عندما أقرأ عناوين مقالاتى فى «المصرى اليوم» فى الأسابيع الماضية أشعر بالكآبة والألم الذى كان يعتصر الأمة العربية كلها وفى القلب منها الشعب المصرى سواء لأسباب إقليمية أو محلية لن أعيد ذكرها هنا لكى لا أبث مشاعر الألم من جديد.
ولكن وبأمانة وبغير مبالغة أشعر بحادثين مرا على الشعب المصرى خلال الفترة القليلة الماضية كانا مصدر كثير من السعادة والشعور بالأمل. ومما يضاعف من الشعور بالسعادة أن الحادثين كل منهما له طبيعته الخاصة. أحدهما دينى تاريخى والثانى وطنى معاصر وكلا الحادثين مفرح ورائع. أو هكذا أحسست وشعرت وأعتقد أن ملايين كثيرة من ذوى المشاعر الطبيعية شاركونى ويشاركوننى نفس المشاعر.
أما المناسبة الأولى التى حضرتها فكانت «ذكرى زيارة الأسرة المقدسة إلى مصر» «السيدة العذراء مريم وابنها السيد المسيح عليه السلام» وقد جرى الاحتفال بهذه المناسبة التاريخية بكنيسة «أبوسرجة» مجمع الأديان بمصر القديمة وكان الاحتفال تحت رعاية الأنبا تواضروس الثانى، بابا الكنيسة القبطية المصرية، الذى أكن له كل تقدير واحترام وأشعر فى كلماته بالوطنية الصادقة وبالانتماء العميق إلى أرض هذا الوطن. ونعود الآن إلى رحلة العائلة المقدسة من أرض فلسطين هرباً من الإمبراطور الرومانى الطاغية هيرودس، الذى كان يريد أن يقتل «الطفل» السيد المسيح عليه السلام حتى لا يتزعزع عرشه.
وتقول بعض الوثائق القديمة إن دخول العائلة المقدسة إلى أرض مصر كان فى الرابع والعشرين من شهر بشنس «أحد الشهور القبطية»، وكان السيد المسيح عندئذ ابن عامين. وأنه أقام فى الكنيسة التى جرى فيها الاحتفال الذى قدر لى أن أحضره بدعوة كريمة من قداسة البابا الأنبا تواضروس الثانى.
ويروى أن القديس «يوحنا ذهبى الفم» قال «هلما إلى برية مصر لتروها أفضل من كل فردوس – وشعوب من الشهداء وجماعات من البتولية».
«لقد تهّدم طغيان الشيطان وأشرق ملكوت المسيح ببهائه».
ويقال إن رحلة العائلة المقدسة من فلسطين بدأت من بيت لحم متوجهة إلى مدينة أريحا ومنها إلى غزة ثم العريش.
والمرحلة الثانية من الرحلة كانت عبر الدلتا.
والمرحلة الثالثة عبر وادى النطرون. ويوجد فى وادى النطرون عدة أديرة، لعل أهمها هو دير أبومقار، كذلك دير القديس الأنبا بيشوى.
والمرحلة قبل الأخيرة فى الرحلة كانت عندما وصلت العائلة المقدسة إلى مشارف القاهرة الكبرى، ومن أهم معالم هذه المرحلة «كنيسة أبوسرجة» التى تم فيها الاحتفال الذى تحدثت عنه وألقيت فيه بعض الكلمات المناسبة تحية للمكان وذكراه وكانت هناك فرقة إيطالية عازفة جاءت خصيصاً من إيطاليا لتحضر هذه المناسبة المباركة.
أما بعد ذلك فقد انطلقت رحلة العائلة المقدسة لكى تأخذ مركباً شراعياً فى النيل عند الكنيسة الموجودة بالقرب من مدخل المعادى والتى كتبت عنها مرة أنها من أجمل الأماكن التى أحس فيها بهدوء وصفاء نفسى.
ومن هناك قطعت العائلة المقدسة رحلتها الأخيرة إلى أن وصلت إلى دير «المحرق» حيث مكثت فيه عدة أشهر كما تقول الروايات ثم من هناك إلى درنكة فى جبل أسيوط وقد تحول هذا المكان ليصبح ديرا عظيما باسم دير العذراء مريم.
وبعد ذلك وبعد عدة سنوات بدأت رحلة العودة من جنوب مصر إلى أرض فلسطين.
أرجو أن تكون ذكرى هذه الرحلة للعائلة المقدسة هى إيذان بمقدم السلام إلى أرض السلام أرض مصر، التى قال عنها السيد المسيح عليه السلام «مبارك شعبى مصر».
ويتصل بهذه الفرحة أننا سنستقبل شهر رمضان الكريم بعد أيام أرجو أن يكون شهراً للعبادة والعمل لا شهرا للأكل والكسل.
هذه هى الفرحة الأولى التى تحدثت عنها فى صدر هذا المقال.
أما الفرحة الثانية فقد كانت بغير شك فى 30 يونيو2013 عندما أزيح حكم الفاشية الدينية بثورة شارك فيها أكثر من ثلاثين مليون مصرى. وأظن أننى كنت على ذلك من الشاهدين.
ثم بدأت خريطة الطريق، حيث وضع الدستور ثم انتخب رئيس الجمهورية الذى استطاع فى فترة السنة الأولى من حكمه أن يعيد لمصر مكانتها فى العالم الخارجى. يكفى أن نرى الرحلة الأخيرة إلى ألمانيا والمجر وما تم فيهما.
وقد أريد أن أختم هذا المقال بأن أتوجه بالتهنئة والتحية إلى السيد رئيس الجمهورية وأقول له لقد اختارك الشعب المصرى لأنك أحببته ولأنه يحبك، وهذا أمر واضح للغاية لا ينكره إلا كل مكابر.
وأقول لك أيضاً إن إنجازاتك الخارجية فاقت كل التوقعات ولكن الداخل يريد اهتماماً أكثر.
إن الفساد فى الجهاز الإدارى وغلاء الأسعار الذى يأكل دخول الناس هما أخطر على مصر من إرهاب الإخوان الذى يؤذن بالزوال قريباً بإذن الله.
وسينصر الله مصر.
والله المستعان.
نقلا عن المصري اليوم