دون سائر الأقباط وكأنهم هم أصحاب السيادة والأمر والنهى فى البلد وهذا بمبدأ أنا الحكومة !! ، وكأن أقباط القرية نزلوا عليهم من كوكب زُحل فجأة وعلى حين غُرة !! كلما دار بمَخيلتى المَشهد الشهير من فيلم "التوبة" التى تم إنتاجه فى خمسينيات القرن الماضى وقد تجمع فيه أهل القرية حول منزل "عماد حمدى" بطل الفيلم لطرد " صباح " والتى كانت تُغنى فى المَوَالد وإضطرتها الظروف للمَبيت مع أطفاله فإلتفوا حول المنزل يهتفون " الغازية لازم تنزل " وكُنت ساذجة عندما تخيلت أن هذا المشهد ضرب من ضروب الخيال لكن واضح أن أهل الخبرة من كُتاب زمان كانوا أدرى لما يحدث بمصر فكان المَشهد مُصغر لما يحدث للأقباط الآن .
قررت أن أخاطب الرئيس السيسى مُباشرة والذى إخترته رئيساً بمَحض إرادتى الحرة .. نعم لن أخاطب اليوم رئيس الوزراء أو وزير الداخلية بل سأوجه كلِماتى إلى سيادتكم بشكل شخصى ، لأنك من وعدتنا بالمُساواة فى المواطنة وإقامة العدل فى البلاد ، لذلك سؤالى لك اليوم .. لماذا يُطرد الأقباط من مًنازلهم ؟!!نعم يُطردون ولن أستخدم لفظ التهجير لأنهم ليسوا بطيور، بل مواطنون ، رغم أن حتى الطيور تُهاجر ولا تُهَجَر أى تترك موطنها بمَحض إرادتها وقتما تشاء .. وإجبار مواطن على ترك موطنه ومَسقط رأسه ورأس آباءه وأجداده وأولاده يعنى الدمار والخراب بعينه ، فالطيور لن تترك شئ وراءها أما المواطن فسيترك كل شئ ليَستعَطى ويَتَسول فى الطُرقات وبأمر مَن " بأمر البلطجية والمُرتزقة !! فالأقباط مواطنون قد يُخطئ منهم من يُخطئ وقد يُصيب منهم من يُصيب لكن فى النهاية هم مُواطنون مصريون لهم حقوق وعليهم واجبات ومن حقوقهم الآن على الدولة المصرية أن تحميهم هم ومُمتلكاتهم وأعراضهم وأبناءهم من أيدى العابثين ... فقد إنزعجت بشدة عندما علمت بأمر طرد ستة عائلات مسيحية من منازلهم ببنى سويف مركز الفشن بقرية " كفر درويش" فهذه الأمورعندما كانت تحدث فى السابق كُنا على دراية بأسباب حدوثها سواء فى عهد مُبارك أو الإخوان لكن أن تحدث بعد ثورة 30 يونيو فهذا شئ يستدعى القلق والتوقف عنده !!
• فقد يخرج علينا من يقول أن هذه فتنة إخوانية وربما يكون هذا صحيح .. لكن ما معنى أن يُطردوا تحت مَرأى ومَسمع من رجال الأمن وكما تردد فى وسائل الإعلام المُختلفة أنه حدث بعلم من مدير الأمن !!!!! بل الطامة الكُبرى هى أن عُمدة القرية يقوم بإبتزاز الأقباط ويُساومهم على دفع مبلغ رُبع مليون جنيه إما عدم خروجهم أمنين .. والأدهى أن يقوموا بجلسة عُرفية بحضور مُدير الأمن ومُدير المَبَاحِث ورئيس المَبَاحِث الجِنائية للقرية والعُمدة ووصلوا لقرار الا وهو أن ترحل الأسر من القرية وكأنهم لاجئين والدولة قررت طردهم وهذا بحجة حمايتهم !!
• فرجال الأمن الذين ضاقت بهم السُبل فى حماية المواطنين ولم يجدوا حل سوى طرد الأقباط ليُربوا وحوش تفترس دولة القانون وتفترسهم مُستقبلاً فليتقدموا بإستقالتهم لأنهم لم يَستطيعوا أن يقوموا بدورهم المُخَوَل لهم بل ولأنهم متواطئين مع المُجرمين والمُتطرفين بلا أدنى شك .
• وقد يخرج علينا أيضاً من يقول أن أبن أحد الأسر المَطرودة إزدرى الإسلام .. وهنا أقول أننا فى دولة المفروض أنها تحترم القانون ومن أخطأ يُعاقب بالقانون .. فمن أُثبت عليه الإزدراء فليُعاقب بقانون الدولة وليس بقانون الغاب لكن فى هذه الحالة يجب أن يُعاقب أيضاً كل من يزدرى المسيحية لا سيما أن هذا يحدث يومياً و جَهراً بالصوت والصورة وليس بعمل إعجاب " لايك " على الفيس بوك ، فلم نسمع عن شخص تم مُعاقبته بإزدراء المسيحية أو تهجير أسرته بل وكل جيرانه مِمَن ينتسبون لدينه ... فإلى متى يتم تلفيق تهم الإزدراء للأقباط وتدمير مُستقبلهم بسبب هذه الإتهامات المُستحدثة الذى يستخدمها كل من يريد التخلص من جاره أو زميله فى العمل أو مُنافسيه فى التجارة من الأقباط !!!
• وإلى متى يتجمع المواطنون من مٌسلمى القرية أو الحى أمام منازل وكنائس مواطنين مسيحيى الديانة لطردهم تحت مُسمى التهجير ؟!!!
• وإلى متى يحدث فى مصر جلسات عُرفية لطمس حق الأقباط ومُساومتهم على ترك حقوقهم بل ترك مَنازلهم ومُمتلكاتهم مُقابل تركهم على قيد الحياة ؟!!!
• وإلى متى تستمر عنصرية بعض رجال الأمن فلم تمر أيام قلائل على مَقتل فتاة المُقطم التى تركت طفلين لليُتم على يد أحد رجال الشرطة الذى إعتاد على سب الأقباط بدينهم وترويعهم بشهادة العديد من أهالى المَنطقة هناك الذى جاء ليَطلق نيرانه العشوائية فى وجوه الأبرياء بعد إنتهاء مُشاجرة بين عائلتين مَسيحيتين وقرر هو إشعالها من جديد بعد أن نجح أهالى المنطقة فى تهدئتها كما أكد شهود العيان ذلك أيضاً !!!! ومع ذلك قام بحمايته أحد قساوسة المُقطم قبل أن يفتك به الأهالى الغاضبون على سفك دماء أبنتهم الشابة ذات الخامسة والعشرون ربيعاً والتى أخترقت الرصاصات رأسها دون ذنب أقترفته سوى تعصب مَقيت أعمى من رجل يُدعى أنه رجل أمن !!!!
• يُرجى سيادة الرئيس تطهير الداخلية من مُتطرفيها ومن إخوانها وسلفييها ... فما ذنب البسطاء فى تكوينهم الفكرى، ولا نتمنى أن تعود الأسر لديارها فقط فحسب بل لا نريد تكرار هذا المَشهد البغيض مرة آخرى فى مصر ، فلم يُنسىَ لك سيادة الرئيس موقفك الخالد وثأرك لشهداء ليبيا الأقباط ولم يُنسى لك أيضاً زيارتك الرائعة للكاتدرائية عندما فاجأت الجميع بهذه الزيارة فى عيد الميلاد لتُقدم رسالة للجميع بإعلاء دولة المواطنة ، لكن من الواضح أن رسالتك هذه لم يفهمها أو تجاهلها بعض رجال الأمن لذلك لن أخاطب أحد سواك لأنه يبدو أن رسالتك لم تستهوى الكثيرين لكن أيضاً أثق كل الثقة فى مَقدرتك على تحقيقها لأن الأقباط ليسوا بغازية ورغم أن الغازية فى الفيلم لم تقترف ذنب تُطرد من أجله لكنها فى النهاية كانت دخيلة على البَلدة وليست من أهلها ولم تُطرد من موطنها ، فربما نلتمس المَعذِرة لطارديها لكن يبقى السؤال مُلح ودون إجابة لماذا يُطرد الأقباط من بَلدهم ؟؟؟!!!